رؤية اقتصادية مستقبلية
كتبها الدكتور عامر محمد وجيه خربوطلي :
ليس كلاما فلسفيا أو ترفيا أو في غير محله بل هو جوهر الانتقال لمستوى اقتصادي جديد مهما صغرت أو كبرت الإمكانيات المادية والمالية والبشرية ومهما كان الدعم التنموي داخليا ام خارجيا أو حتى عالميا ومهما تم بذل من الجهود أقصاها فإن عدم وجود رؤية اقتصادية مستقبلية يبقي الاقتصاد في مرحلة المراوحة او التحسن البطيء غير المحسوس .
فالعمل بدون رؤية يبقى جهدا ضائعا و الرؤية بدون عمل تبقى مجرد حلم جميل صعب التنفيذ .. سوريا الجديدة بحاجة لرؤية مستقبلية لعقد من الزمن وليكن ٢٠٣٥ تتناول مجموع الأهداف والسياسات والإجراءات ومن ثم البرامج والمشاريع للوصول لدرجة من النهوض الاقتصادي الواضح المعالم والمحدد النتائج والقابل للقياس والتقييم .
عندها فقط تأتي الدول والمؤسسات والمنظمات وحتى الشركات لتشاركنا أكبر ورشة بناء يشهدها الاقتصاد السوري في تاريخه الحديث.
عندها فقط تتوزع الأدوار وتتقسم المشاريع وتتحدد المهام وتتنوع المشاريع ولكن هذه المرة ولأول مرة ضمن الرؤية المستهدفة وليس وفق اهواء الراغبين بالمشاركة …
الرؤية المستقبلية هي الصورة الذهنية الواضحة والملهمة لمستقبل اقتصادي مرغوب وهي بذلك تصميم واعي للمستقبل وليس توقعا له كما كان يجري من خطط خمسية و سيناريوهات بالية غير قابلة للتطبيق..
الحالة الاقتصادية المنشودة هي عملية تخيل إبداعية لما يمكن أن يحدث ..
ما يميز الدول الناهضة والتي أصبحت متقدمة بفترات قصيرة ليس فقط بثرواتها أو حتى بإمكانياتها المادية وحتى البشرية بل بأمر هام وعظيم يمثل جوهر التنمية الا وهو الرؤية الملهمة و التنفيذ الاحترافي لأهداف هذه الرؤية ..
رؤية سوريا ٢٠٣٥ دولة ذات اقتصاد حر تنافسي مع شبكة امان اجتماعية للطبقات المهمشة .
رؤية للقطاعات الإنتاجية من زراعة وصناعة تحويلية واستخراجية الدور الابرز في خلق القيم المضافة دون أن يكون لقطاع التجارة والخدمات دور هامشي أو ثانوي بل محوري لإنجاح القطاعات الإنتاجية الحقيقية .
رؤية تعتمد على تحويل الميزات النسبية في السلع والخدمات لميزات تنافسية عالية القيمة ..
رؤية تعظم من الدخل القومي والفردي وتجعل من تحسين المعيشة هدفا رئيسيا لا حياد عنه .
رؤية تجعل من قطاع الخدمات والمرافق العامة والبنى التحتية في مصاف الدول الناهضة ..
رؤية تعتمد التقانة والتكنولوجيا وريادة الأعمال وتركز على دعم وتطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة دون تجاهل للمشاريع الكبرى والاستراتيجية .
رؤية تضع قطاع الأعمال الخاص في صلب عملية النهوض والتطوير ..
رؤية تركز على دور الحكومة كحكم وموجه وداعم فقط لكل ما ينفع الاقتصاد الوطني .
رؤية تعتمد قواعد الحوكمة الاقتصادية من شفافية و مساءلة و افصاح .
رؤية تضع قواعد الكفاءة والعدالة وتكافؤ الفرص في صلبها .
رؤية تنقل سوريا القديمة المترهلة البيروقراطية إلى أعلى درجات الإدارة الحديثة والتحول الرقمي .
رؤية شاملة و عميقة تمسح جميع بقاع الجغرافية السورية دون تمييز أو تفضيل ..
رؤية مستقبلية يشارك في وضعها جميع ابناء الشعب السوري المثقف اقتصاديا واجتماعيا و فكريا .
الرؤية المستقبلية المنشودة لسوريا الجديدة هي بمثابة البوصلة في بحر متلاطم من المتغيرات و التحديات و هي بمثابة خريطة طريق لأرض المستقبل الواعد .
وهي بمثابة وقود لرحلة التحول المصيرية ..
هي ليست ترفا بل عنوان النجاح القادم .
حديث الأربعاء الاقتصادي رقم 339 – مع تحيات العيادة الاقتصادية السورية
دمشق في 10 كانون الأول 2025م

