جديد 4E

قد يصير ثلاثياً ..صحف امريكية: تحقيق الاتفاق الصيني الإيراني … دلالات ورسائل

وول ستريت جورنال : كسر قبضة الدولار على التجارة والتمويل العالميين هدف رئيسي لروسيا والصين وإيران

أبشناس للميادين : بحسب الاتفاقية ستكون إيران قلب التجارة بين الشرق والغرب وقد يصير التحالف ثلاثياً مع روسيا

إذا أرادت واشنطن الاستمرار بسياسة فرض إرادتها على العالم ستخسر الكثير

السلطة الرابعة – متابعات

لا يزال الاتفاق الاستراتيجي الذي وقعته الصين وإيران محور نقاشات العديد من دوائر التحليل السياسي لاسيما في الولايات المتحدة وإسرائيل لما له من أبعاد ودلالات.

وأوضح محمد راشد من القاهرة في تقرير نقلته ( رأي اليوم ) عن ( د . ب . أ ) أن الاتفاق يشمل عشرات المجالات، منها البنوك والاتصالات والموانئ والسكك الحديدية والرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات ، ويضمن للصين الحصول على إمدادات نفطية منتظمة من إيران بأسعار مخفضة للغاية ، وفقا لمسؤول إيراني.

كما يتضمن توافقا على تعميق التعاون العسكري، بما في ذلك التدريبات والأبحاث المشتركة، وتطوير الأسلحة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية.

واعتبرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن موافقة بكين على استثمار نحو 400 مليار دولار في إيران على مدى 25 عاما من شأنه أن يعمق نفوذ الصين في الشرق الأوسط من جهة ويقوض الجهود الأمريكية للإبقاء على عزلة إيران من جهة أخرى.

وروج مسؤولون إيرانيون للاتفاق مع بكين باعتباره نقلة. ووصفه حسام الدين أشينا، كبير مستشاري الرئيس الإيراني حسن روحاني، على تويتر بأنه “مثال على الدبلوماسية الناجحة” ، معتبرا إياه دليلا على قوة إيران “في المشاركة في التحالفات، وليس البقاء في عزلة”.

بينما وصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده الاتفاق بأنه “خارطة طريق كاملة” للعلاقات لربع القرن المقبل.

ورأت مجلة نيوزويك الأمريكية أن العلاقات الإيرانية مع الصين “قد تمثل تحديا لنهج واشنطن المتشدد”، مشيرة إلى أن “الدوافع الكامنة وراء التعاون المتزايد بين الطرفين عديدة ومعقدة، وتتجاوز مجرد مواجهة واشنطن”.

ونقلت المجلة عن متخصصين في العلاقات الصينية الإيرانية قولهم إن أهداف بكين من توقيع الاتفاق “أهداف عملية وسياسية”، ولفتوا إلى أن “الفوائد بالنسبة للصين تشمل الحصول على حصة من مصدر رئيسي للنفط وتأمين سوق خارجية للسلع الصينية”، إلى جانب “تقدم حقيقي ورمزي نحو تحقيق مشروع الحزام والطريق العابر للقارات”.

وعلى الجانب الآخر، يرى هؤلاء المتخصصون أن من بين الأسباب الرئيسية التي دفعت إيران إلى أحضان الصين، هي إدراك صناع القرار الإيرانيين أن “ميزان القوى العالمي يتغير”، مرجحين أن تنتهز طهران فرصة التنافس بين القوى العظمى من أجل تعزيز مصالحها الوطنية بقدر ما تستطيع.

وحذر خبراء ، وفقا لنيوزويك ، من أن الشراكة الاستراتيجية بين إيران والصين ، “يمكن أن تعرض المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط للخطر، و لا سيما في الخليج”.

ومن جهتها ، قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إن أي شخص اعتقد أن العالم سيكون أكثر ودا وتحمسا لمصالح الولايات المتحدة بمجرد مغادرة ترامب المشهد ، “تلقى تنبيها قاسيا في الشهرين الماضيين” ، مدللة على ذلك بالاتفاق بين بيكن وطهران الذي وصفته بأنه “مثال على اتحاد خصوم الولايات المتحدة لتعزيز طموحاتهم الاستراتيجية”.

