في ظلال الشح الكهربائي .. هل ندع “الكبك” ووسائل التخزين القديمة تتفوق على التكنولوجيا ..؟ هكذا كان الأقدمون يحفظون طعامهم
أملنا كبير بالمساعي الطيبة لاستعادة التيار الكهربائي بما يضمن قدرة الناس على التبريد وحفظ الأطعمة بشكلٍ آمن
السلطة الرابعة – سوسن خليفة :
هذه الصور في الحقيقة تم أخذها عن الفيسبوك، احتفظت بها صديقتي المقربة كونها تحتوي على شكل ما يسمى ( الكبك ) والذي أعادها إلى ذكريات الطفولة في بيت جدها .
وهذا الكبك كان يوضع في أعلى الشجرة مزود بجنزير حديدي متين ليحمل أثقال الطعام، وهو براد ذلك الزمان والذي يتمتع بخاصية عجزت التكنولوجيا والتقنيات الحديثة عن مواكبتها ( فما أقصده هنا أن استخدام الكبك لا يحتاج إلى ألواح طاقة شمسية أو كهرباء لزوم تشغيل البراد للحفاظ على الطعام من الفساد ) فتقنين الكهرباء لا يؤثر على وظيفته ، لأنه يعمل ويؤدي المطلوب منه بأقل التكاليف عدا عن أنه مرتبط بفترة زمنية تعود إلى الأجداد وكيفية التعامل مع الواقع.
وفي بحثنا عن هذه الآليّة التبريدية وجدنا للكبك طريقة أخرى تُشير إلى أنّ هذه الآلة التي كان الدمشقيون يسمونها “الكبك” تستخدم قبل انتشار البرادات والثلاجات، حيث توضع صحون الطعام عليها ويتم إنزالها داخل البئر في “أرض الديار” .. أي في الفسحة السماوية الموجودة عادة في أغلب المنازل، لتحافظ على درجة برودة للطعام، حيث كانت أغلب المنازل السورية في السابق تحتوي على الفسحة السماوية وبئر خاص به، ويتم ربط الآبار الخاصة ببيوت الرؤساء والمسؤولين الدمشقيين بنبع الفيجة مباشرة.
نبذة عن تاريخ حفظ الطعام
يعود تاريخ حفظ الطعام إلى عصور ما قبل التاريخ، حيث اعتمد الإنسان القديم على طرق طبيعية مثل التجفيف والتمليح والتدخين والتخمير، لحفظ فائض طعامه. وقد شهد التاريخ تطوراً كبيراً مع اختراع التعليب عام 1804 على يد نيكولاس آبرت، ثم اختراع الثلاجة الكهربائية التي أحدثت ثورة في التبريد والحفظ.
تقول موسوعة ويكيبيديا أن ( نيكولاس آبرت ) كان طباخاً فرنسياً في باريس ورئيساً للطباخين في الفترة من 1784 إلى 1795، وهو أيضاً صانع حلوى، ولكنه اشتهر بسبب اكتشافه طريقة يستطيع فيها حفظ الأغذية الغذائية في علب زجاجية والتي تطورت فيما بعد على مر السنين.
طرق الحفظ القديمة
التجفيف:
من أقدم الطرق المستخدمة لحفظ الخضار والفواكه عن طريق الشمس والهواء.
التمليح:
استخدمتها شعوب مثل القلط لحفظ الطعام. إذ كان يحفظ الطعام عن طريق التجفيف، والتمليح، والتخمير والتبريد. وتعتبر شعوب القلط من أوائل الشعوب التي استعملت الملح في حفظ الطعام.
وشعب القَلْط يعرف أيضًا بالسِلْت أو الكِلْت، وهي شعوب هندو- أوروبية عاشت في مناطق واسعة من أوروبا قبل الميلاد، ويتميزون باللغات القَلْطِيَّة وخصائص ثقافية مشتركة، مثل الفن والأساطير. امتدت ثقافتهم من أيرلندا واسكتلندا غربًا إلى مناطق وسط أوروبا، وانحصرت في ذروتها في مناطق واسعة من غرب ووسط أوروبا.
التخمير:
كان يستخدم في العنب لتحويله إلى نبيذ، ولا يزال يستخدم في حفظ الأطعمة.
التبريد الطبيعي:
كان القدماء يستخدمون الجداول والحفر الطبيعية تحت الأرض لحفظ الطعام.
التدخين:
تم استخدامه لحفظ اللحوم مثل لحم الغزال.
التطورات التاريخية الهامة
1804: نيكولاس آبرت يبتكر طريقة التعليب بحفظ الطعام في عبوات زجاجية مغلقة ووضعها في ماء مغلي لقتل البكتيريا.
1859: فرديناند كاريه يخترع الثلاجة الكهربائية.
1920: كلارنس بيردساى، الذي رأى السكان الأصليين يجمدون الطعام بشكل طبيعي، أدخل نظام التبريد السريع وصناعة الأطعمة المجمدة في الولايات المتحدة.
الطرق الحديثة والمواد الحافظة
التعليب:
أصبح وسيلة لحفظ الطعام في عبوات محكمة الإغلاق لفترة طويلة.
