محمد أحمد خبازي
الإدارة بالكذب هي النقيض تمامًا للإدارة بالحب ، المفقود ـ وللأسف ـ في العديد من جهاتنا العامة الكبرى قبل الصغرى ، التي يكثر فيها ” طق البراغي ” وإقصاء الكفاءات من الصف الأول والثاني، وتجنيد الإمعَّات من الموظفين المتملقين ، للحشد ضد تلك الكفاءات والخبرات ، وتشويه سمعتها ، لتهميشها والتضييق عليها ، وإبعادها ، وتغييبها عن المشهد العام ، كي لاتنافس الإدارات التي تنتهج الكذب أسلوب عمل ، والتزييف نهج حياة ، بمواقعها أو لتعطل ترشيحها لأي موقع كان !.
لذلك ترى التردي مستشريًا في تلك الجهات، التي لايهمها سوى الحفاظ على الكرسي وامتيازاته ومكاسبه ، ولوحة السيارة الخضراء ، لا تطوير العمل وتحسينه باستمرار لخدمة الناس.
وترى الموظفين من ذوي الكفاءات والخبرات محبطين نفورين ، كارهين للعمل وإدراتهم ، يدخلون مؤسساتهم ودوائرهم كأنهم داخلون إلى مأتم ، أو لأداء شهادة زور !.
فيقلُّ دوامُهم ، ويسوء عملُهم، ويتراجع أداء مؤسساتهم، ومع ذلك تصر إداراتُها على الكذب بنقلها صورة مغايرة عن الواقع للجهات الأعلى منها ، محتواها وإطارها كذبٌ بكذبٍ !.
بينما ترى المؤسسات التي تُدار بالحب ، متألقةً بعملها وإنتاجها ، وخدمة الناس ، لاعتماد إداراتها المحبة بين المرؤوسين ، والاستخدام الأمثل لطاقاتهم ، والاستثمار الحقيقي لإمكاناتهم ، وانتهاجها التحفيز ولو بكلمة حب لتطوير إمكاناتهم وتحسين أدائهم ، لا التحطيم والتهميش !.
ولهذا تراهم ـ المرؤوسين ـ ينظرون للمؤسسات التي يعملون فيها وكأنها أمهاتهم ، لا خالاتهم زوجات آبائهم !.
ويتنافسون فيما بينهم لتقديم الأفضل بروح مفعمة بالحب ، تنأى عن الممارسات السيئة التي يطردها الحب من قلوبهم ـ إن وجدت أصلًا ـ كـ ” طق البراغي ، والنفاق ، والتملق ، والثرثرة الجوفاء “!..
فالحب الذي يؤلِّفُ بينهم يُنزِّههم عن هذه الصغائر ، ويمنعهم عن ارتكاب هذه الدناءات.
وباعتقادنا ، هذا السوء الذي “ترفلُ” فيه تلك القطاعات أو الجهات التي تدار بالكذب ، لا يدوم طويلًا مهما تكن تلك الإدارات بارعةً بانتهاجه في تزييف الواقع.
فرائحة الفساد التي تفوح منها وتعلُّ الأرواح وتزكم الأنوف ، لا يمكن إخفاؤها برش ملطفات الجو أو المعطرات !.
ولا يمكن لتلك الإدارات التافهة الاستمرار بكذبها ، فذاك حبله قصيرٌ مهما طال واستطال ، ولايمكنها التمترس طويلًا وراء مكاتبها والتشبث بكراسيها ، مهما داهنت ونافقت لداعميها وتقاسمت الغنائم معهم ، لقاء التغطية عليها.
فالشمس لا تدارى بغربال ، والباطل إلى زوال ، وأما الحبُّ فباقٍ أبد الدهر .