جديد 4E

بين الدرهم والقنطار

 

السلطة الرابعة – عبد الحليم سعود:

ثمة مثل عربي مشهور يقول( درهم وقاية خير من قنطار علاج ) وكم نحن بعيدون عن مضامين ومعاني هذا المثل في حياتنا اليومية.. ففي كثير من الأحيان يجد البعض نفسه تائهاً بين الدرهم والقنطار فلا هو يملك الاول من أجل الوقاية ولا يملك الثاني من اجل العلاج، فيما شريحة ضيقة من المجتمع تملك الدراهم و(الدولارات) وتكدسها او تهدرها ولا تهتم لأمر الوقاية أو سواها وكأنها مصممة على التضحية بالقناطير على أهون الاسباب..

قبل أيام قليلة استقبلنا شهر رمضان المبارك بكل ما انطوى عليه من أسرار وحكم، وياليت الجميع كان يدرك بعضا من مضامينه وحكمه، فإذا كان من أبسط حكمه وأبلغها هو تربية النفس وقمع شهواتها فقد تجاوز البعض حدود المعقول في غش المواد الغذائية ورفع اسعارها، وكأني بهذا البعض قد وجد فرصته السانحة لتكديس المزيد من المال على حساب جوع الناس وفقرهم.. أما إذا كان من حكم رمضان هجر اللذائذ والطيبات والامتناع عن الطعام والشراب من اجل تحسس مشاعر الفقراء والجياع والمحتاجين ومساعدتهم.. فإن المطلع على حركة البيع في المتاجر والمولات سيصاب بالدهشة إن لم يصب بالفاجعة نتيجة الهجوم الهستيري على شراء المواد الغذائية وكأننا في شهر الشراهة في الطعام ولسنا في شهر الصيام.. اما إذا كانت اهم حكم رمضان هي (صوموا تصحوا) فإننا سنسأل المشافي والمستوصفات  والاطباء والصيدليات عما جرى وسيجري خلال الشهر الكريم من أعراض ومشكلات التخمة والنفخة والسمنة وغيرها نتيجة تناول كميات أكبر من الطعام في الوقت الذي لا يجد فيه الكثير من العائلات ما يسدون به رمق أطفالهم..!

وإذا كان الصبر والتعقل والأناة والحلم من حكم الشهر الكريم فإن ما نشاهده على الطرقات العامة من سرعات جنونية ومشاجرات بين مستخدمي الطريق قبيل ساعة الافطار يدعونا للقلق حقيقة ويجعلنا نشك بمدى قدرة البعض على التحلي بأخلاق رمضان واحترام حضوره بيننا..

في كل الأحوال مبارك علينا الشهر الكريم وأتمنى ان نجد فيه فرصة حقيقية للرحمة والتراحم وفعل الخير  ومساعدة المحتاجين  – وما أكثرهم – ولا سيما المحسوبون على القطاع العام من موظفي الدولة..!