جديد 4E

لولا الدروس والعبر لا طائل من حديث الفعل الماضي .. ومع لحظة المضارع نحتاج لرسم ملامح مستقبلية وصولاً إلى غدٍ اقتصادي مشرق

 

مستقبليات اقتصادية

كتبه د.عامر خربوطلي :

إن البحث عن مستقبل أفضل هو الهدف النهائي للدراسات المستقبلية وهي ليست تنبؤات ولكنها بمثابة البحث عن بدائل مستقبلية والتي تعتمد على مصطلح (السيناريو) وهي بمثابة تصور مستقبلي للقصة الدرامية للاقتصاد.

حديث الفعل الماضي لا طائل منه سوى الاستفادة من بعض الدروس والعبر غير المؤكدة وحديث الفعل المضارع هو حديث اللحظة المعاشة والتي تنتهي بانتهاء وقتها وتحولها إلى ماضي قريب وآخر بعيد.

أما فعل المستقبل غير الموجود أصلاً في اللغة العربية كما هو الحال في اللغات الأخرى فهو الفعل الأهم لأنه لم يحدث بعد ويمكن تخيل حدوثه ويمكن التحكم فيه بكتابة سيناريوهات مختلفة لأوضاع جديدة متوقعة والأهم من ذلك كله أن المستقبل هو ما نستطيع أن نصنعه بأيدينا عبر التخطيط الاستشرافي والاستراتيجيات المستقبلية.

الاقتصاد كجميع العلوم الاجتماعية يهتم بالمستقبليات بصورة شديدة كونه يستهدف بالنهاية تحسين الأوضاع الاقتصادية ورفع مستوى الدخل ورفع كفاءة القطاعات الاقتصادية عبر الأهداف والسياسات والإجراءات ومن ثم البرامج والمشاريع.

المستقبل بشكل عام من الأوضاع التي يكتنفها الغموض وأحياناً كثيرة الخطر وعدم اليقين نتيجة بروز أحداث ومستجدات غير متوقعة أو متغيرات غير محسوبة مما يؤدي لصعوبة رسم سيناريو اقتصادي مستقبلي.

سورية حاولت رسم سيناريو مستقبلي منذ عام /2005/ توقع نتائج مختلفة ومتباينة حتى عام /2025/ وجاءت الأزمة بكل تداعياتها لتنسف جميع السيناريوهات وحتى المتشائمة منها في أوضاع اقتصادية هي الأكثر صعوبة مرّ بها الاقتصاد السوري.

واليوم نحن أمام مرحلة مفصلية للاقتصاد السوري وبحاجة لرسم ملامح مستقبلية تدمج ما بين الواقع والظروف الحالية وما بين سيناريو ما يجب أن يكون الغد الاقتصادي واستبعاد سيناريو ما سيكون دون فعل مباشر من الأدوات والسياسات الاقتصادية.

مستقبل الاقتصاد السوري يجب أن يعتمد على مؤشرات وأهداف واضحة وقابلة للتحقيق عبر اختيار  نموذج اقتصادي يعتمد نظام الاقتصاد الحر مدموجاً بالعدالة الاجتماعية وخلق الآليات اللازمة للاستفادة من جميع الطاقات والموارد المتاحة واستخدام أدوات السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية والتجارية لرفع معدلات النمو الاقتصادي للحدود القصوى مما يسمح برفع مستوى الدخل الفردي وتخفيض معدلات التضخم والبطالة واستخدام أسعار الفائدة لتنشيط الاستثمار.

هناك قاعدة تقول أن تحديد الهدف بحد ذاته يمثل 80% من عملية الوصول لهذا الهدف ويبقى الجهد المبذول في نسبة ال 20% الباقية.

ما يجب أن نسعى إليه هو اقتصاد سوري قوي يمتلك جميع أدوات الفعل الاقتصادي ولا مجال فيه لتجارب الخطأ والصواب ولا مكان فيه لموارد غير موظفة بأعلى درجات المردود والعائدية ولا معنى فيه لانتظار الحدث بل خلق الحدث نفسه ولا صوت فيه يعلو عن صوت الإنتاج والكفاءة والفاعلية والاستثمار الأمثل والبوصلة الصحيحة.

العيادة الاقتصادية السورية – حديث الأربعاء الاقتصادي رقم /255/

دمشق في 31 تموز 2024م