المتقاعد يدفع ثمن غياب التنسيق  بين مؤسسات الدولة المتمسكة بالحل الأسوأ .. !

 

 

رفع الكفاءة الإدارية ومستوى الأداء في الخدمات معيار للنجاح

 

السلطة الرابعة – سوسن خليفة :

سؤال ملح يتبادر إلى الأذهان، ومحير بالوقت ذاته. هل الأمر مصادفة أن يتم التوجه نحو العمل الحكومي الإلكتروني الذي من المفترض أن يتم التشبيك المعلوماتي مع الجهات الحكومية المعنية خاصة في النواحي التي تخص المواطن بحياته المعيشية ، في الوقت الذي نتعاطى به مع بعض القضايا بشكلٍ بدائي بعيداً بعيداً عن الفرص الالكترونية الممكنة وآفاق أصناف الاتصالات الرحبة ..؟!

ونعني هنا الجانب المادي المتعلق بالراتب التقاعدي الذي أدى صاحبه دوره في العمل الوظيفي أيام شبابه. ما دعانا لهذا الحديث انشغال الفئة العمرية الأعلى من المتقاعدين بتأمين أوراق ثبوتية تثبت أنهم ما زالوا على قيد الحياة.

لم ولن نعترض على التدقيق في هذا الجانب فقد يكون هناك بعض المسيئين والمخالفين للقانون والأمانة ، ومما سمعناه وجود أشخاص فارقوا الحياة وما زالت رواتبهم سارية المفعول تستلم من قبل أحد أفراد الأسرة. ونقول هنا يجب البحث عن سبب الخلل الحاصل والعمل على إصلاحه قدر الإمكان. ونذكر على سبيل المثال ما تم طلبه من وثائق بعضها مشروط بتوقيع المختار.

الربط الالكتروني : 

ومن المفترض أن تكون الدوائر الحكومية المعنية بالأمور الشخصية للمواطن منذ الولادة حتى الوفاة لديها ربط ألكتروني بتبادل المعلومات فيما بينها ونقصد هنا الشؤون المدنية والإدارات التابعة لها، ومعنى هذا أن من ينتقل إلى رحمة الله سيدون اسمه لدى دائرة دفن الموتى حتى قبل دفنه.  وبهذا نكون قد حصرنا نوعاً ما المتوفون مستقبلاً. ويمكن كشف حالات وفاة المتقاعدين من خلال التعاون بين كل من الشؤون المدنية والتأمينات الاجتماعية بإعطاء صلاحية معرفة حالة المتقاعد بين الحياة والموت ، وهذا العمل يخفف العبء عن المتقاعد وهدر الوقت والمال. سيما وأن أغلب المتقاعدين يعانون من الأمراض وثقل الحركة وبشكل خاص المتقدمين في العمر.

وفي الوقت ذاته يوفر للجهة المعنية المعلومة الدقيقة من جهة حكومية منعا للمخالفات القانونية والاساءة للمال العام. ولا شك بأن هذا الأمر يعد نموذجاً للعمل المؤتمت وصولا إلى الحكومة الالكترونية والاستغناء عن الورقيات.

بشكل عام لسنا ضد تطبيق القانون لكننا نبحث عن الحلول الناجعة وغير المكلفة التي تحل المشكلة ولا تعقدها ، ولا نحمل كبار السن الذين هم بحاجة إلى الرعاية والتقدير بعد قضاء شباب عمرهم في العمل الوظيفي لا أن نقطع عنهم الراتب مدة شهر كامل وهم بأمس الحاجة له. وهناك وجهات نظر من بعض المتقاعدين الذين رأوا أن الطلب من جميع المتقاعدين أوراق ثبوتية قد وضعهم موضع الشك والأجدى أن يتم التعامل مع هذا الموضوع بأسلوب آخر من خلال التشبيك مع الدوائر التي تمتلك المعلومات على حواسبها وأيضاً لما شاهدنا بعض المتقاعدين شبه المقعدين على أبواب دائرة النفوس والمخاتير والتأمينات مع العلم أن هذه الحركة قد أمنت دخلا للمخاتير ولوسائل النقل. ومن جهة أخرى حملت المتقاعد عبئاً كان يمكن  تفاديه لولا الثغرات الموجودة حاليا والتي نأمل أن يكون هذا الاجراء طريقا لحل المشكلة وتعزيز التعاون بين مؤسسات الدولة للوصول إلى الأداء الأفضل للعمل…

