جديد 4E

“شحاد” برتبة محلل سياسي

 

وصال سلوم :

” الشحادة ” مابين السلوك النفسي الفردي والمرض الاجتماعي، وما بين فرض وقوعه ووجوده في الشارع كمهنة، يمكن أن تنجز فيه مئات التحقيقات والدراسات والبحوث القائمة على تحليل الشخصية السلوكية وما ورائيات الفعل والحاجة التي ساهمت في دخول المرأة والطفل مضمار الشوارع بغية الترجي واستذلال مبلغ من النقود، ويمكن أيضاً سرد الفصول البحثية عن الشحاذة كمهنة وعمل قائم بحد ذاته، ركائزه حاضرة ومخرجاته ملموسة، فالعمالة موجودة ورب العمل موجود، والغلة مقدرة ومحسوبة زائد ناقص بضعة آلاف على حسب الشحاذ العامل وقدرته التسويقية في كسب الزبون..

” الشحاد “، باسمه المهني وسأترك الجانب السلوكي والآثار النفسية على اعتباره ضحية، حيث أثبتت ضبوط الشرطة والمصالح العقارية وسجلات البنوك، وجود العديد من الأسماء لشخصيات تمتهن الشحاذة عملاً منذ سنين، وتركة موروثة من أب أو أمٍّ تشحذ وتكتنز النقود..

الشحاذ العامل، صورة دخلت خاطري وذهني المعرفي منذ أيام في أحد الشوارع الدمشقية المخملية – نوعاً ما – بعد أن استوقفني طفل يشحذ وفي يديه بضعة أكياس محارم صغيرة (عدة الشغل) وثيابه نظيفة تشي بأنه مع مشغله درسا المكان ونفسية المارة والسكان، وليكتمل المشهد الوظيفي لابدّ من الاستعراض والتأثير على الزبون بالكلام والطفل الموهوب في التسويق، استطاع لفت انتباهي وملاحظته وأنا المشغولة بحمولة أكياس وشرطي مرور يمكن أن يخالف سيارتي المركونة (صف تاني) أمام المول..

المهم.. جملة واحدة من الطفل مفادها:

” الله يجبر بخاطرك، وتسافري ع دبي”

كانت كفيلة بلفت انتباهي لشحاذ صغير يعرف من أين تؤكل القلوب..!!

ضحكت من قلبي على حسن حضوره وذكائه وأعطيته إكرامية تليق بدعواته، وتركني قاصداً زبوناً دسماً يحمل في يديه آيفون ودخاناً أجنبياً مشهوراً… لكنه بقي حاضراً في ذاكرتي واللاوعي يشحذ عقلي على تحديث أفكاره واستنباط المعاني والدروس من طفل على قارعة الطرقات يشحذ ويسترضي الناس بعبارات مدروسة تليق بكل شارع وزبون، وأنا المندهشة من عمالة لا هي مرخصة ولا درست فنون التجارة والتسويق، ولا حتى العلاقات العامة أو السياسة، إلّا أنها فطنت لفكرة الربح وتحقيق الهدف، وغيّرت من خطابها، مع الحفاظ على أدواتها لزوم المرحلة.

صحيفة تشرين – قوس قزح