جديد 4E

ما هي جرائم الشرف التي أحالها السيد الرئيس إلى مجلس الشعب..؟

القانون لا يساوي في العقوبات بين هذه الجرائم و مثيلاتها من الجرائم الأخرى

القانون السوري لم يحدد أن كان الفاعل في جرائم الشرف ذكرا أم أنثى

العذر المخفف لهذه الجرائم يضعف ردعية العقوبة، ويزيد من عددها

عقوبة الإعدام غير موجودة في جرائم الشرف

4e : فارس تكروني:

هو أشبه بصراع أزلي، بدأ منذ آلاف السنين، و لم ينته لتاريخه، تحارب خلاله المرأة للفوز وتحقيق هدف الوصول إلى مكانتها التي تحلم بها، هو صراع أخذ أشكالاً عدة، مع المفاهيم والتقاليد ، مع  المعتقدات الدينية، و النظرة الذكورية ، فكانت المرأة بحسب أهواء زمنها، فمرة خادمة، و أخرى جارية تباع وتشترى كالسلع الرخيصة.. الخ

أنها حرب طويلة فعلا، استطاعت المرأة أن تكسب عبر هذه الأزمنة الكثير من حقوقها، وتنال مكاسب عدة، فرضت خلالها احترامها، بما أنجزته في الحياة الاجتماعية، والاقتصادية، وحتى السياسية، وما زالت مستمرة في تحقيق مكاسب أخرى، و فرض المساواة بين الجنسين.

Maya.alkhateeb27@gmail.com
0993801014

اليوم نلتقي عبر منصتنا “السلطة الرابعة – 4e ”  المحامية الشابة مايا حسين الخطيب أحدى النساء اللواتي وضعن نفسهن في هذا الصراع، مختارة اليوم العالمي للمرأة بداية تنطلق بها معنا عبر “حكم القانون” لتساهم في عدة مواضيع وقضايا قانونية تتعلق بالمرأة السورية وحقوقها، أولها حول جرائم الشرف، هذه الجرائم التي تؤرق البلدان النامية ومجتمعاتنا العربية ومنها سورية، جرائم يقتل الرجل زوجته، أو أخته أو أمه، بدافع الشرف وغسل العار كما يقال.

و المستمدة من نص المادة 548 من قانون العقوبات والتي أحالها السيد الرئيس بشار الاسد الى مجلس الشعب لاعادة النظر بها دستوريا والغائها.

لا يوجد مصطلح قانوني بهذا الأسم

تشير المحامية مايا في بداية حديثها أنه لا يوجد مبدئيا في القانون السوري جرائم تدعى بـ “جرائم الشرف” فهو مصطلح غير دقيق قانونيا، إنما جاء كمصطلح اجتماعي أطلقته المجتمعات الشرقية، كون هذه الجرائم سببها كما يقال الدافع الشريف في ارتكابها.

و بينت أن كلمة “الدافع” تم تعريفه من قبل المشرع السوري بأنه ” العلة التي تحمل الفاعل على الفعل أو الغاية القصوى التي يتوخاها” في حين الدافع الشريف لم يعرفه المشرع، و ترك أمر تحديده وتقديره للقضاة، حيث عرّفت محكمة النقض بأنه” عاطفة نفسية جامحة تسوق الفاعل على ارتكاب جريمة تحت تأثير فكرة مقدسة بعيدة كل البعد عن الأنانية، ومنزهة عن الحقد، والانتقام، وعن كل ما فيه مصلحة فردية أو عاطفة خاصة أو غاية شخصية” ومثال على ذلك: عندما يقوم رجل بقتل شقيقته لأنها هربت من منزل زوجها لتلحق بعشيقها لتعيش معه.

الدافع الشريف مخفف للعقوبة…!!

القانون لا يساوي في العقوبات بين هذه الجرائم و مثيلاتها من الجرائم الأخرى، فالقتل في جرائم الشرف، تكون عقوبته مخففة والسبب هو وجود الدافع الشريف الذي دفع المجرم إلى ارتكاب الجريمة – بحسب مايا– التي لفتت أن قانون العقوبات السوري كان واضحا في مواده لجهة أن الدافع الشريف يحول العقوبة من الإعدام إلى الاعتقال المؤبد، و إذا كانت العقوبة أشغال شاقة تصبح اعتقالا مؤبدا أو لـ15 سنة، في حين إذا كانت العقوبة أشغال شاقة مؤقتة تصبح اعتقالا مؤقتا، وإذا كانت الحبس مع التشغيل تتحول إلى الحبس البسيط…الخ كما في مثالنا السابق.

