عند ارتفاع سعر الصرف يقول التجار : تآكل رأس المال .. وعند انخفاضه تكون رزقة من رب العالمين .. ولا اعتراض على حكم الله .. !
اياد انيس محمد
مثل النعامة ندفن رأسنا في الرمال عند كل مفصل واستحقاق مجتمعي، ونسأل في كل مرة كمجتمع اقتصادي قبل ان نكون مواطنين :
ما هي آليات الضبط وكيف يتم ضبط السوق التجاري وما هو الميثاق الذي يضبط الحركة ..
تبرير تآكل رأس المال هو المحرك الاساسي للتناغم مع الاسعار السوداء للصرف وبنسب عالية من التحوط تزيد عن 25 % في ظل جهل وعدم ثقة بالإجراء الرسمي رغم اثبات امكانيات موضوعية لدى الحكومة في كل مرة على لجم الارتفاع في المدى القصير والمتوسط عند كل موجة مضاربة متكررة بحكم الحرب الحالية والتي امتدت لعشر سنوات ..
وبالتالي فان ارتفاع الاسعار ضمن الدورة التجارية للسلع الاستهلاكية كانت مضبوطة اجمالاً ومنتظمة ولم تتعرض لانتكاسات كبيرة طويلة الامد .
ومن هنا فان ادراك الجهات المنظمة للحملات في الحرب الاقتصادية علينا لمهارة تجارنا في ترسيخ أذى الهجوم الممنهج ,, يساعدهم على التنبؤ بالتصرفات العملية لتجارنا وصناعيينا ويعطوهم ادواراً اساسية تنفذ بحسن او بسوء نية ..
فعندما يبدأ رعاة الحرب بالضخ المالي والاعلامي باتجاه رفع سعر صرف الليرة السورية والذي يبدأ من المناطق الشمالية ضمن سيطرة الارهابيين ,, يبدأ التحوط التجاري من المستوردين والصناعيين و تجار الجملة بتخفيف التوزيع للسلع والترقب دون ان يكون هناك اي مؤشر محلي لتعديل الطلب في الاسواق السورية أو وجود اي مبررات اقتصادية تبين ان اسعار الصرف سترتفع محلياً وهو ما يظهر في تصريحات المسؤولين والمحللين العارفين بالشأن الاقتصادي .
ومع كل رفع متوالي لسعر الصرف الاسود يتم رفع الاسعار على اساس ان اي مادة مباعة سيتم تحويل سعرها يومياً وبالسعر الاسود الى عملة صعبة وبسعر جديد هو السعر الاسود يضاف اليه نسبة لا تقل عن 25 % كتحوط توقع ارتفاع اسعار الصرف خلال مدة تحويل الاموال وهذا التحوط ممتد من مركز الانتاج ليصل الى بائع المفرق وهنا تلعب الارباح والاطماع دورها في تحفيز المخاطرة عند مخالفة نسب الارباح التجارية وعند تصريف الاموال في السوق السوداء و يجدون دائماً المبرر الاخلاقي لذلك .
وعندما تبدأ الماكينة الرسمية في عملها لامتصاص الهجمة وضبط اسواق الصرف من خلال اجراءات تبدأ من الحدود لتصل الى ضبط حركة تداول الليرة السورية بالقنوات القانونية واجراءات تدخل ايجابي بالمواد الاساسية حتى الوصول الى ايقاف الهجوم والبدء بارتداد عكسي وانخفاض اسعار الصرف بنسبة جيدة ..
وهنا نجد أن الوسط التجاري لا يتجاوب مع هذا التخفيض بنفس الحماس الذي واكب فيه رفع الاسعار ويتم التخفيض بنسب من 10 الى 15 % في احسن الاحوال بعد زيادة لا تقل عن 50 الى 100% عند موجة ارتفاع الاسعار ..
ويتكرر هذا المشهد باستمرار تحت ذريعة اخلاقية وهي ان ارتفاع اسعار الصرف يسبب تآكل رأس المال وهي قناعة راسخة في الوسط التجاري .. وعند انخفاض أسعار الصرف تكون “” رزقة من رب العالمين .. ولا اعتراض على حكم الله “”
وفي ظل عدم تطبيق حقيقي لآليات تتبع تكاليف حلقات التجارة المختلفة وبقائها عند مستوى مراقبة الاعلان والالتزام بالتسعيرة لبعض المواد وتحرير باقي المواد مع دور ضعيف للغرف التجارية والصناعية مقتصراً على التذكير الاخلاقي بدور التاجر وأهمية علاقته مع الله والوطن ..
فان الجميع مدعو لتحمل المسؤولية الاخلاقية “”طوعاً أو قسراً”” بدءً من مصدر انتاج المادة أو استيرادها ومواد انتاجها لتصل الى كل الحلقات الوسيطة حتى تجار المفرق ..
والجميع حكومياً واهلياً مطالبين بآليات رقابية عالية قابلة للتنفيذ في ظل حقيقة وحيدة اساسية وهي “”تآكل القوة الشرائية للمواطن بشكل يومي “””وهو ما سيؤدي مع انخفاض الطلب المستمر الى تآكل حقيقي للوسط التجاري وخروج الكثير من الفعاليات الاقتصادية من الخدمة ..
الاجراءات يجب ان تتطور من خلال لجان مشتركة من الغرف والرقابة التموينية لتوسيع طيف المواد التي تدرس من ناحية التكلفة الانتاجية محلياً وبشكل حقيقي وشرعي وبدعم وتمويل من الغرف كي يكون لها دور مجتمعي حقيقي ..
وبعد تحديد التكاليف يتم اعلان الاسعار خلال ايام قليلة مع تغطية اعلامية كبيرة لهذه الاسعار مع تحفيز حقيقي للمواطن لتقديم الشكوى عند المخالفة وتحميله مسؤولية تغاضيه عن ذلك ..
ويتم ذلك مع تفعيل اكبر لدور السورية للتجارة والمؤسسات الاخرى التي تعمل بالتجزئة مثل الاجتماعية العسكرية و الجمعيات التعاونية ومؤسسات التجارة الخارجية و مؤسسات الصناعات الحكومية للعب دور اكبر في السوق مع ضبط حقيقي لتكاليف الشراء والانتاج لديها ايضاً .
هذه الاجراءات يجب ان تكون متكاملة بالشكل الذي يظهر للمخالف انه سيعاقب من الجهات الرسمية و سينبذ ويعاقب ايضاً من الغرف التي تقوم بدورها الاخلاقي في الحفاظ على القوة الشرائية في اسواقها لجمهور المواطنين وتأمين استقرار في الطلب بما يؤمن استمرار عمل المصانع والمتاجر .
حمى الله الوطن وزرع في قلوبنا محبة بعضنا
عن موقع أخبار الاقتصاد السوري ( سينسيريا ) اقتصاد وفوبيا – 1 / نيسان 2021 م