جديد 4E

إلى بعض التجار : كفاكم مزاودة

حسن النابلسي

أغلقت غرفة تجارة دمشق أبواب الترشح لانتخابات أعضاء مجلس إداراتها، ليأخذ وطيس المعركة الانتخابية مساره باتجاه اصطفافات هنا، ومكائد هناك، وليبدأ معه تسريب وثائق الإدانة والارتكاب بحق بعض المرشحين، ولم يقتصر الأمر على هذا فقط، بل اعتلى بعض المرشحين المرتكبين المنابر الإعلامية ليتحفونا بخطاب تعبوي بحق زملاء لهم أيضاً مرتكبين، بمشهد يلخص بـ”فاسدٌ يُنَظٍّرُ على فاسد ليحل محله”..!.

تفيد إحدى الوثائق المسربة بشكوى بحق أحد التجار واتهامه بهدر أموال، وتلاعب بحصص أعضاء إحدى الجمعيات السكنية، وغيرها من الاتهامات، ليقوم المتهم بمحاولة تبييض صفحته من خلال التواصل مع عدد من وسائل الإعلام مخاطباً قطاع الأعمال عموماً، وزملاءه التجار خصوصاً للحديث عن ضرورة اختيار المرشح الأفضل والأكفأ. وعن أهمية غرفة تجارة دمشق وعراقتها المتوجب أخذها بعين الاعتبار، مدعماً حديثه بنصائح ومواعظ وإرشادات وغير ذلك من العبر التي يعتقد بأنها ستفيده باستمالة الناخبين إلى جانبه، جاهلاً أو متجاهلاً أن الاقتصاد الوطني يمر بمرحلة حرجة تقتضي بالضرورة شحذ الهمم لتجاوز ما يعتريه من عقبات وعقوبات..!.

وهناك آخر يتغنى بحبه لدمشق بلوحة ثمنها خرافي كفيل بسد رمق آلاف الأسر الجائعة، ويساعد أخرى بإنشاء مشاريع متناهية الصغر، وثالث يناشد الجميع بالعمل والاجتهاد من محيط مسبحه الأولمبي في قصره وضح النهار وكشافات تفضح بذخه، فيما رابع يذم السابقين ويعلق إخفاقات المرحلة على شماعة “تقصير رئيس الحكومة السابق”..!.

إلى متى ستبقون وراء مكاتبكم تدأبون على كتابة “قصاصات ورقية” يشك بأنكم من تخطون سطورها، وتروجون لأنفسكم بصور فوتوغرافية وأنتم تدخنون “السيكار الكوبي” في مكاتبكم الفاخرة المطعمة بأرضيات من الغرانيت والرخام الطبيعي، في مشهد مستفز ولاسيما إذا ما علمنا أن أرضيات منازل الشرائح الواسعة من الشعب “بيتونية”..!.

ما يدأب عليه العديد من التجار هذه الفترة من تسويق أجوف للذات، سواء المنظرون منهم على زملائهم وكأنهم مراجع تجارية يعتد بها، أم المرتكبون لمخالفات وتجاوزات أقلها التهرب الضريبي، يأتي ضمن سياق “نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً”، ولنا أن نتصور كيف يمكن أن تكون حالة الترويج إيجابية، في حال تم الاشتغال عليها وفق مبدأ “دع أفعالك تتحدث عنك”، لا أن يزجوا أسماءهم بطريقة فجة ومنفرة، أغلب الظن أن تكون ذات منعكسات سلبية..!.

يا سادة.. ندعي أننا على درجة ما من الثقافة التجارية، ونزعم أننا ندرك معاني التجارة الشريفة وألف بائها، ناهيكم عن أننا على اطلاع –ولو نسبياً- بمصادر أموالكم وكيفية تنميتها، وكيفية صرفها أيضاً، فالتهرب الضريبي نهج أغلبكم، وتمويل مستورداتكم من مصرف سورية المركزي بسعر الصرف الرسمي، وطرحها بالأسواق بسعر نظيره “أسود” أبرز رافعة لرأس مالكم، فكفاكم مزاودة، ومراءاة بأفعال باتت تفضح ممارساتكم التجارية المشبوهة..!.

أخيراً…نوجه في هذا السياق رسالتين الأولى لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، بضبط ما يسود أجواء الانتخابات من مشاهد ومواقف مستفزة، وإعادة النظر بخلفية المرشحين ومدى أهليتهم ومقدرتهم لتولي قيادة الغرف بما يخدم الحركة التجارية..!.

والثانية إلى الناخبين، بأن يكونوا على قدر المسؤولية باختيار ممثليهم في مجالس الغرف، وأن يركزوا على معايير النزاهة والكفاءة، مع الإشارة هنا إلى أن قائمة المرشحين تضم العديد من المعوّل عليهم بإحداث فارق بالمشهد التجاري، وأنتم على دراية بهم أكثر من غيركم.. فالكرة بملعبكم..!.

جريدة البعث – زاوية ( نقطة ساخنة ) بعنوان (أين وزارة “التجارة الداخلية” من انتخابات الغرف…!.) 8 أيلول / سبتمبر 2020 م

hasanla@yahoo.com