وأوضحت أن هذا الاتفاق يساعد إيران على تفادي العقوبات الأمريكية، وأن ضخ السيولة الصينية سيخفف وطأة الضغط الاقتصادي على إيران. وأشارت إلى إمكانية استخدام النقد الأجنبي في “تمويل الحرس الثوري والقوات الحليفة (لإيران) في اليمن وسورية والعراق”.

كما يوسع الاتفاق نفوذ الصين في الشرق الأوسط الذي تضعه بكين نصب عينيها للوصول إلى الطاقة والمواد الخام بالإضافة إلى زيادة نفوذها الاقتصادي ، بحسب الصحيفة التي أشارت أيضا إلى حاجة مصدري النفط للصين مع تقليل واشنطن اعتمادها على نفط الشرق الأوسط بسبب اعتمادها على النفط الصخري.

وألقت وول ستريت جورنال الضوء على اعتزام البلدين إنشاء بنك صيني إيراني للتخلص من هيمنة الدولار الأمريكي على التجارة العالمية. وأضافت أن “كسر قبضة الدولار على التجارة والتمويل العالميين هو هدف رئيسي لروسيا والصين وإيران”.

ورأت أن الاتفاق الاستراتيجي ربما يعزز موقف إيران ويجعله أكثر تصلبا إزاء العودة إلى الاتفاق النووي ، “فإيران المدعومة من الصين ستكون أقل عرضة للضغوط للقيام بذلك. والشيء نفسه ينطبق على مساعدة حلفائهم (الإيرانيين) الحوثيين الذين يريدون السيطرة على اليمن. إذ يمكن للصين وروسيا منع أي محاولة لممارسة المزيد من الضغط العالمي على إيران من خلال الأمم المتحدة”.

وتابعت الصحيفة :”كل هذا يظهر حماقة الاعتقاد بأن السماح للخصوم بالسيطرة على مناطقهم ستكون له عواقب حميدة يمكن للولايات المتحدة تجاهلها”، وحذرت من أنه “كلما ازدادت قوة هؤلاء الخصوم في مناطقهم، كلما زاد احتمال تعاونهم على نطاق عالمي لتقويض المصالح الاقتصادية والأمنية الأمريكية”.

وألقت باللوم على نهج إدارة جو بايدن ، قائلة إن “العالم أصبح أكثر خطورة بغض النظر عن آمال السيد بايدن ، فكوريا الشمالية تطلق الصواريخ مجددا ، والصين تهدد تايوان بشكل أكثر عدوانية، وإيران تزيد انتهاكاتها النووية، وروسيا تواصل تقويض أهداف الولايات المتحدة أينما استطاعت”.

وتبنت صحيفة نيويورك تايمز الرؤية ذاتها ، مشيرة إلى سعي الصين لتزعم “معسكر أيديولوجي في مقابل معسكر الغرب بقيادة الولايات المتحدة”. وقالت إن بايدن يريد تشكيل “تحالف الديمقراطيات” بينما تريد بكين أن تظهر أن لديها تحالفاتها الخاصة.

وأشارت الصحيفة إلى بدء التقارب الصيني الروسي بعد فرض عقوبات غربية على روسيا في أعقاب ضم الرئيس فلاديمير بوتين لشبه جزيرة القرم عام .2014 ودللت الصحيفة على ذلك بتعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين “إذ يجري جيش التحرير الشعبي الصيني والجيش الروسي تدريبات بشكل روتيني معا، وقاما مرتين بدوريات جوية مشتركة على طول الساحل الياباني، كان آخرها في (كانون أول) ديسمبر 2020”.

وفي هذا الصدد، يقول أرتيوم لوكين، أستاذ الدراسات الدولية في شؤون الشرق الأقصى بالجامعة الاتحادية في فلاديفوستوك بروسيا ، إن “الخطوات والإيماءات الأخيرة من قبل إدارة بايدن، التي ينظر إليها القادة الروس والصينيون على أنها معادية ومهينة، دفعت موسكو وبكين إلى مزيد من العناق المتبادل”.

وربما تشير إسرائيل بنفس أصابع الاتهام لإدارة بايدن ، وإن اختلفت الأسباب ، فتل أبيب ترغب في تبني واشنطن لهجة أكثر صرامة حيال طهران.

في هذا السياق ، رأت صحيفة “إسرائيل هيوم” (إسرائيل اليوم) أن “المشكلة الأساسية هي أن الوقت يلعب لصالح إيران”، وسردت خمسة أسباب لذلك ، أولها أن طهران تواصل خرق الاتفاق النووي “بفظاظة” ، فضلا عن قرب انتهاء الاتفاق الموقع بين إيران والوكالة الدولية للطاقة النووية، الذي تسمح إيران بموجبه بحرية عمل وحركة مفتشي الوكالة.

