جديد 4E

مفارقات رمضانية..!

عبد الحليم سعود:

ما أن يطل علينا شهر رمضان الكريم (وهو شهر الصيام والقيام والتوبة والإحساس بمعاناة الفقراء والمحتاجين والجائعين) حتى يسارع الجميع بمن فيهم الفقراء( وهذا أكثر ما يحيرني) للتمون من لذيذ الطعام والشراب، وكأنهم مقدمون على مهرجان للشراهة والأكل والتنافس والاستعراض في إعداد مناسف الولائم والعزائم، وهو ما يعطي الفرصة لضعاف النفوس من تجار أزمات جشعين لاستغلال الحدث كأبشع ما يكون الاستغلال، عن طريق رفع الأسعار وزيادة الغش في الكثير من الأطعمة والمشروبات “الرمضانية” والمنتجات التي يحرص على تناولها الصائمون خلال رمضان “بحكم العادة”، وهكذا يدفع الصائمون وغير الصائمين على السواء فاتورة مادية ثقيلة لم تكن في الحسبان..!

 ومع أن الوضع الاقتصادي الذي تمر به بلادنا هذه الأيام صعب للغاية وسيجبر الكثيرين على صوم جزئي – إن لم يكن صوماً كاملاً – بسبب ضعف قدرتهم الشرائية وحالة “الصيام” الدائمة والعجز المستمر التي تعيشها محاولات تحسين الوضع المعيشي، إلا أن المحطات الفضائية – ومن ضمنها المحلية للأسف – لا تفوت الفرصة لزيادة النكد في هذا الشهر الكريم، من خلال عرض برامجها المتخصصة بالطبخ والنفخ وإعداد الأطباق الرمضانية الشهية لتمرير بعض الإعلانات التي تروج لسلع ومواد كاسدة في المستودعات، على أمل زيادة الإقبال على شرائها، دون أن نشهد أية عروض تستحق الذكر في موضوع الأسعار، ولا استثني هنا جماعة “التدخل الايجابي” ولا جماعة المتاجرة بالمساعدات الإنسانية، حيث يتنافس الطرفان مع السوق السوداء لجعل كل السنة رمضان، حيث لا حسيب ولا رقيب ولا من يحزنون..!

 أما منتجو الأعمال التلفزيونية من مسلسلات وبرامج ومسابقات وغيرها، فيوقتون معظم أعمالهم لكي تعرض في رمضان، على فرض أن الناس لا شغل لها في هذا الشهر سوى التلذذ بالمأكولات والمشروبات والحلويات، والتمتع بمشاهدة التلفزيون وما يعرض عليه من أعمال، حيث بات رمضان موسماً إلزاميا لكل أنواع الدراما “الجيدة” والمتوسطة والهابطة، وكذلك البرامج “المشوقة” والمملة “وتلك التي تسبب الصداع والغثيان والإسهال”، ولا شك أن هؤلاء اليوم أمام معضلة حقيقية، لأن الكهرباء شبه مقطوعة أغلب الوقت، ولا يمكن لأحد أن يتابع من هذا الإنتاج “العظيم” – إذا وجد فرصة لذلك- سوى مشاهد قصيرة تساهم في زيادة الدعاء وطلب المغفرة لوزارة الكهرباء..! 

 ورغم أن المفارقات التي يشهدها الشهر الكريم لا تعد ولا تحصى..لا يسعني سوى أن أقول لكم “كل رمضان وأنتم بخير” ..وأن أتمنى لكم “صوماً مقبولا وإفطارا شهياً” وكهرباء أكثر وأزمات أقل وأسعاراً أخفض ومواصلات أفضل وأحوال معيشية أحسن.. كما وعدنا أكثر من مسؤول في الأيام الماضية..!