جديد 4E

المعرفة واقتصادها .. عصا سحرية لقلب الواقع الاقتصادي الصعب .. لواقعٍ جديد أكثر تماسكاً وتطوراً ونجاحاً

 ( اقتصاد المعرفة )

كتبه: د. عامر خربوطلي

ما صلة عنوان حديث هذا الأربعاء مع ما يجري في بلدنا من صعوبات اقتصادية عديدة وفي مقدمتها الحالة المعيشية الصعبة واتساع الفجوة ما بين الدخل ونفقات المعيشة والقائمة تطول..؟؟.. وما علاقة المعرفة أصلاً بقضايا مثل الدعم وايصاله لمستحقيه وما علاقة المعرفة بالتضخم وارتفاع الأسعار وازدياد البطالة وارتفاع سعر الصرف وجميعها قضايا اقتصادية بحتة .

في النظرة الأولى قد تبدو العلاقة واهية وغير محددة إلا أن المعرفة والتي هي ( العلم بالشيء) تحمل في طياتها عشرات المعاني ومنها ما يتصل بالعلم والثقافة ومنها ما يتعلق بالخبرة والمهارة والتكنولوجيا والتقانة والقدرة على استنباط الحلول وتوليد الأفكار ومنها ما يتصل بالإدارة والتنظيم والإصرار على النجاح ومن هنا فإن جميع صعوباتنا الاقتصادية يستطيع اقتصاد المعرفة معالجتها وتحويلها إلى فرص نجاح وقيم مضافة جديدة.

(المعرفة) جعلت من الشرائح السيليكون المعروفة عالمياً (بشرائح الشيبسي) التي تغير أساس جميع الاجهزة الالكترونية بقيمتها الزهيدة من المواد الأولية المصنعة بها تتجاوز قيمتها في الاسواق مئات الأطنان من الصناعات التحويلية التقليدية، إنها المعرفة والاختصاص والعلم والخبرة والابتكار والريادة .

إن اقتصاد المعرفة في الأساس يقصد به أن تكون المعرفة هي المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي. واقتصادات المعرفة تعتمد على توافر تكنولوجيات المعلومات والاتصال واستخدام الابتكار والرقمنة.

الموارد البشرية المؤهلة وذات المهارات العالية، أو رأس المال البشري، هي أكثر الأصول قيمة في الاقتصاد الجديد، المبني على المعرفة حيث ترتفع المساهمة النسبية للصناعات المبنية على المعرفة أو تمكينها، وتتمثل في الغالب في الصناعات ذات التكنولوجيا المتوسطة والرفيعة، مثل الخدمات المالية وخدمات الأعمال.

إن علم الاقتصاد المعرفي: “هو ذلك الفرع من علم الاقتصاد الذي يهتم بعوامل تحقيق الرفاهية العامة من خلال مساهمته في اعداد  دراسة نظم تصميم وانتاج المعرفة ثم تطبيق الاجراءات اللازمة لتطويرها وتحديثها . فالاقتصاد المعرفي يبتدئ من مدخل عملية انتاج وصناعة المعرفة ويستمر نحو التطوير المرتكز على البحث العلمي ومنضوياً تحت اهداف استراتيجية يتواصل العمل على تحقيقها من اجل تنمية شاملة ومستدامة.

اقتصاد المعرفة لديه عدد معين من الخصائص ومنها على سبيل المثال :

  1. الابتكار: وهو نظام فعال من الروابط التجارية مع المؤسسات الاكاديمية وغيرها من المنظمات التي تستطيع مواكبة ثورة المعرفة المتنامية واستيعابها وتكييفها مع الاحتياجات المحلية.
  2. التعليم أساسي للإنتاجية والتنافسية الاقتصادية. يتعين على الحكومات ان توفر اليد العاملة الماهرة والابداعية أو رأس المال البشري القادر على ادماج التكنولوجيات الحديثة في العمل. وتنامي الحاجة إلى دمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فضلا عن المهارات الابداعية في المناهج التعليمية وبرامج التعلم مدى الحياة.
  3. البنية التحتية المبنية على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي تسهل نشر وتجهيز المعلومات والمعارف وتكييفه مع الاحتياجات المحلية.
  4. حوافز تقوم على اسس اقتصادية قوية تستطيع توفير كل الاطر القانونية التي تهدف إلى زيادة الإنتاجية والنمو. وتشمل هذه السياسات ما يهدف إلى جعل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أكثر اتاحة ويسرا، وتخفيض التعريفات الجمركية على منتجات التكنولوجيا وزيادة القدرة التنافسية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

ما يهمنا أخيراً من هذا الحديث عن المعرفة واقتصادها إنها العصا السحرية لقلب الواقع الاقتصادي الصعب لواقع جديد أكثر تماسكاً وتطوراً ونجاحاً لأنها تعتمد على موردين أساسيين متجددين غير قابلين للنضوب أبداً الأول بشري وقابل للتطور الهائل وآخر معرفي قابل أيضاً للتجديد وخلق القيم المضافة الجديدة من أمور بسيطة قد تبدو أقل أهمية.

 

العيادة الاقتصادية السورية – حديث الأربعاء الاقتصادي رقم (147)

دمشق في 15/12/2021