جديد 4E

خايف أستاذ…؟

احمد تكروني

اذكر جيداً أنه عندما كنّا أطفالا صغارا في ريفنا النقي النظيف، ويرافق هذا النقاء فقر وشقاء وإهمال للأطفال وللأمهات، لدرجة لو تحدثنا عن معاناة ذلك الجيل لاستنكر أبناء الجيل الحالي، واتهموا الآباء اتهامات قاسية دون مراعاة لظروف تلك المرحلة وذلك الواقع البائس.

لا ريب أن الجهل يرافق الفقر في الكثير من الأحيان، وأن لم يكن جهلا حقيقة فقد تكون الظروف الضاغطة تجعل الإنسان يتصرف وكأنه جاهل أو أنه يحتمي بالجهل وهو يعلم ولكن ليس باليد حيلة.

في تلك الأيام التي تمتد إلى الثلاثين أو أربعين سنة وأكثر كان الطفل الذي يمرض يعالج بطرق عديدة لم نعد نقبلها في عصرنا الراهن بعد أن انتشر العلم والثقافة والوعي الصحي النسبي.

وكان إذا أراد والده الذهاب به إلى عند الطبيب يجد أكثر من شخص يتهكم عليه ويسخر منه قائلا:

إلى أين تذهب إلى الأطباء في المدينة..؟ و ماذا يفعلون له..؟ اتركه في المنزل والله وحده هو الشافي المعافي متغاضين عن كل التعليمات الدينية والدنيوية التي تؤكد على ضرورة الاهتمام والنظافة والعلاج عند من يملكون الخبرة، واليوم ونحن نعاني من انتشار مرض كورونا الذي اجتاح العالم كله المتقدم منه والمتخلف، ومع تفهمنا للظروف التي يمر بها وطننا ومحاصرتهم لنا ومنع وصول الغذاء والدواء إلينا نجد من يتصرف بجهل وعنجهية دون أن يجد من يردعه مع أن جهله وتخلفه يلحق بالأذى ممن حوله.

ثم أن جهله يعني بشكل من الأشكال تجاهله بكل الاهتمام الصحي والإعلامي الذي تمارسه الجهات المعنية للتخفيف من الخطر الماثل أمامنا.

أدنى ما يمكن أن نفعله هو ارتداء الكمامة وهذا لم نقم به، ولو سرت في أحياء المدن السورية عامة لوجدنا قلة قليلة من يضعون الكمامة على وجوههم.

ليس هذا فقط وأنما يلقى من وضعها الاستخفاف بطريقة من الطرق، كأن يوجه أحدهم السؤال التالي:

شو خايف أستاذ…؟ و إذا أجاب بالإقرار ..ينبري الموجه قائلا..؟

أستاذ المؤمن لا يخاف. وبالتالي على الأستاذ أن يجري نقاشا يكون هو الخاسر فيه.على كل الأحوال إذا لم يخرج بنتيجة أنه كافر … والعياذ بالله.

أمر أخر هو التكتم على من يصاب بكورونا وقد يتوفى ويشارك الناس في الجنازة و العزاء وما يتخلله من مصافحات وتقبيل و …. دون اعتبار إلى النتائج السلبية التي تحصل وتصيب الكثير من المقربين والأصدقاء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم شاركوا في تأدية الواجب تجاه المتوفى وأهله، وكأن من يصيبه هذا المرض قد ارتكب فعلا شائنا، مع أن الكثير من الأطباء الشرفاء والإنسانيين قد وافتهم المنية نتيجة تضحياتهم لإنقاذ المرضى.

ثم أن الجهات المعنية تقوم فعلا بالتوعية لكنها لا تمارس الفعل الذي يجعل الناس تسير على الطريق الصحيح.

فهل عجزت عن معاقبة من لا يرتدي الكمامة بمخالفة مادية بسيطة تجعل الناس جميعا يرتدونها وعندما ترتدي الأكثرية فالأقلية تماثلها أما الواقع الحالي فإن من يرتدي الكمامة يجد نفسه مخالفا و يتصرف على مبدأ بين العوران ضع يدك على عينك، وبالتالي يخلع الكمامة.

فإلى متى هذا الاستهتار ونحن نحصد المزيد من النتائج المأساوية؟