جديد 4E

انقذوا ما تبقى من غوطة الشام..بساتين أبو جرش مهددة بالاندثار..وقرنفلة يطرح حلاً

لعل إتباع هذه البساتين مع حديقة الحيوانات في العدوي إلى كلية الزراعة المجاورة هو الحل الأسلم

السلطة الرابعة – 4e

بساتين من شتى أنواع أشجار الفاكهة ، وبساط أخضر تمتد فيه كل أنواع الخضروات ، ومن أشهر فواكه وثمار الغوطة : المشمش بأنواعه ؛ البلدي والحموي ، والتوت (التوت الشامي) والخوخ والدراق والكرز والجوز، وكذلك تشتهر بزراعة كافة أنواع الخضار والذرة الشامية الشهيرة والزهور ، وربيع الغوطة له رونقه وجماله المميز ؛ حيث الربيع بكل معانيه ، وكان أهل الغوطة يصدرون الفواكه والخضار إلى أقصى بقاع الأرض .وقد نجح الإنسان فعلاً في انتزاع هذه المساحة من البادية، وفي أن يجعل منها أرضاً من أفضل الأقاليم الزراعية في سورية كلها، وتطلّب ذلك منه استغلال المياه على خير وجه، مستخدماً جميع مصادر طاقته ومهارته، ومستفيداً من وجود المياه المتوفرة في هذه المنطقة. 

اقدم قرية زراعية على وجه الارض :

غوطة دمشق ساهمت في دخول البشرية عصر الاستقرار والزراعة ، وتأسيس القرى الزراعية الأولى في العالم من خلال عدد من المواقع أهمها: تل أسود وتل الغريفة جنوبي بحيرة العتيبة ، والعائدة للألفين الثامن والسابع قبل الميلاد ، وتل الرماد قرب قطنا والتي دلت مكتشفاتها على تبلور مجتمع زراعي حضري مستقل ومتطور من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والدينية. وقد عُثر في هاتين البقعتين من دمشق على أقدم مخازن الحبوب في العالم .

خرجت من دائرة الجغرافيا ودخلت ميدان التاريخ

خرجت غوطة دمشق من دائرة الجغرافيا ، ودخلت ميدان التاريخ ، ولم تعد تلك الغوطة التي تغنى بها الشعراء وتبارى في وصفها الكتاب والأدباء. ولم تعد جنة الأرض لنضارتها وكثرة مياهها وبساتينها وحدائقها ، ومع ذلك ، ما تبقى من بقاياها لازال يجذب إليها أبناء المدينة ، لقضاء أوقات فراغهم بين ربوعها الفيحاء ، وخاصة في أيام الربيع ، حيث يقصدها الناس من كل مكان ، وينتشرون في حقولها وتحت ظلالها وعلى أطراف طرقاتها ، أو بتعبير آخر فيما تبقى منها.

بساتين ابو جرش  مهددة بالاندثار :

هذه البقعة من بساتين الشام هي البقية الباقية من غوطة دمشق والتي تمتد من بساتين الصالحية حتى بساتين القابون وبرزة  ، والتي اصبحت مهددة بشكل خطير جدا بالاندثار خلال سنوات لا تتجاوز عدد اصابع اليد، وتشير بيانات معجم دمشق التاريخي الى عدد كبير من بساتين منطقة ابو جرش الممتدة على ضفاف نهري يزيد وتورا ومن تلك البساتين :

*بستان حورتعلا :

كان من بساتين أبي جرش ، على الضفة الجنوبية لنهر ثورا بجوار الدخوار و الجنينة الباعونيّة و بستان قصر اللبّاد من جهة الشرق. و أصبح اليوم ضمن ملاعب الاتحاد الرياضي ، و حور تعلا قرية دارسة و اسمها من الآرامية بمعنى: (الثعلب الأبيض).

  • بستان الدماغيّة :

كان من بساتين الصالحيّة و أبي جرش، إلى الجنوب المجاور لبيت أبيات، و صار اليوم ضمن ملاعب الاتحاد الرياضي. تسميته الأخرى: مزرعة الدماغيّة

  • بستان السبع قاعات:

كان في الصالحيّة و يخترقه نهر ثورا، بين الغيضة و بيت أبيات، في الجهة الشمالية لملاعب الاتحاد الرياضي اليوم في منطقة بساتين أبي جرش.

  • بستان السن:

كان من بساتين أبي جرش في منطقة الصالحيّة، إلى الجنوب المجاور لبستان حور تعلا و بينهما طريق قصر اللبّاد.

  • بستان العماديّة:

كان من بساتين أبي جرش بالصالحيّة، شرقي بستان الديوانيّة، انتشر فيه العمران و تحوّل إلى مناطق سكنية ضمن حي العدوي. تسميته الأخرى: المزرعة العماديّة.

  • بستان العميقة:

 كان في منطقة بساتين أبي جرش، في بيت أبيات، ملك بني الشيرجي.