وأشارت الصحيفة العبرية إلى أنه “بعد ثلاثة أشهر ستجرى انتخابات رئاسية في إيران ومن المتوقع أن تعزز الجناح المحافظ، الذي عارض من البداية الاتفاق النووي، ما يمكن أن يؤدي إلى إحباط أي محاولة لتسوية” .

وأضافت أن “استمرار الجمود وغياب اتفاق جديد يقربان إيران من موعد انتهاء صلاحية الاتفاق الأساسي لسنة 2015، وعندها تستطيع أن تخصب اليورانيوم كما يحلو لها وصنع قنبلة (نووية) دون إزعاج… كما أن كل يوم يمر يمكن الإيرانيين من التقدم في صنع الصواريخ الباليستية”.

من جهتها قناة الميادين نشرت تقريراً عن هذا الاتفاق على موقعها الإلكتروني قالت فيه :

عندما تقرر طهران وبكين وموسكو الاتحاد معاً في مواجهة سياسات خارجية مدمرة للإدارات الأميركية المتعاقبة، فعلى البيت الأبيض حتماً احتساب العواقب.

وأضافت في تقريرها الذي جاء تحت عنوان :

( اتفاق استراتيجي بين إيران والصين لربع قرن.. ماذا في الدلالات والتوقيت؟ ) :

تخط إيران والصين مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية، فبعد سنوات من المحادثات والنقاشات وضع الطرفان النقاط على الحروف في إطار وثيقة تعاون استراتيجية في المجالات كافة، فيما تتقدم الصين على نحو متصاعد وقوي وسريع لتتسيد الاقتصاد العالمي، وإيران تملك موارد ضخمة للطاقة وتزدهر علمياً وتنشط صناعياً، وهنا تكمن أهمية التقارب بينهما.

يصف الطرفان هذه الوثيقة بخارطة الطريق لمستقبل العلاقات الثنائية، فبنودها تشمل التعاون تجارياً واقتصادياً وعسكرياً وثقافياً بشكل يمنح الطرفين امتيازات متبادلة وفق معادلة الربح المتبادل.

تتحدث الاتفاقية بالتفصيل – تقول الميادين – عن أوجه التعاون من النفط الخام والطاقة النووية إلى سكك الحديد والاتصالات والعمل المصرفي واستخدام العملة الوطنية، وصولاً إلى دور إيران في مبادرة الحزام والطريق.

هي اتفاقية تمتلك أهمية جيوسياسية كبرى لكونها تشمل أيضاً تبادل خبرات عسكرية وقدرات دفاعية وتعاوناً أمنياً واسناداً في المحافل الدولية. لا بل أكثر من ذلك، هو اتفاق على توسيع التعاون بين الجامعات وأقسام التكنولوجيا والعلوم والسياحة.

صحيح أن التعاون الاقتصادي يشكل عمود الأساس في المعاهدة هذه، إلا أنه بحسب مراقبين يعتبر تحدياً سياسياً لخصوم البلدين المشتركين، وهو يفتح الباب على نوع جديد من المواجهة ضد المعسكر الأوروبي الأميركي.

ولا تكمن أهمية الاتفاقية في المضمون فقط، ففي الشكل يحسب للتوقيت ألف حساب أيضاً، حيث بالتزامن تتعرض الصين للتهديدات الأميركية وإيران للعقوبات وروسيا للحصار. ومع توقيع اتفاقية التعاون، يسلط الضوء على الدور الذي ستؤديه طهران في أفق هذا الاتفاق الذي سيصب لمصلحة تعاظم دورها.

فموقع إيران المهم الذي يقع على المسار البري لمبادرة الحزام والطريق الصينية، يمنحها فرصة للارتباط بالبنية التحتية الإقليمية، وهو ما لا ينفصل عن شبكات الموانئ والسكك الحديدية.

على هذا الأساس، سينعكس ما سبق وفق مراقبين مكاسب اقتصادية ضخمة، لا بل استراتيجية أيضاً لا تقل أهمية عن الاقتصادية منها، فتعميق الارتباط الإيراني بالبنية التحتية الإقليمية سينتج مصالح دولية في الدفاع عن إيران لمواجهة السياسات الأميركية.