أما في حال قام رجل بقتل شقيقته بسبب وقوفها مع شاب على الطريق العام، فهنا ينتفي الدافع الشريف ولا تخفف العقوبة، والسبب أن هذا الدافع يجب أن يكون بعيدا كل البعد عن الأنانية والثأر والانتقام، مشيرة إلى أن تقدير وجود الدافع الشريف أو انتفائه يعود إلى القاضي الذي يقرر بعد دراسة ظروف الجريمة والحالة النفسية للفاعل. 

من عذر محل إلى عذر مخفف

تقول المحامية مايا أنه في عام 1949 كان قانون العقوبات السوري ينص على أنه يستفيد من العذر المحل للجريمة كل من فاجأ زوجته أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو إيذائهما أو على قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد…و هذا كان يشكل ثغرة قانونية يستطيع من خلالها الفاعل أن يستفيد من العذر المحل و يفلت من العقاب…!! إلى أن جاء التعديل في عام 2011 الذي تضمن تعديل العذر المحل إلى عذر مخفف حيث نص على: 

“يستفيد من العذر المخفف إذا فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو إيذائهما أو على قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد وتكون العقوبة الحبس من خمس سنوات إلى سبع سنوات في القتل”

مشيرة إلى أن تطبيق هذا النص يستلزم كما هو واضح أن يكون هناك عنصر مفاجأة، كما لو كان هناك زوج يحب زوجته ويثق بإخلاصها له، وإذ تفاجأ بخيانتها فيقوم بقتلها، فيستفيد من العذر المخفف، أما لو علم أن زوجته تخونه، فقام بمراقبتها، وقتلها، فهنا لا يستفيد من هذا العذر لانتفاء عنصر المفاجأة. 

و أوضحت فيما اذا كانت المرأة تستطيع أن تقتل بدافع الشرف بأن القانون السوري لم يحدد في مواده القانونية أن يكون الفاعل هو ذكر أو أنثى، ولكن في الواقع العملي لم يسجل غير حالات نادرة جدا يكون الفاعل فيها امرأة.

تزيد المشكلة

و ترى أن وجود عذر مخفف لجرائم الشرف، يزيد من هذه الجرائم، ويخفف من ردعيتها، خاصة في وجود حالات تُقتل بها النساء تحت ذريعة الدفاع عن الشرف، دون أن يكون ذلك فعلا، فهي تفتح بابا للالتفاف حول هذه القوانين و استغلالها لغايات و مصالح شخصية، مبينة أن المجتمعات في تطور دائم، ومفهوم غسل العار لم يعد مثل السابق، ومن يقوم به، يعيش عقداً نفسية كبيرة غالبا، وتكمل قائلة أن العذر المخفف يجب أن يتم تعديله بحذفه، وفرض العقوبة اللازمة بحق المجرمين، في محاولة لتخفيف هذه الجرائم، والقضاء عليها.

إحصائيات

لا يوجد إحصائيات دقيقة لعدد جرائم الشرف في سورية، إلا أن المكتب المركزي للإحصاء بين أن عدد المدانون في القضايا الجزائية للجرائم الواقعة على الحرية و الشرف في سورية بأخر مجموعة إحصائية تمت لعام 2018 عن عام 2017  أنه تم تسجيل 556 جريمة، في المحافظات دون “ادلب – دير الزور – الرقة” حيث  تركزت اغلب هذه الجرائم في محافظات اللاذقية 126 جريمة، وطرطوس 121، و السويداء 121، ودمشق 66، وحلب 49 ، في حين كانت بحمص 21، وحماه 21، ودرعا 17، والحسكة 14.

مشروع قانون لإلغاء هذه الجرائم

وكان الرئيس بشار الأسد أحال مشروع قانون حول إلغاء هذه الجرائم لمجلس الشعب الذي بدوره أحاله للجنة الشؤون التشريعية والدستورية لجواز النظر به دستورياً، حيث يتضمن مشروع القانون إلغاء المادة ٥٤٨ المتعلقة بجرائم الشرف من قانون العقوبات العام.