جديد 4E

جولة مرعبة في السوق لعبد الحليم سعود يتحرّى فيها أسعار مواد المكدوس ..!

مكدوس وأشياء أخرى

عبد الحليم سعود

 منذ بداية الصيف الحالي وحرمنا المصون لا سيرة  لديها ولا حديث عندها يعلو فوق سيرة وحديث المكدوس (عادة سورية بامتياز ) إضافة إلى مونة الشتاء، متى سنشتري الجوز والفليفلة والباذنجان والثوم وزيت الزيتون إلى آخر القائمة، ومحسوبكم يؤجل ويماطل ويسوّف عسى أن تكون الحكاية مجرد غيمة صيف وتمضي، ولكن مع ارتفاع وتيرة الإصرار والالحاح رضخت وقررت أن أقوم بجولة على السوق لاستطلاع بورصة الأسعار المكدوسية، فأصبت بالذهول وعقدت الدهشة لساني، فكل شيء نار والعياذ بالله، وبحسبة بسيطة إذا أرادت حرمنا تحضير قطرميز مكدوس واحد من الحجم الكبير فإنها ستضحي براتبها أو راتبي ويمكن أن تبيع التلفزيون أو الغسالة  لكي تتجنب شماتة الجارات، وتزين وجبات فطورنا بهذا النوع الشهي من الطعام…!

 وبالرغم من أن حديث المكدوس هو الأكثر تداولا هذه الأيام، إلا أن هناك أحاديث أخرى لا تقل أهمية عنه، فحديث المدارس ومتطلباتها الكثيرة يضرب أطنابه، وحكاية وقود الشتاء ورسالة محروقات وطرق تأمين الدفعة الأولى من المازوت وتخزينها باتت مادة للصداع اليومي، فمن أين لخلق الله المعترين أن يشعروا براحة البال وهم يسمعون هذه الموشحات يوميا، فالرواتب في ظل ارتفاع الأسعار باتت مجرد جثة هامدة تتناهشها متطلبات الحياة اليومية خلال أقل من أسبوع إضافة الى فواتير الكهرباء والماء والهاتف والنت والمواصلات  والأدوية إلخ، ثم يخرج إلينا شخص ـ مستفضي كتير ويمكن محشش ومعبى الطاسة ـ ليقول لنا عبر شاشة التلفزيون بأن المواد الغذائية في صالات السورية للتجارة متوفرة بكثرة وبأسعار مناسبة….عن أي مواد وأسعار تتحدث يا ابن (آوى) …؟!

 بالعربي الفصيح أقولها ـ وما حدا يزعل مني ـ لو صدقنا كل ما يقوله بعض المنافقين، فسنجد أنفسنا بالعصفورية في نهاية المطاف لأنو الفول والحمص والفلافل صار حلما للكثير من ذوي الدخل المنهوك والمنهوب، فهل ترك لنا لصوص المال العام والخاص والتجار الجشعون والمسلحون على تنوعهم والإرهابيون على إجرامهم أي مساحة لحياة معيشية أفضل ..؟ أم أن المطلوب أن نعض على الجراح ونسكت، ثم نستمد أسباب صمودنا من بقايا شعارات بالية أكل عليها الزمن وشرب وووو..!!

 وبالعودة إلى قصة المكدوس والمونة فإنني قررت القيام بتمرد سلمي على مطالب حرمنا المصون، واتباع سياسة التطنيش إلى أن يقضي هذا الشهر اللئيم نحبه ويأتينا شقيقه تشرين بأخبار سارة، عسى أن يكون ذيله مبلولا بزيادة رواتب أو تحسين معيشي..!!

 وعذراً من السيدة العظيمة فيروز وأغنيتها الرائعة “رجع أيلول” التي أصبح صداها يرن في أذني مرددا “ياريتني ما رجعت” وليسامحني الراحل العظيم عاصي الرحباني فلا أعتقد أن الست أم زياد وريما  قد ألحت عليه بسيرة “المكدوس” وموشحاته الشامية.. وخاصة أن المبدع زياد لم يكن ليسكت عن سر خطير من هذا النوع…

(واتذكرتك ياأمي… يخرب بيت مكدوساتك يا أمي شو طيبين) !!