زياد غصن :
سلامات …
أن تعلن مؤسسة المياه في دمشق وريفها زيادة ساعات تقنين ضخ المياه، فهذا يعني ببساطة شديدة حرمان آلاف المنازل من المياه، لاسيما في ريف دمشق ومحافظات أخرى.
وهذه نتيجة طبيعية لعدة أسباب سوف أذكر منها اثنين:
الأول هو غياب العدالة الحكومية في حصول جميع المواطنين على الخدمات الأساسية، فمثلاً ضخ المياه يجري وفق برنامج لا يأخذ بعين الاعتبار عدد السكان في كل منطقة، ساعات التقنين الكهربائي، وأوضاع شبكة المياه فيها.. الخ.
السبب الثاني يتمثل في الفوارق الاقتصادية بين السكان، والتي تتيح لبعض الأسر الوصول إلى تلك الخدمات ولا تتيح لأسر أخرى ذلك. فمثلاً ليست كل الأسر مشتركة بالامبيرات أو لديها طاقة شمسية تستطيع استثمارها في تشغيل المضخات لسحب المياه.
إذاً…. ما البديل في هذه الحالة؟
إذا كان الكثير من المواطنين قد وجدوا في الطاقة الشمسية بديلاً عن الطاقة الكهربائية بعدما تخلت الحكومة عن توفيرها إلا للبعض، فماذا يمكن أن يفعلوا في مسألة المياه؟
هل يذهبون إلى وزارة الموارد المائية ويتقدمون مثلاً بطلب للحصول على رخصة حفر بئر في الحديقة المجاورة لسكنهم؟
أم عليهم أن يتعاونوا على مد خط أنابيب من القرية أو المدينة المجاورة؟ أم عليهم الاعتماد على الصهاريج الجوالة التي تبيعهم مياه غير صالحة للشرب، وبمبالغ خيالية تحت بصر وسمع وحدات المياه والمجالس المحلية؟
ليس صحيحاً ما يردد رسمياً أن البلاد فقيرة أساساً بالموارد المائية، فالأصح أن البلاد لديها موارد مائية محددة، لكن سوء الإدارة الحكومية بدد تلك الموارد.
نقصد بسوء الإدارة هنا…. الاستثمار غير الصحيح للموارد، السكوت عن نسب الهدر الكبيرة، غض الطرف عن آلاف الآبار غير المرخصة، اللامبالاة في مواجهة المشاكل المتفاقمة، غلبة التنظير في مشاريع استشراف المستقبل على التنفيذ.. وما إلى ذلك.
ومعالجة سوء الإدارة هذه بحاجة إلى إعادة هيكلة كاملة للسياسات والمؤسسات المعنية بالموارد المائية، بدءاً من مناقشة صريحة لواقع عمل المؤسسات القائمة، فالمباشرة بتنفيذ المشاريع الأساسية التي تحتاجها البلاد في هذا المجال، وصولاً إلى العلاقة المفترضة تشكلها بين أقسام ووحدات المياه وبين المجالس المحلية والمجتمع الأهلي والمدني في كل منطقة.
هامش1:
مشكلة المياه في بعض المناطق قديمة وتعود إلى سنوات ما قبل الحرب، ولذلك لا يمكن تعليق كل الأخطاء والفشل على الحرب، وما تسببت به من أضرار للبنى التحتية والبيئية.
هامش2:
حسب البيانات الحكومية فإن نسبة السكان الذين يستفيدون من خدمات مياه الشرب الآمنة تبلغ 94%.. لكن الأصح هو أن نسبة السكان الموصولين على شبكة المياه تبلغ 94%، وهذا بغض النظر عن كون هذه الشبكة تضخ المياه لمنازل المواطنين أو لا!
دمتم بخير
#الصفحة_الأخيرة #شام_إف_إم