بصمة الصوت : 

ومن الممكن أيضاً استثمار تقنيات الاتصالات التي تفتح المجال واسعاً لمعرفة المُتصل به إن كان هو شخصياً بالفعل، من خلال بصمة الصوت، وهي نموذج رقمي فريد يُنشئه نظام حاسوبي من الخصائص الصوتية للشخص، مثل نبرة الصوت ودرجة علوه وسرعة وتيرته. تُستخدم بصمة الصوت لتحديد هوية المتحدثين والتحقق منها في عدة تطبيقات، كقيام هذا النظام بتحويل عينة صوتية إلى بيانات رقمية ويحلل خصائصها الفريدة مثل الموجة الصوتية والطيف الصوتي، ويولد النظام من هذه البيانات توقيعًا صوتيًا فريدًا للشخص أو للمقطع الصوتي.

البصمة الذكية :

ومن الممكن أيضاً استخدام البصمة الذكية، وهي الاستخدام الأحدث لتطور علم التعرف على الأشخاص، والذي مر بتاريخ طويل ابتداءً من الإصبع وحتى بصمة الوجه، ومن اجل الوصول إليها جرى استعمال العديد من التقنيات والابتكارات، فهي نوع من القياسات البيومترية التي تميز ملامح الوجه رياضيا

وتخزن هذه البيانات كبصمة عبر خوارزميات التعلم العميق لمقارنة الصور الرقمية إلى البصمة المخزنة في قاعدة البيانات من أجل التحقق من هوية الفرد.

وتعد تكنولوجيا بصمة الوجه (التعرف على الوجه) إحدى أشكال التكنولوجيا البيومترية الأسرع نمواً، وأصبحت مستخدمة في العديد من التطبيقات التجارية، ولأغراض أمنية ولحماية الخصوصية في أجهزة الهاتف المحمول أو حتى في العديد من المواقع.

هاتان البصمتان ( بصمة الصوت – والبصمة الذكية ) ربما تشكلان الحل الأفضل بالنسبة للمتقاعدين، غير أننا لم يسبق وسمعنا أنّ مثل هذه التقنية متاحة في سوريا، ولكن وعلى كل حال فهي مجرد تطبيقات لن يكون من الصعب الحصول عليها فيما لو كنا جادين في حل هذه المعضلة التي تُخيّم همّاً جاثماً على قلوب المتقاعدين .

بصمة التحقق

وإن كانت مثل هذه التقنيات لا تعني بعض مؤسساتنا المتخلفة ..

بل وشبه البدائية التي تُفضل الكسل واللامسؤولية على الاجتهاد والابتكار والإحساس بالآخرين، فليكن التحقق الميداني، ولكن بعكس ما يحصل، أي أن تأتي المؤسسة إلى منزل المتقاعد لتتأكد من وجوده، لا أن يُكلَّف المتقاعد المريض والمُتعب، وربما العاجز المُقعد أحياناً، بالذهاب إلى مؤسسة التأمينات الاجتماعية، أو التأمين والمعاشات ليُثبت وجوده، هذا الأمر بات معيباً، وغير مقبول لا صحياً ولا إنسانياً لا سيما وإن كان الذهاب إلى المؤسسة يقتضي صعود أدراج ونزول أدراج، والمبادرة اليوم بحضور المتقاعدين إلى الطابق الأرضي فقط ومن ثم  نزول الموظف المعني للتحقق، هي مبادرة هشّة جداً وغير مقبولة، ولا تحل سوى نسبة بسيطة من المشكلة، لأن المشكلة الأهم عند الكثير من المتقاعدين هي صعوبة – وأحياناً استحالة – خروجهم من البيت وتنقلهم بوسائط النقل، لعجزهم عن ذلك.

يمكن لكل مؤسسة من مؤسستي تأمين المتقاعدين فرز عناصر منها ومن فروعها إلى مختلف المناطق والنواحي والقرى على المساحة السورية، أو اعتماد حالة من التعاون – أو التعاقد – مع المخاتير والبلديات على سبيل المثال لرصد هذا الأمر ميدانياً، أو كما أشرنا في البداية من خلال الربط الألكتروني بين الأحوال المدنية وتلك المؤسستين، فها نحن نمتلك العديد من الحلول .. والغريب العجيب أننا مصرّون – حتى الآن – على اختيار الحل الأسوأ .. !!

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.