ملامح من المشهد الاقتصادي
كتبه الدكتور – عامر خربوطلي :
لا يمكن الحديث عن التحولات والمتغيرات في الأشهر الثماني الأخيرة بمعزل عن المنعكسات السلبية غير المسبوقة التي أفرزتها السنوات التي تلت بداية الثورة عام 2011 وما رافقها من تراجع في الناتج المحلي الإجمالي الذي انكمش بنسبة لا تقل عن 85% مع تراجع كبير في الداخل الفردي وارتفاع غير مسبوق لمعدلات التضخم والبطالة وكساد عام في الأسواق وتراجع كبير للقطاعات الإنتاجية من زراعة وصناعة وحتى الخدمات بالإضافة للبنى التحتية وهي جميعها ورثها النظام الجديد مطلع 2025 وتحتاج لجهد كبير وغير مسبوق لمعالجتها.
ولتصحيح ما يمكن تصحيحه وإعادة بناء اقتصاد سوري جديد يعتمد قواعد المنافسة الحرة واقتصاد السوق والحوكمة الاقتصادية يستطيع استقطاب الاستثمارات بجميع أشكالها ومصادرها بصورة يمكن من خلالها تسريع معدلات النمو الاقتصادي التي لابد أن تتجاوز ما نسبته لـ 8% لتحقيق زيادة ملحوظة في الناتج المحلي الإجمالي GPD وهو ما يحتاج عادةً لاستثمار ما يقارب الـ 34% من الناتج المحلي السوري وفق نظريات النمو الاقتصادي وقاعدة مضاعف الاستثمار فإن ذلك يحتاج لوقت أكبر لا يقل عن سنتين متتاليتين من العمل والجهد الاقتصادي المستمر.
الاقتصاد السوري الجديد مازال يعاني من مشاكل المرحلة السابقة ولم تشهد الساحة السورية قفزة استثمارية وتنموية تحقق فارقاً واضحاً على مستوى الدخل الفردي، ومعدلات النمو المتوقعة لم تصل عام 2025 لحدود 1%و هي أدنى من معدلات النمو السكاني البالغة 2.7% وبالتالي لن تحدث فارقاً ملحوظاً على المدى القصير.
المشهد الاقتصادي الجديد
- امساك زمام المبادرة للبدء بإجراءات واصلاحات اقتصادية ومالية وهيكلية بدأت مع التعرفة الجمركية الجديدة والإصلاحات المالية والنقدية والاستثمارية ضمن ما هو متاح من تشريعات قابلة للتنفيذ وفق الإعلان الدستوري.
- إصلاح بعض الأنظمة والتشريعات عبر قرارات إدارية لتحقيق درجات أعلى من كفاءة العمل وتقليل الهدر والقضاء على الفساد والمحسوبيات.
- البدء بعرض مشاريع استثمارية على المستوى المركزي، والمحافظات تمتلك جميع مقومات الفرص الاستثمارية الناجحة ذات المردود على جهات استثمارية عربية وأجنبية وبخاصة في مجال الطاقة والبنى التحتية والتطوير العقاري.
- تحسين بنية العمل الاستثماري وبخاصة الصناعي على مستوى المدن الصناعية ومحاولة تأمين الطاقة ما أمكن لتشغيل المصانع بطاقات إنتاجية مثلى.
- البدء بمعالجة أوضاع القطاع العام الصناعي والتجاري غير المجدي وطرحه للاستثمار المحلي والخارجي لتأمين ريعية مالية تتماشى مع رؤوس الأموال المستثمرة فيه.
- محاولة انعاش القطاع الزراعي الذي تضرر بشكل كبير نتيجة الهجرة ونقص الطاقة وارتفاع تكاليف المستلزمات وقوانين الزراعة غير الملائمة للاستثمار الزراعي عبر اقتصاديات الحجم الكبير.
- حدوث تفاهمات مبدئية لشبكة من الاستثمارات في قطاعات البنى التحتية من مطارات ومرافئ ومجمعات عمرانية يتوقع أن ترى النور قريباً.
- استمرار غياب الخرائط الاستثمارية للجغرافيا السورية على صعيد الإمكانيات والفرص والمعلومات والأولويات التنموية مما جعل القطاعات الإنتاجية الأساسية في منأى عن الفرص الاستثمارية الجاذبة.
- البطء في الاستفادة من الانفتاح العربي والأجنبي الذي شهدته سورية مؤخراً وتحويله لفرص عمل مباشرة نتيجة عدم إزالة العقوبات الأمريكية بشكل كامل ونهائي واستمرار صعوبات الاندماج مع النظام المالي والنقدي العالمي.
- عدم وجود إمكانيات مالية سريعة التأثير على الحالة الاقتصادية من ودائع بالقطع الأجنبي لدى البنك المركزي يمكن لها أن تكون مزوداً لعمليات التسليف والتوسع النقدي المصرفي.
- استمرار حالة انحباس السيولة وإن كانت بشكل جزئي نسبياً مع ما يرافق ذلك من جمود في العمل الاقتصادي المحلي والخارجي.
- التحرر الكامل في تداول القطع الأجنبي وتحرير أسعار السلع والخدمات في الأسواق المحلية وإعادة افتتاح سوق دمشق للأوراق المالية كان له أثر إيجابي في استقرار سعر الصرف وميله للأسعار الحقيقية وتراجع عمليات المضاربة والاكتناز.
المشهد العام مقبول اقتصادياً وقابلاً للبناء عليه في قادمات الأيام لإحداث فارق تنموي واضح .
العيادة الاقتصادية السورية – حديث الأربعاء الاقتصاي رقم /312/
دمشق في 20 آب 2025م