جديد 4E

ليكونَ العيدُ سعيداً

علي محمود جديد :

إن صحّتْ التوجهات الجديدة التي يجري الاشتغال عليها حالياً لإطلاق المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتنظيمها ورعايتها وضمان نجاحها عبر إجراءات الاحتضان والتدريب وتقديم النصائح الخبيرة والتمويل وتيسير انخراط رواد الأعمال في دائرة العمل والإنتاج الحقيقي، فإن مظاهر العيد البائسة والهموم التي تُثقل كواهل مئات آلاف الأسر الذين تتوجّس قلوبهم اليوم وتعتريهم الحيرة كيف سيقضون العيد القادم بعد أيامٍ قليلة؟ وكيف سيتدبرون أمرهم ويستجيبون لطلبات ورغبات أطفالهم ليرسموا البسمة على وجوههم كبقية خلق الله الآخرين القادرين –وإن قلّوا– على ممارسة طقوس العيد باللباس والهدايا والفرح؟

إن صحّت التوجهات ورأينا على الأرض تجسيداً حقيقياً لما يجري التخطيط له، بإحداث ذلك الانعطاف الحقيقي وإطلاق المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الكفيلة بإنعاش الاقتصاد والأسر وحالة الأفراد، فإن العيد نفسه في السنة القادمة سيكون مختلفاً، وسيتحول ذلك البؤس القائم اليوم إلى فرح، والهمّ إلى سعادة والحيرة إلى استقرار وفرح.

فالحكومة اليوم على أبواب امتحان حقيقي بأبعادٍ اقتصادية واجتماعية، فالأبعاد الاقتصادية كما صار معروف ومُتفق عليه تتمثّل بكون قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة يُشكّل العمود الفقري للاقتصاد السوري، وقاطرة للتنمية الاقتصادية والإنتاج وتحسين النشاط الاقتصادي، أمّا الأبعاد الاجتماعية فتتمثل بأثر هذه المشاريع وانعكاسها على دخل شرائح واسعة من المجتمع وتحسين أوضاعهم المعيشية، فهي أيضاً قاطرة للتنمية الاجتماعية، وهذا الكلام هو للحكومة ذاتها التي عبّرت عنه بكل وضوح وطلبت من اللجنة الاقتصادية إعداد سياسة متكاملة لتطوير وتنظيم المشروعات المتوسطة والصغيرة لناحية البنية والهيكلية والأسس والدعم والتسهيلات المقدمة والجهات والهيئات المرتبطة والمعنية بإنجاز هذه المشاريع، مُعلنةً ضرورة تبسيط الإجراءات المتعلقة بمنح التراخيص وتأمين مناطق حرفية لإقامة هذه المشروعات وفتح نوافذ تسويقية وتصديرية لتمكين أصحابها من تصريف منتجاتهم، إضافة إلى مراجعة السقوف المالية الخاصة بهذه المشاريع بهدف توسيعها وتطويرها بشكل مستمر.

كلام يثلج الصدر ويشي بأن الحكومة هذه المرة جادة بالأمر، ما يعني أنها ستجتاز ذلك الامتحان بكفاءة واقتدار، على الرغم من أن الكثير من التجارب السابقة لامتحانات مختلفة لا تُطمئن بأن الحكومة ستحقق النجاح، ولكنها هذه المرة لا مهرب منه على ما نعتقد، لسبب أساسي راسخٍ في قناعاتنا وهو الرسالة القوية التي خطّها السيد الرئيس بشار الأسد حول هذا الأمر، والذي ترجمها سيادته بأن ترأس في التاسع من آذار اجتماعاً حكومياً مصغراً لبحث السياسات المتعلقة بدعم وتنمية المشروعات الصغيرة التي تشكل أساس اقتصادات معظم دول العالم، لكونها تؤثر مباشرة في المستوى المعيشي والقدرة الإنتاجية للشرائح الاجتماعية التي تزاول هذه المشاريع…

هذا الاجتماع المصغّر (الكبير بمعانيه) يعني رعاية رئاسية واضحة لهذا الملف، ولا خيار أمام الحكومة سوى إنجاحه، ولا بد من أن تنجح، ولعل ما يثير التفاؤل بجدية الحكومة وعزمها على النجاح بأن أوكلت لوزير الاقتصاد هذا الأمر وهو من الشخصيات العلمية والديناميكية المميزة من دون مجاملة، وقد أدهشنا – عندما اجتمع بنا  كمجموعة إعلامية منذ أيام – بكيفية فهمه لهذا الأمر، وكيف تابعه منذ أشهر طويلة.. واكتشف العراقيل التي تحول دون إطلاقه بالشكل الصحيح.. وما الرؤى الجديدة التي ستضمن تمكين الانطلاق الواسع والمؤثر، البعيد ما أمكن عن مخاطر الفشل؟

ما هي إلا خطوات قليلة، ليبدأ التغيير المرتقب الذي سينقل إلينا فرحة الأعياد وبهجتها على الجميع بعد طول حرمان.. وفي العام القادم لا بد أن يكون العيد سعيداً.

صحيفة الثورة – على الملأ – 31 آذار 2024م