من الناحية الأخرى، فإن التوسع العسكري والإقتصادي للصين وتفوقها التكنولوجي، أكثر ما تخشاه واشنطن والمسؤولين فيها، حتى بات الحد من النفوذ الصيني أحد أبرز الأولويات للإدارة الأميركية الجديدة.

ترى الولايات المتحدة في الصين التهديد الأكبر لها – حسب الميادين – ولموقعها القيادي في العالم، رئيسها جو بايدن وضع منذ دخوله البيت الأبيض التفوق على الصين ومنعها من التوسع أكثر على الساحة الدولية هدفاً أولاً له.

القلق الأميركي ينبع من واقع فرضت فيه الصين قوتها، عبر نجاحها في التوسع التدريجي والمدروس مع حلفاء موثوقين مثل ايران وروسيا  وغيرهما إضافة إلى رفع مستوى جهوزيتها العسكرية.

كذلك، فإن وصول الصين إلى الموانئ الإيرانية ضمن استراتيجية تقوم على النفاذ إلى أكبر عدد ممكن من الموانئ البحرية، يحد من الهيمنة الأميركية في الخليج حيث اقترب الحضور الصيني، وتحديداً في ميناء “جاسك” القريب من مضيق هرمز من مقر الأسطول الخامس الأميركي في البحرين.

توسع صيني يأتي على وقع فشل اجتماعات ألاسكا بين الصين وأميركا، الأول بين الطرفين في عهد بايدن، في ظل غياب أرضية مشتركة للتفاهم، وطغيان الحدة على المحادثات الثنائية، التي تخللها تراشق كلامي لم يسبق له مثيل، وبدا واضحاً أثناءها تصرف بكين على أساس الندية.

هي تحولات استراتيجية مهمة في السياسة الصينية تجاه النظام العالمي والسياسات الإقليمية ودليل على أن التدهور الذي يتزايد في العلاقات بين واشنطن وبكين، لم يعد ممكنا ضبطه، وبات ينذر، وفق مراقبين، باتساع رقعة المواجهة.

أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية جمال واكيم، قال إن “الشراكة مع الصين تتيح لإيران أن تدعم اقتصادها جداً”.

وفي حديث للميادين، أضاف واكيم، أن “الشراكة الإيرانية الصينية تتيح إغلاق قلب أوراسيا أمام التغلغل الأميركي”، مشيراً إلى أن “الموانئ البحرية أساسية للسيطرة على طرق الملاحة والتجارة الدولية”.

ولفت واكيم إلى أنه “يوجد تكامل استراتيجي بين إيران والصين وروسيا في المسائل الجيوسياسية”، منوهاً إلى أن “مشكلة واشنطن أنها تريد الهيمنة المطلقة على مسار الأمور في العالم”.

من جهته، قال المستشار السياسي لمركز ميريديان للدراسات الاستراتيجية خالد صفوري، قال إن “واشنطن تخشى من التوسع الصيني”، موضحاً أن “أميركا تخشى أن يتحول التقدم الاقتصادي الصيني إلى نفوذ سياسي”.

صفوري أكد للميادين، أن “الصين شريك اقتصادي أساسي للولايات المتحدة لا تستطيع التخلي عنها بسهولة”، معتبراً أن “النفوذ الصيني الذي بدأ يدخل مناطق النفوذ الأميركي يجعل الصدام بين الطرفين قريباً”.

من ناحيته، قال رئيس تحرير صحيفة “إيران ديبلوماتيك” عماد أبشناس، قال إنه “إذا تم توقيع الاتفاق الروسي الصيني يوجد أمل أن يصبح التحالف ثلاثياً مع إيران”، منوهاً إلى أن “تشكيل التحالف الثلاثي الصيني الإيراني الروسي سيكون مصدر خطر لأميركا”.

ابشناس أوضح للميادين، أنه “بحسب الاتفاقية ستكون إيران قلب التجارة بين الشرق والغرب”، مشيراً إلى أن “الاتفاقية تنص على قيام الصين بانتاج الكثير من البضائع في إيران”.

وشدد ابشناس على أنه “إذا أرادت واشنطن الاستمرار بسياسة فرض إرادتها على العالم ستخسر الكثير”، مؤكداً أن “الإعلام الإسرائيلي الأميركي والسعودي يعكس مدى الغضب من الاتفاق الأيراني الصيني”.