جديد 4E

شو رأيك منقوسو؟

احمد تكروني

و أخيراً تم تجاوز الخط الأحمر وارتفع سعر الخبز، هذا الخط ليس ضرورياً أن يكون ثابتاً في مرحلة تعج بالحركة، بل بالحركات غير الطبيعية وغير العادية، وفي ظروف جد استثنائية بالنسبة لبلدنا، حيث ان ما يجري على أرضه وسمائه لم يجر على دولة أخرى في العالم، لقد تكالبت عشرات الدول على هذا الوطن المسالم، الذي لا ذنب له إلا انه يرغب بالحفاظ على كرامة شعبه وحقوق وطنه و وحدة أراضيه.

ارتفاع الأسعار من البنزين وو… وصولا للخبز له مبرراته الجاهزة والموضوعية في غالبيتها، والمواطن السوري يعرف ذلك جيدا ً ولذلك يتحمل ويصبر.

وإذا كانت مسالة توزيع الخبز على البطاقة الذكية لاقت الكثير من التذمر والاستهجان لما فيها من مساس لعاداتنا وتقاليدنا واقلها ماذا يفعل المواطن الذي يأتيه مجموعة من الرجال مساء أو ظهرا وخاصة في الأرياف التي هجر أهلها الخبز على التنور وعلى الصاج منذ فترة طويلة؟

ما هو موقف المضيف في وقت لا يستطيع أن يستنجد بمن حوله؟ لأنهم لا يملكون ما يفيض عن حاجتهم.

يضاف إلى ذلك أن الفقراء الذين يبذلون في غالبيتهم جهوداً عضليةً زائدة هم بحاجة إلى كميات إضافية من الخبز لتعويض ما تم فقده من الفاكهة واللحوم وغيرها، حتى البرغل والبطاطا وحبة الزيتون التي كانت سمة من سمات الفقير المنتوف أصبح الحصول عليها ليس سهلاً فأسعارها حلقت كما حلقت أسعار المواد الأخرى.

وحتى لا نطيل ونكرر المكرر نستطيع القول باختصار إن فقراء وطننا الذين زادت شريحتهم وتوسعت، اعتادوا على الالتزام بقانون الدولة و إطاعة أوامرها دون تذمر شريطة أن تنفذ الحكومة ما تعد به .

لكن أن تمتد الأيدي لاستغلالهم وزيادة فقرهم وحرمانهم وحكومتهم لا تفعل شيئاً فهذه هي الطامة الكبرى، وذلك ما يزيد من شكواهم ومطالباتهم التي لا تزيد عن تفعيل القوانين القائمة لرفع الظلم عنهم ليس أكثر.

وما دمنا في موضوع الخبز لا بد من طرح السؤال التالي:

هل تستطيع الجهات المعنية الحفاظ على سلامة الخبز من ناحيتي النوعية و الوزن؟

حقيقةً لا احد يثق بالجهات التي كانت تسمى تمويناً و أخذت أسماء جديدة، وبقيت على الممارسات ذاتها وربما زادت من أساليبها الخاطئة لجني المزيد من المكاسب على حساب المحتاجين والمساكين.

نادرة المخابز الخاصة التي تقدم خبزا بوزن صحيح، ونادرة مخابز القطاع العام التي تقدم خبزاً جيدا ً.

تجربة المعتمدين التي طبقت في بعض المحافظات منذ زمن طويل ويجري تطبيقها حاليا في محافظات أخرى، والتي حدت من الازدحام للوصول الى الخبز لكنها أعطت خبزاً سيئاً وزاد سوؤه بسبب تكدسه فوق بعضه البعض وتخزينه ومن ثم نقله للمعتمدين.

فهل يجرؤ المعتمد على مخالفة الموظف الذي مازال اسمه مراقب التموين ؟ أو الحديث عن صاحب الفرن الخاص لعلاقته المتميزة غالباً بالمراقب المستفيد؟

امرأة فقيرة حصل زوجها على مهمة معتمد خبز بعد لأيٍ وجهدٍ وتذلل، وعندما بدأ الخبز المخصص يأتي إليها كان منكّها برائحة المازوت فتركها الناس وتوجهوا إلى معتمدين آخرين وتكدس الخبز عندها وبدلاً من أن يكون الاعتماد منقذا لها ولعائلتها أصبح مصدر سوء علاقة مع الأهل والجيران الذين تركوها وتوجهوا لشراء خبزهم من عند غيرها.

زارها رجال التموين بهيبتهم وجلالتهم وسلطتهم، وبدأوا يوجهون لها الأسئلة التي ظنوا أنها تحفظ مقامهم، وتبعد الناس عن ذكر ما يحسون به ويشعرون، وبعد انتهاء أسئلتهم التي أوصلتها وزوجها حد الانفجار خاطبتهم قائلةً: انتم سيئون مثل صاحب الفرن وأكثر ولولا حمايتكم لما فعل ذلك.

اشتكينا لكم مرات عديدة وانتم تعرفون الواقع بدقة، ولم تفعلوا شيئاً فلم هذه الأسئلة التي تسبب المغص كما يقولون؟

لم يعتادوا على ذلك، فردها كان مربكاً لهم فهم يعلمون أن الجميع يعرف ما تعرفه هذه المرأة لكنهم لا يجرؤون على قول ما قالت.

وعدم الرد عليها يعني الإقرار بصحة قولها فتشجع أحدهم وقال لها شو رأيك؟ (خالفناه مرة وتنتين وتلاته وبقي خبزو فيه مازوت… أي شو منعمل منقوسو؟)

قالت: لا

((لا تقوسوه هوي.. قوسونا نحنا.. فممارساتكم أصعب من القواس))

مرة ثانية نقول: هل تستطيع الجهات المعنية إجبار أفران القطاع العام على إنتاج خبز بمواصفات جيدة؟ وهل تلزم أصحاب الأفران الخاصة بصنع رغيف جيد ووزن صحيح؟

لا نعتقد ذلك لان هذا يحتاج لعقوبات رادعة ونوايا صالحة، وأيدٍ نظيفة ومع ذلك نتمنى أن يكون شكنا في غير محله.