جديد 4E

ليس في سورية وحدها .. التضخم ينعش سوق الألبسة المستعملة حول العالم

 

تقرير “ثريد أب إنك”: مبيعات الملابس والأحذية والإكسسوارات المستعملة قفزت 28% في 2022 إلى 177 مليار دولار

 

الجيل الأصغر سناً هو من يقود التوجه نحو الأزياء الأكثر استدامة

 

 

السلطة الرابعة – 4e :

ما تزال الألبسة المستعملة ( البالة ) تفرض نفسها بقوة في السوق السورية، ولن تفيد – على الأرجح – كل الحملات التموينية والجمركية التي حاولت قطع دابر هذه المصلحة غير مرة، ولكن سرعان ما تبوء تلك الحملات بالفشل، وهو فشلٌ حميد يتطلع الملايين إلى استمراره، لأن حاجة الناس باتت ضاغطة باتجاه مواصلة تدفق هذا الصنف من السلع أمام التضخم المفرط الحاصل، لأن الزيادات التي طرأت على الرواتب والأجور منذ اندلاع الأزمة في سورية عام / 2011م / والتي وصلت إلى ستة أضعاف ما كانت عليه، حيث كان وسطي الرواتب يتراوح بين 16 ألف إلى 20 ألف ليرة، وهي اليوم تتراوح بين 100 ألف و 120 ألف ليرة شهرياً، هذه الزيادات التي رفعت من حجم السيولة المتداولة لم تستطع أن تُجاري ارتفاع الأسعار الفظيع الذي تشهده الأسواق والذي تضاعف بمعدل وسطي لا يقل عن / 150 / ضعفاً، وهناك سلع تضاعفت أسعارها / 400 / ضعف، وهذه الحالة تُشكل تضخماً مفرطاً بكل ما للكلمة من معنى.

ولذلك ازداد عدد المتجهين نحو صالات و ( دواخيش ) وعربات وأرصفة الألبسة المستعملة، رغم أن أسعارها ارتفعت بما فيه الكفاية أيضاً ولم يعد من السهولة اقتناء بعض قطع هذه الألبسة التي كانت تُشكّل ملاذاً للكثير من الفقراء، ولكنها بكل الأحوال تبقى أسعارها أقل وطأة من أسعار الملابس الجديدة التي باتت تفوق الخيال، من هنا كان فشل تلك الحملات التموينية والجمركية .. أو على الأقل تجميدها، فشلاً وتجميداً حميداً

الحال من بعضه وليس سوريّاً

صحيح أنّ حالة التضخم في سورية متفاقمة، وقد زادها صعوبة حالة الحرب لسنوات طويلة الأمد ( 12 ) سنة متواصلة، وحالة الحصار الجائر الذي تفرضه الدول التي تنصب العداء لسورية، غير أن التضخم لم يعد مقتصراً على سورية، بل راح يجتاح الكثير من الدول، ما دفع ملايين البشر في شتى أنحاء العالم للتوجه نحو السلع المستعملة، ومن ضمنها الألبسة بطبيعة الحال .

بلومبرغ رصدت هذه الحالة بعناية، واكتشفت أنّ التضخم ينعش سوق الألبسة المستعملة في العالم، وقالت :

مع تزايد عدد الأشخاص الذين يشترون الملابس والأحذية والإكسسوارات المستعملة، وصلت مبيعات السلع المستعملة حول العالم إلى 177 مليار دولار في العام الماضي، وفقاً لتقرير جديد صادر عن متجر البضائع المستعملة عبر الإنترنت “ثريد أب إنك” (ThredUp Inc).

يمثل ذلك زيادة بمقدار 28% مقارنة بعام 2021، بسبب ارتفاع التضخم، وقيام مزيد من تجار التجزئة بتطوير عروض للسلع المستعملة أو عروض “إعادة البيع”، بالإضافة إلى زيادة الوعي بعادات التسوق المستدامة.

