رغم المخاوف والقلق والترقب .. الاقتصاد السوري بهمومه المتعددة يمتلك جميع مفاتيح الفرج وأدوات الاستقرار والطمأنينة
هموم اقتصادية
كتبه د.عامر خربوطلي :
الهموم أصلاً باللغة هي المشاعر والأفكار السلبية التي تشمل القلق والترقب والحذر وأحياناً الحزن والغم وتتعلق أصلاً بالتهديدات المستقبلية المحتملة والمشاكل الحالية.
فهل للاقتصاد هموماً كتلك التي جرى التنويه لها من أفكار قلقة ومخاوف من الأيام القادمة؟ ببساطة نعم .. لأن الاقتصاد أصلاً يمثل جملة من المتغيرات والقواعد القابلة للتغير والاختلاف على مستوى القطاعات والسياسات وفق الظروف والعوامل المستجدة في كل مرحلة.
الاقتصاد السوري يعيش اليوم جملة من الهموم الاقتصادية التي ينبغي رصدها وتحليلها ومن ثم معالجتها قبل تفاقمها وهي في جلّها رواسب ونتائج لمشاكل المرحلة السابقة والتراجع الشديد الذي لحقَ بهذا الاقتصاد والذي انكمش وانكفأ بنسبة لا تقل عن 85% عما كان عليه قبل عام 2011. وبالتالي فإن الهموم مازالت جاثمة على صدر الاقتصاد السوري وتشكل مصدر قلق وخوف وحذر.
وفي مقدمة هذه الهموم (البطالة) وارتفاع نسبتها حتى في الفئة العمرية القادرة والراغبة في العمل والتي لا تجده بالشكل اللائق والمناسب من ناحية الدخل والأجور.
وأعتقد أن هذا الهم سيتلاشى مع قدوم الشركات الاستثمارية العربية والأجنبية إلى سورية وافتتاح الفروع والوكالات والمصارف الجديدة مع عمليات التدريب والتأهيل ورفع الكفاءة المطلوبة ونأمل أن لا تكون بعيدة المنال.
أما الهم الآخر فهو الخوف من (عودة عدم استقرار سعر الصرف ) وارتفاعه من جديد لحدود تتآكل معها القوة الشرائية لعامة الناس وهذا الهم يمكن معالجته بإجراءات نقدية واقتصادية بصورة مشتركة ومنسجمة لضمان سعر صرف مستقر وعادل ويتماشى مع قوى الطلب والعرض على القطع الأجنبي واشاعة حالة من الثقة والتفاؤل بالعملة المحلية وعدم المضاربة.
(هموم التضخم وارتفاع الأسعار) وبخاصة للمواد الأساسية ومنها الغذائية تشكل هماً اقتصادياً ومعيشياً مقلقاً لشريحة واسعة من السكان الذين لم يعد يكفيهم دخلهم الشخصي لمواجهة متطلبات وأعباء المعيشة المتصاعدة باستمرار وهذا الهم يمكن معالجته قبل أن يتفاقم أيضاً، أولاً من خلال التحكم بالكتلة النقدية وتقليص عجز الموازنة ما امكن ذلك وتحديد قيمة الحد الادنى لمستوى المعيشة وإعفائه من جميع ضرائب الدخل وثانياً بتخفيض عوامل التكلفة المحلية و المستوردة بآن معا وتأمين الطاقة بالدرجة الأولى ومستلزمات الإنتاج والخدمات لتمكين المصانع والورشات المحلية للعمل بطاقات انتاجية اقتصادية لتحقيق وفورات الحجم الكبير وتخفيض نصيب الوحدة الواحدة من التكاليف التشغيلية الثابتة حصراً والوصول لاقتصاد الوفرة الانتاجية والاستيرادية التنافسية التي تضغط غالباً نحو تخفيض الأسعار.
أما باقي الهموم الاقتصادية من الحاجة لتعديل القوانين والتشريعات وتسهيل الأنظمة والإجراءات توفيراً للوقت والجهد والتكلفة فجميعها في طريقها للمعالجة مع التشريعات الجديدة للاقتصاد السوري الجديد التنافسي.
قد لا يوجد اقتصاد في دولة في العالم وحتى المتقدم منها خالياً من الهموم التي تتوزع بين ما هو جدي ومهم وخطر أحياناً وبين ما هو متعلق بتفاصيل وجزيئات بسيطة وغير أساسية فالكل في الهم سواء وتختلف الدرجات وقدرات التحمل.
الاقتصاد السوري بهمومه المتعددة يمتلك مع ذلك جميع مفاتيح الفرج وأدوات الاستقرار والطمأنينة وأن القادم أجمل بإذن الله..
العيادة الاقتصادية السورية – حديث الأربعاء الاقتصادي رقم /317/
دمشق في 17 أيلول 2025م