جديد 4E

الإعلام …المركز و الأطراف

أحمد تكروني *

ما كتبه الزميل ديب علي حسن عن الإعلام والإعلاميين في زاوية له بجريدة الثورة عنوانها ” بحثا عن هيكل الصحافة السورية” وما تبع ذلك من تعليقات وإضافات من قبل زملاء أجلّهم واحترمهم جميعا حرضني على الكتابة حول هذا الموضوع والأسئلة التي طرحها الزميل ديب كقوله:

لماذا يضع البعض نفسه صنو شيء عابر يجعله تحت الأمر والطلب غير النزيه؟ وهلا تراجعت مدرستنا الصحفية؟ و…

القاسم المشترك بيني وبين الزميل ديب هو أن كل واحد منا أمضى في الإعلام ما يقارب على أربعة عقود من العمل والمتابعة.

غير أن المكان الوحيد الذي عملت فيه هو إحدى صحف المحافظات (صحيفة العروبة) و هذا هو بيت القصيد و الفارق الذي زاد من رغبتي لتناول الموضوع، فهو من جريدة مركزية (الثورة)  و أنا من صحيفة فرعية ، أي أنه من المركز وأنا من الأطراف، و ذلك ما زاد مرارتي على مرارته رغم كبر حجمها، فما هو مطلوب منه مطلوبا مني و من أي زميل أو زميلة في صحف المحافظات، والتي لا يجد أي رئيس تحرير من الصحف المركزية أو أي زميل غضاضة في نصح أي إعلامي شاب يرغب في العمل بصحيفة من صحف المحافظات بالقول له: لماذا راغب في قبر نفسك ودفن أحلامك في مثل هذه الصحيفة؟

الزملاء في الصحف المركزية ” بعضهم و ليس كلهم” ينظرون إلى زملائهم في صحف المحافظات كأنهم يحتاجون إلى كثير من التدريب والمعرفة و الإطلاع حتى يصلون إلى مستواهم من العلم و المعرفة، حتى لو كان لديهم سنوات طويلة من الخبرة، و أعتقد أن النظرة ما زالت قائمة و إن كانت بدرجة أقل.

ما يتقاضاه الزميل من تعويض على كتابة زاوية ما في صحيفة محلية لا يساوي ربع ما يتقاضاه زميله في صحيفة مركزية أو أقل، مع افتراضنا أن الزاويتين متساويتان في القيمة والحجم وإن كان الظلم واقعا على الاثنين معا.

العامل الفني القادم من دمشق لإصلاح عطل في جريدة بالمحافظات يأتي بنفسية الخبير الذي يأمر وينهي وقد يهدد بالعودة إلى المركز ليقول ما يرغب وهو صاحب القول الصدق عند ادارته.

أقول لزميلي ديب هذه هي حالة الإعلامي في تلك الصحف وهو يسمع أن فلانا من الإعلاميين في الصحف المركزية أو الإذاعة والتلفزيون ذهب إلى العديد من الدول العربية والأوروبية وهو يتمنى أن يتم تكليفه بالذهاب إلى ناحية بعيدة نسبيا بسيارة اجرة أو سيارة تابعة لمؤسسته لأنه  في أغلب الأحيان عليه أن يطلب من الجهة التي سيكتب عنها سيارة تقله ذهابا وإيابا ويعود لنقل الحقيقة!

و ما أن يكتب شيئا عن الأمر الذي ذهب من أجله حتى تتناوله الجهة التي أعطته السيارة بالقول : (قدمنا له سيارة أخذته ذهابا و إيابا و احترمناه وقدرناه وعاد ليكتب علينا …. ما عاد في أصل عند هؤلاء الذين يعملون في الإعلام)

وقد يشتكون إلى رئيسه في الصحيفة وإذا لم يستجب لرغباتهم وكانت يدهم واصلة كما يقولون يتوجهون بالشكوى إلى المركز الذي قد يؤنبه هو ورئيس تحرير جريدته.

هذا حال الصحفي في حمص و حماه و حلب و… إلا في استثناءات أعتقد أنها قليلة، وعليك أن تتصور مدى فاعلية قلم الذي يعمل في تلك الصحف وحجم المعاناة التي تشغل حيزا من تفكيره وتبعده عن الهدف الأساسي لعمله.

قد يُلقى اللوم على رئيس التحرير…  كيف لا يكون فاعلا؟  وهو حقيقة في تلك الصحف إلى فترة ليست بعيدة كان يأتي باقتراح من  مسؤولي محافظته و تتم إقالته باقتراح منهم أيضا، و هم لا يملكون الحد الأدنى من المعرفة عن مهام الإعلام وواجباته وحقوقه، و الاقتراح في الحالتين لا يتعلق بهدف تطوير الإعلام أو تحسين حاله و إنما يتعلق بالأشخاص  الذين اقترحوا ورغباتهم، و إذا حدث و أقيل رئيس التحرير من المركز و هذا نادرا ما يحدث فيكون سبب ذلك تقرير كيدي رفعه أحدهم لغاية في نفسه.

فهل هذا المناخ هو المناخ المناسب لظهور إعلاميين على المستوى الذي نرغب به جميعا؟

ذلك لا يعني أبدا أن الإعلاميين في المحافظات أقل من زملائهم في المركز حرصا و اهتماما ومتابعة، لكن الذي يمشي حافيا ليس كمن يمتطي سيارة و من الصعب أن يصلا إلى الهدف بالسرعة ذاتها.

هي هموم فرعية زيادة على الهموم الرئيسية  وأرجو الزميل ديب أن يعذرني للتوجه بالكلام إليه فظني ان حاله كحالي، غير أني أخالفه في تأويله لإرسال الجرائد من قبل المسؤول إلى بيته و الاحتفاظ بالجرائد العربية في مكتبه و التي ظن زميلنا أنه أرسلها إلى أولاده نظرا لما تتمتع به صحفنا من وقار و أدب و أخلاق في مضمونها، والواقع هو أن المسؤول أرسلها إلى المنزل لأنها برأيه لا تستحق القراءة من قبله فأرسلها لزوجته من أجل استخدامها في تنظيف زجاج نوافذ المنزل.

هكذا يريد بعضهم أن يصغرنا لأنه هو الصغير ونحن الكبار رغما عنهم.

*رئيس تحرير صحيفة العروبة – سابقاً – الصادرة في حمص

رابط مقالة الأستاذ ديب علي حسن :

http://thawra.sy/index.php/deeb_ali_hassan/264232-2021-02-18-13-38-38