كما أن هناك نمواً إضافياً يلوح في الأفق، إذ ذكر تقرير “ثريد أب” الذي يعتمد على الأبحاث والبيانات من شركة تحليلات البيع بالتجزئة “غلوبال داتا” (GlobalData) أنه يُتوقع أن تتضاعف مبيعات السلع المستعملة العالمية عملياً إلى 351 مليار دولار بحلول عام 2027.

ليست مجرد موضة

قال جيمس راينهارت، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة “ثريد أب” لـ”بلومبرغ غرين” في مقابلة: “من الواضح أن إعادة البيع ليست مجرد موضة”. في الوقت الذي يرى المستهلكون أن في تسوّق السلع المستعملة قيمة ، يقول راينهارت إن العلامات التجارية تنظر أيضاً إلى “إعادة البيع” على وجه الخصوص باعتبارها أمراً مهماً بشكل متزايد لأجندة الاستدامة الخاصة بها. ويضيف: “عندما أتحدث إلى العلامات التجارية اليوم، لا يتمحور السؤال عما إذا كانت ستشارك في إعادة البيع، بل بكيفية القيام بذلك”.

يمكن لشركات الأزياء التي تتطلع إلى تقليل انبعاثاتها من غازات الاحتباس الحراري، بالإضافة إلى آثارها الناجمة عن البلاستيك وتلك الضارة بالمياه، محاولة معالجة هذه المشكلات في وقت واحد من خلال دعم الاستخدام المستمر لمنتجاتها الحالية من خلال إعادة البيع، ما يضمن تدفقاً إضافياً للإيرادات من هذه العملية.

لكن السؤال لا يزال مفتوحاً حول ما إذا كان ظهور نماذج الأعمال المتعلقة بالسلع المستعملة، وغيرها من نماذج الأعمال “الدائرية” (التي تراعي تقليل التكاليف البيئية والاجتماعية)، سيُخفّض أيضاً عدد العناصر الجديدة التي يجري إنتاجها أو طلب المستهلكين على السلع الجديدة.

شعبية الملابس المستعملة بين أفراد “الجيل زد”

وفقاً لمسح “غلوبال داتا” لما يقرب من 3 آلاف شخص بالغ في الولايات المتحدة، فإن المتسوقين الأكثر انجذاباً لإعادة البيع هم أفراد الأجيال الأصغر سناً، لا سيما “الجيل زد”، إذ قال 83% من المشاركين من “الجيل زد” إنهم تسوقوا بالفعل لشراء الملابس المستعملة، أو كانوا منفتحين على هذا الأمر.

يقول راينهارت: “بالتأكيد هذا نشاط يحظى بشعبية لدى فئة الشباب”.

الملابس المستعملة مشكلة بيئية جديدة تواجهها الصين

وقالت بلوميرغ: لقد دعمت مجموعة المستهلكين هذه إلى حد كبير صعود “الأزياء السريعة والفائقة السرعة” (أي تلك التي تنتقل بسرعة من التصميم إلى متاجر البيع)، ما يساعد على تفسير سبب تبني حتى شركات الأزياء السريعة الكبرى الآن بيع السلع المستعملة في المتاجر وعبر الإنترنت.

بدأت شركة “شيين” (Shein)، وهي شركة صينية للبيع بالتجزئة ساعدت على زيادة فاعلية نموذج “الأزياء السريعة”، في إعادة البيع العام الماضي من خلال موقع “شيين إكستشينج” (Shein Exchange) الخاص بها. في مارس، أعلنت “إتش آند إم” (H&M) أنها تُطلق منصة إعادة البيع عبر الإنترنت مع “ثريد أب”، وقالت “إتش آند إم” في التقارير السنوية الأخيرة إنها تتوقع أن يفضل المستهلكون المهتمون بالمناخ منتجات أكثر استدامة في المستقبل. يمكن أن يكون هذا التحول المحتمل في تفضيلات المستهلك، بالنسبة إلى كل شركة، إما ضربة كبيرة للمبيعات المستقبلية، وإما -على الأرجح- فرصة.