بدلاً من أن تكون مركزاً تنموياً مزدهراً .. بعض جامعاتنا الخاصة افتقدت التأثير الاقتصادي والاجتماعي في محيطها وبقيت كجزر معزولة

 

 

جامعات تنموية

كتبه د.عامر خربوطلي :

الأصل في فكرة تأسيس الجامعات بجميع أشكالها وتخصصاتها أن تكون مراكز للتعلم والتخصص والتدريس ومنح الدرجات العلمية وفق معايير ومحددات وشروط، أما اليوم وعالمياً فهي قد تجاوزت هذه المهمة لتصبح الجامعات مراكز للبحث العلمي وإنتاج مختلف الابتكارات والاختراعات والأفكار الجديدة، أما الأمر الأخير الذي هو موضوع حديثنا فهو ارتباطها بالمجتمع كأداة لخدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ليس من خلال خريجيها فقط وإنما من خلال الأثر التنموي المتعدد الأوجه الذي يحدثه تواجد هذه الجامعات في أماكن ومدن ومناطق أقل نمواً، حيث عادةً ما تساهم هذه الجامعات في تطوير البنية التحتية من طرق برية وسكك حديدية ومطارات ومرافئ لخدمة هذه الجامعات وطلابها، بالإضافة للآثار المباشرة وغير المباشرة على صعيد التنمية من تشغيل أيدي عاملة وبناء الفنادق والمطاعم والمقاهي والمكتبات والمصارف وأماكن الترفيه والتسلية للطلاب، بالإضافة إلى مراكز التسوق والمولات والشركات الصغيرة والورشات الموردة للموارد والأدوات لهذه الجامعات بجميع تخصصاتها وبخاصة المشافي الملحقة ومراكز البحوث والاختبارات والقائمة تطول…

وأعطي هنا مثالاً لجامعة بريطانية تعتبر الثالثة عالمياً في تخصص الطب البشري وهي جامعة (دورام) في مقاطعة (نيوكاسل) البريطانية التي حوّلت هذه المدينة الجميلة الصغيرة الوادعة أي مدينة (دورام)  لأهم مركز تنموي مزدهر لتلبية احتياجات الطلبة والأساتذة وتأمين جمع السلع والخدمات التقليدية والإلكترونية والمعرفية.

إنها قطب تنموي هائل التأثير في منطقتها عبر تكاملها وارتباطاتها مع محيطها الاجتماعي والاقتصادي وهي قادرة على تحويل المنطقة إلى حالة مزدهرة من النشاط الاقتصادي الداعم والمكمل لأهداف الجامعة واحتياجات الطلاب.

أما أن تكون الجامعات في مناطق منعزلة عن محيطها وكأنها جزيرة صعبة الاقتحام أو التفاعل فهذا ما شأنه أن يلغي الوظيفة المهمة للجامعات وهي خدمة المجتمع والتفاعل معه وتطوير مستوياته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية إلى أبعد الحدود.

بعض الجامعات السورية الخاصة التي تموضعت في مدن وبلدات مهمة استطاعت أن تُحدث الأثر الاقتصادي والاجتماعي الذي أشرنا إليه، أما الباقي فكانت جزر معزولة ينتقل إليها الطلاب في رحلة يومية قصيرة وتعصف بها الرياح وهي خاوية باقي الأوقات.

ما أحوجنا لمثل هذه النماذج العالمية لتصحيح أدوار الجامعات والمعاهد والكليات….

العيادة الاقتصادية السورية – حديث الأربعاء الاقتصاد رقم /246/

دمشق في 22 أيار 2024م

التعليقات مغلقة.