جديد 4E

إنّها فيزيولوجيا السياسة الأمريكية .. ترومان يفتخر بـ (قنبلة هيروشيما)!!

 

 

د. فؤاد شربجي :

‏البارحة كانت الذكرى 78 لإلقاء القنبلة الذرية الأمريكية على مدينة هيروشيما اليابانية التي قتلت الآلاف من البشر ودمرت الأبنية و الحجر، والتي كانت فاتحة سباق تسلح نووي عالمي، ووضع العالم في مهب أخطار أسلحة الدمار الشامل، ما يحمّل أمريكا مسؤولية تاريخية تجاه ما تسببت به هذه الأسلحة المجرمة، كما أنّ حدث القنبلة الذرية الأمريكية على هيروشيما يشير من نواحٍ عديدةٍ إلى طبيعة (فيزيولوجيا السياسة الأمريكية) في السيطرة على العالم، وما حصل في لقاء الرئيس الأمريكي المسؤول عن إلقاء القنبلتين الذريتين هاري ترومان مع منشئ القنبلة الذرية أوبينهايمر وما حصل فيه، يكشف الكثير من هذه الفيزيولوجيا السياسية الأميركية في تعاملها مع المصائر البشرية، ‏بعد قيام أمريكا برئاسة هاري ترومان بإلقاء القنبلتين الذريتين على مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين.

استقبل ترومان منشئ ومدير فريق اختراع القنبلة الذرية روبرت أوبنهايمر بحفاوة وترحيب بالغين، وعندما سأل الرئيس ترومان أوبنهايمر مجاملاً ومادحاً(ما شعورك بعدما وضعت مجلة التايم صورتك على غلافها وأصبحت أشهر رجل في العالم ؟؟) أجابه أوبنهايمر في قلق وارتباك (أشعر أنّ يديَّ باتتا ملطختين بالدماء) استغرب ترومان ما سمعه واستنكره، وحسبما جاء في فيلم نولان الموثق ردّ عليه ترومان: الناس لا تتذكّر مَن اخترع القنبلة، الناس تعرف من ألقاها على هيروشيما، وأنا مَن ألقيتها) أمّا كاتب سيرة أوبنهايمر (راي مونك) فيقول: إنّ الرئيس الأمريكي غضب من عبارة أوبنهايمر (أشعر أنّ يديَّ ملطختان بالدماء) وعقّب عليها بأنّ قال لمن حوله: (هذا الغبي ليس لديه نصف كمية الدم التي على يدي)، ثمّ صرخ بوزير خارجيته دين أشتنسون (لا أريد أن أرى ابن العاهرة، هذا الطفل البكّاء في هذا المكتب مرة ثانية) ‏في الحقيقة غضب ترومان على أوبنهايمر لأنّه خذله في أكثر من أمر، خذله أولاً عندما رفض الاستمرار في معسكر (لوس الأموس) لإنجاز القنبلة الهيدروجينية الأفظع من الذرية، وخذله ثانياً لأنّه كان يريده عاملاً مساعداً في إقناع الكونجرس بحصر سيطرة الجيش على الطاقة الذرية، وخذله ثالثاً عندما سأله ترومان متى يظن أنّ الروس سينجزون قنبلتهم الذرية فأجابه أوبنهايمر (لا أعرف) وجاء رد ترومان عليه بغضب (أبداً لن يستطيعوا..) وحسب تصريح المتحدث باسم عائلة أوبنهايمر وحفيده تشارلز فإنّ (ترومان لم يعجب باللقاء ولم يستمع إلى نصيحة جدي بضرورة العمل على حظر انتشار السلاح النووي) ‏ترومان كان فخوراً بإلقاء القنبلتين، وتدمير مدينتين مع ما تسبب به من قتل مئات آلاف البشر وزرع بلاوي الإشعاع لعقود قادمة، وكان الرئيس الأمريكي عازماً على استكمال هذه الأسلحة الذرية بالقنبلة الهيدروجينية، وغضب من إحساس أوبنهايمر بالذنب تجاه الإنسانية، وسخر منه معترفاً أنّ يديه كرئيس لأمريكا ملوثة جداً بالدماء. إنّها فيزيولوجيا السياسة الأمريكية، التي تجعل رئيساً كترومان يفتخر بأكبر جريمة ارتكبت في التاريخ بإلقائه القنبلتين الذريتين على هيروشيما وناكازاكي.

صحيفة تشرين – آفاق – 7 آب 2023م