جديد 4E

بدايات .. !!

مرشد ملوك:

أضفى دخول العام الجديد حالة جمعية من التفاؤل .. وهو إحساس طبيعي يتولد لدينا مع بداية كل عام قبل الحرب واثناءها وبعدها ، لكن جوهر الحدث يتأتى من أنه بداية جديدة، مبنية على أمل جديد يعيش عليه من يسبح بقوة مع التيار أو عكسه ..  أو حتى الغريق الذي يتعلق بقشة .

المناسبات والاحداث هي بدايات جديدة بفعل الزمن والتوقيت، بدون أي صناعة بل هي صيرورة الزمن تنقلنا من مناسبة الى مناسبة ومن بداية الى أخرى .. لكننا نتفاءل .. !!  وفي الحقيقة فأن الظروف لاتختلف بين ليلة وضحاها ولا في يوم أوشهر أو سنة .. لكنها البداية الجديدة ، والتاريخ عبر الزمن يصنع احداثه ومناسباته وبالتالي بداياته.

على المستوى الفردي والشخصي تنفصل حياتنا جميعا الى محطات وفي كل محطة بداية لمرحلة جديدة .. في العمل .. في السكن .. في التدريب ، وربما تقودنا البدايات الجديدة إلى تغيرات نسبية أو جذرية في كل شيء .

الظروف الاقتصادية فرضت علينا التفكير اليومي ببداية جديدة .. وكان ذلك .. غيرنا المهنة  أو دخلنا بمهنة جديدة لم نكن لنقبل بها قبل الحرب، هاجرنا الى بلاد الله الواسعة التي نعلم أو لا نعلم عنها القليل أو الكثير طلبا للرزق، الكثير منا تأقلم مع بيئة ومهن الحرب ، المهم كانت البداية الجديدة أو ربما البدايات وهذا لم يكن بشكل اعتباطي بل مدروس بغرف انعاش شخصية فائقة ، بعد تهيئة الظروف المساعدة له ،  انها غريزة البقاء البشري .

في المقابل  تبرز وتتجذر الرؤى العامة والخاصة على أن الواقع صعب ولايمكن أن يتحسن في ظل الظروف الحالية ، وهناك ظروف موضوعية تحول دون ذلك .. ألخ ، ولن يستطيع الأشخاص مهما بلغوا من القوة من الكفاءة والقوة والخبرة أن يغيروا شيئا في الظروف الحالية… !! لذلك خلونا نترك الأمور على حالها .. في وقت تزداد ظروف البلاد والحياة اليومية سوء بسوء.

هذا الطرح وعلى مختلف المستويات يشكل احباطا كبيرا لكل من يريد أن يعمل ، واحباطا لأصحاب الكفاءات ، ويثبط الهمم والعزائم ، وبنفس الوقت يشكل غطاء ورداء رائعا لمن لا يريد أن يعمل ومن يريد ان يفسد .. ألخ

أما على المستوى الشعبي يعطي ذلك احباطا كبيرا في وقت نحتاج فيه على ضوء في نهاية النفق.

وهنا يبرز السؤال هل كل ما نحنا فيه بسبب الحرب .. ؟ هل كل ما وصلنا اليه بفعل الظروف الخارجية ؟ هل الحصار على سورية قصة جديدة ؟

اسمحوا لي بالقول:

كانت مناعتنا ضعيفة وهشة قبل الحرب، والحصار حالة مستمرة من عشرات السنوات، لكننا نحتاج اليوم الى بيئة وبداية جديدة بالإجراءات على كافة المستويات وخاصة الاقتصادية والمالية والنقدية، ربما نحتاج الى البداية الجديدة في نمط تفكيرنا جميعا في المجتمع الأهلي والحكومي حول كل الأسباب التي أوصلتنا الى مانحن فيه من غلاء أسعار يفوق سلع العالم والمنطقة، وبالتالي تضخم مخيف.

بالفعل نحتاج الى البداية الجديدة كما بداية العام التي اعطانا إياها الزمن، والفلسفة والتحدي هنا على المستوى “الميداني والتنفيذي والفني”  لمن السبق الحاسم والأول للبيئة والاجراءات الجديدة أم للأشخاص التكنوقراط، أي هؤلاء من يصنع بيئتهم أم البيئة تصنعهم ، دروس التاريخ قد تقدم لنا إجابات شافية في ذلك .

صحيفة الثورة – على الملأ – 3 كانون الثاني – 2024م