جديد 4E

أبٌ لابنه الذي لم يره بعد : لن أسمح لك بالحياة.. أنا أعلم منك بها..!!

أحمد هيجر :

 

كان الأب في خلوته غارقا في هموم الحياة ومتطلباتها.. يدخل عليه ابنه الموجود في عالم الغيب.. ابنه الذي لم يولد ويقطع عليه خلوته ويطلب منه أن يجيب على تساؤلاته وكان هذا الحوار :

 

الابن : أبي طال انتظاري للحياة.. أتمنى أن أراك.. طال شوقي اليك.. متى ستسمح لي بالحضور الى الحياة.. متى اللقاء ؟

 

الأب : ابني..يافلذة كبدي..يانعيم الفؤاد.. لقد رحمتك من الدنيا.. رحمتك من عذابها وشقائها.. أصبح العيش فيها لايطاق بعد أن أضحت مرتعا للبلاء وميدانا للوباء وتنافسا بالغلاء..

ها أنا ذا تتقاذفني أمواجها العاتية المتلاطمة.. تارة أكون في الأفق ودوما أكون في الهاوية..

رحمتك من كل هذا..أفلا تشكر..

 

الابن : أبتاه : الدنيا وماحدث لك فيها ليس سببا كافيا يمكن تصديقه..لايمكن أن أسلم به تسليما..فهل من سبب آخر ؟

الأب : تحيرت في أمرك يا بني العزيز..اثارة أسباب حيرتي تكمن وراء حروف لم أضع عليها نقاطا.. وان كان تساؤلك يدعوني لسرد ماأكتمه من هواجس ومخاوف.. وخوفي عليك من المجهول من أبرز تلك المخاوف.. فاحمد الله يابني على تلك النعمة ولاتكن ثرثارا..

الابن : أبتاه..أجدك في كل اجابة أقرب الى الوعظ من تحري الأسباب.. فلا أريد أن أسمع بل دعني ارى الدنيا وأحكم عليها فقد قيل :

“لاتقل لي شيئا بل دعني أرى”

ينهض الأب من مكانه ويأخذ الحجرة ذهابا وايابا ثم ينظر الى ابنه نظرة طويلة ثم يقول :

لن أسمح لك بالحياة.. أنا أعلم منك بها.. لن أعطيك اياها.. فأنت مجادل فقط.. والخير كل الخير فيمن يتعلم الحكمة من غيره.. أما أنت فتريد بطريقتك هذه أن تزج بنفسك في الهاوية.. أنت ثرثار تريد أن تعرف مالايجدر بك أن تعرفه وتتطفل على ماليس لك..

الابن : لك ماتريد ياأبي مادامت هذه رغبتك..

الأب :

لايبلغ الجهل منكم في سعادتكم

أن تحسبوا كل من في الأرض جذلانا

 

ابني العزيز :

لما علمت ذلك من الحياة ضاق صدري وخشيت عليك منها.. وآثرت ألا أكون مجرما في حقك.. وتسخر مني وتسبني على فعلتي بانجابك..

وتمثلت بقول القائل :

 

واذا أردتم بالبنين كرامة    فالحزم أجمع تركهم في الأظهر