جديد 4E

كي لا يُفرّغ من محتواه

حسين صقر

منذ صدور القانون رقم ٨ لعام ٢٠٢١ في العشرين من شباط الماضي، والحديث في الشارع يتفاعل بشأنه، حيث يراه البعض فرصة لمن يريد البدء بمشروع صغير يحقق له جزءاً لا بأس به من الاكتفاء الذاتي، بينما يرى البعض الآخر أن مبلغ القرض قد لا يسد حاجة أو تكاليف المشروع المراد تأسيسه، حتى لو كان التمويل الذي يقره القانون المذكور خاص بالمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، ولاسيما أن هناك كلف كثيرة يمكن أن تخلق وهي ليست في الحسبان، نظراً لتقلبات السوق.

في العموم تحتاج أي دولة، سواء كانت نامية أو متقدمة، إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتشارك في نمو اقتصادها عن طريق القطاع الخدمي والمساعدة في القطاع الصناعي أيضاً، وتظهر أهمية تلك المشروعات في أنها العصب الرئيسي للاقتصاد مهما بلغ من القوة، وذلك لأنها تتميز بقدرتها العالية على توفير فرص العمل، بأقل رأس مال ممكن، لبدء النشاط فيها، كما تتميز بقدرتها على توظيف العمالة نصف الماهرة وغير الماهرة، والتي يمكنها اكتساب الخبرة على مراحل.

وهذه المشروعات تعطي فرصة للتدريب أثناء العمل لرفع القدرات والمهارات، حيث تنخفض نسبة المخاطرة فيها بالمقارنة بالشركات الكبرى، ونظراً لطبيعة العمل الذي تنحصر به.

وهذه المشروعات تساهم في تحسين الإنتاجية وتوليد وزيادة الدخل، ولاسيما إذا علمنا  أنه وفقاً لبعض الإحصائيات أن نحو ٩٠ بالمئة من القطاع الخاص عبارة عن شركات صغيرة ومتوسطة تساهم بما لا يقل عن ٢٥ بالمئة على الأقل من الناتج الإجمالي المحلي وتوفر ما بين ٧٥ إلى ٨٥ من ذات النسبة من فرص العمل.

بالمقابل إذا كانت هناك نية لدى البعض للاقتراض وتأسيس مشروع فإن البعض يقول: يجب أن تكون هناك تسهيلات كبيرة بعيدة عن الروتين والأوراق وحصر كل الثبوتيات في نافذة واحدة كي يتسنى لمن لديه الرغبة بذلك الحصول على المبلغ المطلوب بأيسر السبل، وعدم تركه طعماً للابتزاز والمحسوبيات، لتكون النتيجة فيما بعد إفراغ ذلك القانون المهم من محتواه، وحصره بعدد قليل من الناس ليستخدموا تلك المبالغ لغايات أخرى لاتسمن ولا تغني من جوع، خاصة وأن قانون التمويل هذا صدر لدعم وتشجيع تلك المشروعات بشكل مباشر عن طريق إعطاء مزايا معينة للبنوك التي تعطي قروضاً لها.

فأهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر  تتزايد وتتعاظم، وحسب القراءات أنه في الدول التي رفعت من قيمة اقتصادها، حوّلت حديقة كل منزل إلى مزرعة صغيرة، وكل زاوية فارغة إلى ورشة خياطة، وكل ركن ضيق إلى محل لتصنيع القطع الإلكترونية، وبعضها الآخر تعرض للحصار، وقال نحتاج سنوات أخرى من ذاك الحصار،  حتى نستطيع تحقيق الاكتفاء الذاتي الحقيقي!  وهذا يمكن أن يكون مدعاة للتعجب فعلاً، لما أثبتته معدلات النمو المرتفعة والمحتملة لتلك المشروعات وقدرتها الفائقة على علاج ثلاث قضايا هامة مؤثرة بقوة في مستقبل أي دولة نامية، أهمها البطالة وتحقيق التنمية والقضاء اولاً بأول على ظاهرة الفقر، حتى أصبح قطاع المشروعات الصغيرة محلاً للاهتمام والدعم من قبل الأطراف الحكومية، والمؤسسات المالية والاقتصادية والبنوك والهيئات والمنظمات الاقليمية والدولية.

الأمر الآخر الذي يدل على أهمية هذه المشروعات والدور المهم الذي يمكن أن تلعبه ،ويسهم في عملية التنمية بجوانبها الاقتصادية والاجتماعية، هو توليد فرص عمل جديدة ولو كانت على نطاق ضيق، وإضافة بعض من رؤوس الأموال التي يمتلكها صاحب المشروع وتشغيلها.