  • بستان القبّة و البردان:

كان من بساتين أبي جرش الصغيرة نسبيا بالصالحيّة، يتوسّط بستان العماديّة وبستان الدماغية وبستان قصر اللبّاد، وصار اليوم ضمن ملاعب الاتحاد الرياضي.

  • بستان قصر اللبّاد:

كان من بساتين أبي جرش، إلى الجنوب من الجنينة الباعونيّة، و صار اليوم ضمن ملاعب الاتحاد الرياضي. تسميته المصحّفة: بستان قصر اللبّان.

  • بستان ابن الجندي:

كان شمالي قصر اللبّاد [بحي أبي جرش من الصالحيّة].

*بستان بهيص:

 كان ضمن بساتين الصالحيّة وأبي جرش، على الضفّة الشمالية لنهر ثورا، قبالة الدخوار و طاحون الأشنان، ثم تحوّل و مجاوراته إلى منطقة سكنية، و اخترقه شارع خولة بنت الأزور.

وغيرها من البساتين ، وتشير الوقائع ان بساتين ابو جرش وحتى عهد قريب كانت من المصادر الرئيسية لتزويد مدينة دمشق بكثير من المنتجات الزراعية النباتية والحيوانية ..

واقع يهدد حياة البشر والشجر :

مخلفات مسالخ الدجاج

 جولة ميدانية سريعة في بساتين ابو جرش المستملكة جميعها لصالح محافظة دمشق تشير الى انتشار كثيف لمسالخ غير نظامية لذبح وتجهيز الدواجن وجميعها لا تستوفي الحد الادنى من شروط سلامة الغذاء اضافة الى اماكن لتحضير جلود الحيوانات للدباغة، وورش تصليح وصيانة وحدادة ودهان ، ومغاسل ومراكز تبديل زيوت وشحوم السيارات ، وورش لدهان المفروشات . ومحطة وقود حكومية ، وجميعها ترمي مخلفاتها الخطرة في المياه السطحية مما يؤدي الى تدمير الاراضي الزراعية الى غير رجعة وتلويث المياه الجوفية التي تعتبر مصدرا لشرب سكان المدينة . حيث اكدت دراسات عليمة منشورة ( مجلة جامعة دمشق للعلوم الزراعية –(2010)- المجلد (26)- العدد 1 – الصفحات 75-91 ). قامت بها جامعة دمشق منذ عامي /2006-2007/  ارتفاع كبير لمستوى النترات في المياه الجوفية لـ 15 بئراً من ابار بساتين ابو جرش فوق الحدود المسموح بها في مياه الشرب ومياه الري الزراعي ، وساهم الانتشار العشوائي  لتلك المنشآت التي تكاثرت خلال فترة الازمة التي مرت بالبلاد  بزيادة كبيرة جدا على تلك المستويات من النترات ، ومن المعروف ان النترات تتحول خلال تسربها الى المياه الجوفية الى نتريت وهي المادة المسرطنة المعروفة . والمفزع بالأمر ان هذه المياه تستخدم في مسالخ الدجاج المنتشرة بالمنطقة والتي تزود سكان دمشق باكثر من 75% من حاجتهم من لحوم الفروج .

هذا فضلا عن انتشار السكن العشوائي الذي دمر الكثير من مساحات الاراضي الزراعية .ولعل انتشار هذه المنشآت تم تحت غطاء من بعض المسؤولين في بلديات وأجهزة محافظة دمشق ، او بعيدا عن اعينهم التي سكنت المكاتب ولم تكلف نفسها عناء الاطلاع على الواقع الميداني.

الجولات الميدانية تثبت الانتشار الكثيف لمنشآت صناعية وحرفية وسكن عشوائي ومحطات وقود حكومية جميعها كفيلة بالقضاء على الغطاء الاخضر وفقدان آخر مساحة من مساحات غوطة دمشق المحاذية للسكن ، والمؤلم ان المساحات جميعها مستملكة لمحافظة دمشق ، ولكن كما يقول المثل الشعبي ( المال الداشر يعلم الامين السرقة )

اقتراحات جديرة بالدراسة  :

المهندس عبد الرحمن قرنفلة الخبير في الشأن الزراعي يرى ان الحل الامثل والوحيد للحفاظ على تلك الرئة الخضراء لمدينة دمشق يتمثل في  ازالة كافة المنشآت المخالفة من اراضي بساتين ابو جرش من مسالخ وورش صيانة وابنية سكنية مخالفة وغيرها  واتباع تلك البساتين  الى كلية الهندسة الزراعية وهيئة البحوث العلمية الزراعية ، بما فيها حديقة الحيوان ، واقامة متحف زراعي حديث وعصري قرب مبنى البانوراما والاستفادة من تلك الاراضي لتكون مراكز بحوث علمية زراعية تمارس فيها كلية الهندسة  الزراعية والهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية ونقابتي المهندسين الزراعيين والاطباء البيطريين انشطة بحثية علمية ، وانشطة انتاجية زراعية تساهم بالحفاظ على الصفة الزراعية لهذه المساحات .

( سيريا ستيبس )

زوار حديقة الحيوانات

.