جديد 4E

هدير ثغرات الدعم

 

علي محمود جديد :

على سيرة الدّعم – وما الدعم – وبدائله النقدية، قد لا يكون من الإنصاف أن نتحدث عن ثغراتٍ تواجه تطبيق قرار البدل النقدي، باعتبار أن عملية التطبيق لم تحصل بعد، وبالتالي فإن كل ثغرة نتحدث عنها ليست – حتى الآن – أكثر من توقعات واحتمالات ناجمة عن تخوّف الناس من مفاجآتٍ قد تحصل.

غير أن بعض المؤشرات تُنذر بوقوع ثلاث ثغرات – على الأقل – أساسيّة سينجم عنها – إن وقعت – الكثير من المفاجآت والمعاناة والمصاعب المتلاحقة أمام المدعومين الذين سيُضيفون بها هموماً جديدة إلى رصيد همومهم، أكثر مما سيزيد رصيد أموالهم في حساباتهم المصرفية التي ينهمك الكثيرون اليوم بفتحها تمهيداً لتلقي أموال الدعم النقدي.

الثغرة الأولى :

تتمثّل بأننا فتحنا الحساب ولم نعرف بعد من هي الجهة التي ستقوم بمهمة تحويل المبالغ النقدية إليه ..؟ ولا على أي أساس، إذ كان من المفترض قيامنا – نحن أصحاب الحسابات – بتزويد هذه الجهة ( المجهولة حتى الآن ) بأرقام حساباتنا لكي يتم التحويل الدقيق من قِبَلِها، فهل ستكون البنوك نفسها مثلاً ..؟ ولكن البنوك ليست معنية بأحوال أصحاب الحسابات إن كانوا مدعومين أم غير ذلك، فالحساب حساب شخصي عند البنك لا أكثر، يجري عليه ما يجري على غيره من الحسابات سحباً وإيداعاً بغض النظر عن أحوال صاحبه، وسواء وقعت تحويلات عليه أم لم تقع.

ربما تكون شركة تكامل باعتبارها هي الجهة المُصدرة للبطاقة الإلكترونية، ولديها قاعدة بيانات عن جميع الذين يسري الدعم عليهم، ولكن ليس من مهام تكامل تلقي أموال وتحويلها إلى حسابات حاملي البطاقات، خاصة وأن الحسابات مُحيّدة عن بطاقتها، فالصرافات تستجيب لبطاقة البنك وليس لبطاقة تكامل.

إذاً ربما يكون هناك جهة ثالثة ستتولى هذه المهمة .. وربما لا يكون .. ! أفلم يكن من الأفضل حل هذا اللغز من الآن والإفصاح عن تلك الجهة لنزودها بأرقام الحسابات ..؟ أم أنه يجب أن نصطدم – بعد حين – بفيلمٍ جديد من الإرباك ..؟

الثغرة الثانية :

وربما هي الأهم وتتمثّل بأن عملية الدعم النقدي وفتح الحسابات تدخل حكماً في إطار الشمول المالي تمهيداً لاعتماد مبدأ الدفع الإلكتروني على نطاق واسع، ما يعني أن علاقة الناس مع البنوك وإجراءاتها وصرافاتها سيكون يومياً، والطامة الكبرى هنا ستكون في الأرياف الخالية من الخدمات المصرفية، ما يعني أن ملايين الناس سيقفون أمام ورطة انعدام سبل التعاطي مع هذه الحالة الجديدة، ولذلك فإن التغاضي لن ينفع أبداً، ولا بد من حل حاسم قبل الاصطدام بفيلم آخر.

الثغرة الثالثة :

هي أن كل صاحب حساب صار لا غِنى له عن أن يكون مزوّداً بخدمة الانترنت، وهذا يعني إمّا بوّابة أو شريحة سيرف خلوية، وفي الحالتين لا بد من امتلاك موبايل رفيع الطراز ومجمرك ليتمكن من التجاوب مع الأنظمة التكنولوجية التي لا بدّ منها للدخول إلى الشبكة والتعاطي مع الدفع الإلكتروني، وهذا أمر لا يعني أكثر من كم مليون ليرة من أطراف جيوبنا العامرة، وثم خدمة الانترنت عندنا وخاصة في الأرياف التي تكاد تكون معدومة، ولا نلحظ أي تطوير بها إلاّ برفع أسعار الباقات .. فالتطوير هنا لا يتوقف ..!

هذه الثغرات لم تصلنا بعد، غير أن هدير خطواتها بات مسموعاً، وما نخشاه جرعات قادمة وخانقة من المصاعب على الأطراف المتعددة الداعمة والمدعومة.. وما بينهما .. رغم كل التطمينات التي لم نلحظ بعد أيّاً من أركانها.

صحيفة الثورة – على الملأ – 4 آب 2024م