جديد 4E

معضلة ساذجة لم نعد نعرف لها حلاً .. والحل بسيط .. افتراش الأرصفة وإشغالها بالبسطات .. تُداهَم وتختفي ثم تعود لتُداهَم وتختفي .. وهكذا .. !

 

المحافظات والبلديات قادرة على إنشاء الأكشاك والمحال الصغيرة الداعمة للمشهد البصري وتستثمرها بشروط معينة وميسّرة ولقاء أجور

 

السلطة الرابعة – سوسن خليفة :

من أعطى الحق لأصحاب البسطات أن يتملكوا الرصيف ولو من الصباح حتى آخر النهار.. والمواطن محروم من السير على الرصيف وجانب الرصيف أيضاً الذي أصبح مصفات مأجورة بالساعة  للسيارات.. عدا عن التشوه البصري والمظهر غير الحضاري لدواليب السيارات التي يستخدمها الباعة ويفترشون فوقها بضاعتهم..؟ ولكن ما الذي يدفعهم نحو هذه الأرصفة ..؟

الملفت للنظر والمحير بآن واحد عندما تأتي البلدية ويهرع الباعة مع بضاعتهم إلى الرصيف المجاور ويجلسون بانتظار ذهاب الدورية ليعاودوا الانتشار بلحظات ويعود الحال عما كان عليه.

ما هذا القرار الذي لا ينفذ ولو لدقائق ..؟! ويدل على عدم الهيبة والصرامة في تنفيذ ما تريده المحافظة بإزالة الاشغالات (حسب زعمها).

الضعف هنا إما بعدم الجدية أساساً في تنفيذ القرار .. أو بعدم صحة القرار ذاته.. وفي الحالتين نحن أمام مخالفات وعدم احترام القانون أمام موضوع بسيط.. أو عدم صياغته بشكل موضوعي يُتيحُ تنفيذه .. علماً أن أغلب الباعة قالوا لنا : نحن نعمل على البسطات بالأجرة. ووراء هذا الكلام ما ورائه!

أمام هذا الواقع لسنا بحاجة إلى هذه التمثيلية، إذا كان هناك عجز عن إزالة هذه الاشغالات التي تتوضع في شوارع رئيسية واضحة للعيان وجمعها في مكان آخر مخصص لها كما صرحت المحافظة سابقاً بذلك.

ومن جانب آخر  وعلى المدى المنظور لا بد من إعادة تأهيل هذه العمالة ضمن إعداد مشروع تنموي يتطابق مع رؤية الإدارة المحلية بطلبها من مجالس المدن والبلدات بإحداث مشاريع تنموية تؤمن فرص عمل حقيقية وترفع من المستوى المعيشي.

وماذا بعد ..؟

كل الوقائع تُشير – وعلى مدى سنوات طويلة – إلى أن هذه الإشغالات غير قابلة للإزالة لا في دمشق ولا في غيرها من المدن السورية، فهي منتشرة بشكل واسع، ورغم كل إجراءات المكافحة التي تُمارس ضدها، بين وقت وآخر والتي تكون غالباً بمنتهى القساوة وخالية من أي شفقة وأي تقدير بأن خلف هؤلاء الشاغلين للأرصفة أسرٌ محتاجة وأطفال يجوعون إن توقفوا عن ممارسة هذا العمل، ولذلك فرغم كل معاداتها بقيت تلك الاشغالات صامدة، فما أن تُداهَم حتى تختفي ثم تعود وتنتعش .. ثم تختفي وتعود .. وهكذا …

هذه الحقيقة التي نراها في كل المدن تؤكد أن الحل يجب أن يتغيّر، فالمداهمات والمطاردة لهؤلاء البائسين الذين يحتلون بعض الأرصفة لن تُجدي نفعاً، ولن تكون يوماً حلاً، لأن الحل الحقيقي في مكانٍ آخر، وما تفعله المحافظات والبلديات ضد هؤلاء المتعايشين على الأرصفة ليس أكثر من حالة هروبٍ بشعة عن إيجاد حلٍ حقيقي وجاد يُفضي إلى خلق تفكيك منطقي لهذه المشكلة، وإبداع حالة مفيدة تُرضي مختلف الأطراف، وتستفيد منه بكل مودّة واحترام، بعيداً عن مثل تلك الملاحقات القسرية اللامجدية التي تمارس ضدهم منذ سنوت وعقود وبلا فائدة، فما الذي يمنع من أن تقوم المحافظات .. والبلديات .. كل البلديات بتحديد أماكن مخصصة لمثل هذه الاشغالات بمختلف الشوارع والساحات، والتخلّي عن ادّعاءات التشوه البصري والتمسك بحجة ضرب المظاهر الحضارية للمدن، لأن المحافظات والبلديات قادرة وبكل بساطة على بناء وإنشاء مئات وآلاف الأكشاك والمحال الصغيرة التي تكون داعمة للمشهد البصري والحضاري، وتسلمها لهؤلاء الكادحين البائسين بشروط معينة وميسّرة ولقاء أجور طفيفة أو ضرائب ورسوم معقولة تضمن استفادة الجميع من استثمار هذه الأكشاك والمحال، لتتشكّل بذلك حالة حضارية قادرة على امتصاص جزء كبير من البطالة المتراكمة حالياً، وبدلاً من الملاحقات والمطاردات والمداهمات التي لا جدوى لها، واستعداء الطرفين لبعضهما .. نصير أمام مصالحة طيبة .. وحفاظ منظّم على المشهد البصري والحضاري للمدن .. فضلاً عن تحقيق المصالح المشتركة للأطراف كلها.. فهل نفعل ..؟ أم نبقى بحالة اللا جدوى واللا حل ..؟!