التجميد:
لحفظ الطعام لفترات طويلة.
المواد الحافظة:
في عام 1939، أصبح حمض السوربيك يستخدم في حفظ الأغذية لتثبيط نمو الكائنات الدقيقة.
أهمية الحفظ والتواريخ على المنتجات
تاريخ الصلاحية:
يشير إلى الفترة التي يبقى فيها الطعام بجودة مقبولة، وهو أمر مهم لسلامة الغذاء.
التعامل الصحيح:
لا يزال حفظ الطعام بطرق صحيحة مثل التبريد السريع وتخزين العلب بإحكام يمنع فساد الطعام وإطالة عمره.
تخزين الطعام عند القدماء
وفي بحث آخر عن هذا الموضوع جاء فيه :
على الرغم من انعدام التكنولوجيا تقريبا فإن الطرق القديمة للحفاظ على الأطعمة كانت فعالة بشكل كبير حتى أن بعض المنتجات قد نجت منذ آلاف السنين.
تعتبر الثلاجات اختراعا حديثا نسبيا لكن القدماء وجدوا طرقا أخرى للحفاظ على الطعام، حيث بدأ حفظ الطعام بالتبريد في منتصف خمسينيات القرن الـ18 وتطور في أوائل القرن الـ19 حتى أن الثلاجات المنزلية اشتهرت فقط في العام 1940 فماذا فعل القدماء للحفاظ على طعامهم منذ آلاف السنين؟
يذكر موقع “ديسكفر” أن علماء الآثار وجدوا أدلة على مجموعة متنوعة من تقنيات الحفاظ على الأطعمة التي استخدمها الناس قديما، بعضها شائع مثل التجفيف والتمليح والتدخين والتخليل والتخمير والتبريد في الثلاجات الطبيعية كالجداول والحفر تحت الأرض والأقبية، والبعض الآخر قام بممارسات قديمة غير تقليدية مثل دفن الزبدة في المستنقعات.
وكانت الطرق القديمة فعالة بشكل كبير حتى أن بعض المنتجات قد نجت منذ آلاف السنين.
طرق إبداعية
وفقا لموقع “لايف ساينس” (Live Science) فقد كان على الناس منذ آلاف السنين إيجاد طرق ذكية للحفاظ على الطعام تؤدي إلى إبطاء نمو الكائنات الحية الدقيقة التي يمكن أن تسبب الأمراض المنقولة بالغذاء أو تؤدي إلى تعفن الطعام، ومن هذه الطرق الدفن في البرك وفي مستنقعات المياه العذبة وكذلك الدفن تحت الأرض، ولكن كيف كانت هذه الطرق تعمل؟
الدفن في البرك
وفرت برك المياه مكانا لتخزين أجزاء الحيوانات التي اصطادها القدماء، حيث يتم وضع بقايا الحيوان عن قصد في واحدة من البرك الضحلة التي تنتشر في الطبيعة.
لكن عملية حفظ اللحوم خلال هذه العملية لم تكن بسبب الماء، بل بسبب وجود بكتيريا “لاكتوباسيلوس” التي تعيش في الماء وتنتج حمض اللاكتيك، وهو منتج ثانوي كيميائي للتنفس اللاهوائي، وبالتالي حينما تغزو البكتيريا هذه اللحوم في برك المياه فإن حمض اللاكتيك الذي تفرزه يحافظ على كتلة العضلات الموجودة في اللحوم.
وإضافة إلى ذلك فإن حمض اللاكتيك يعمل على جعل اللحوم طرية، كما يضفي رائحة وطعما قويين، مما يجعل منها وجبة لذيذة في النهاية.
وإلى جانب وجود هذه البكتيريا النافعة في المياه فإن درجة الحرارة المنخفضة ومحتوى الأكسجين المنخفض في مياه البرك ساعدا في عملية الحفظ.
قصة الماموث المخزن في الماء
اكتشف مزارعان في ولاية ميشيغان الأميركية عظم حوض ماموث بالصدفة في عام 2015، وحينما تم الإبلاغ عن الأمر تدخل فريق بحثي ليجد أنه منذ أكثر من 11 ألف عام – حينما جابت قطعان الماموث أميركا الشمالية – كان الصيادون يحتفظون ببقايا صيدهم في البرك لاستخدامها لاحقا.
والمَامُوث أو البَهْمُوث أو الصَّنَّاجة (باللاتينية: Mammuthus) هو جنس من الثديات الفيلية من فصيلة الفيلة، وهو فيل ضخم منقرض كان يعيش في أوروبا الوسطى قبل مليون سنة.
يقول دانيال فيشر الأستاذ في متحف جامعة ميشيغان لعلم الأحافير لموقع “لايف ساينس” إن مطاردة هذا الماموث ربما حدثت في الخريف، وتم ذبح الحيوان ووضع قطع كبيرة منه في الماء في البرك الصغيرة المجاورة، وقد ظل اللحم صالحا للأكل حتى الصيف التالي.
وجاء قول فيشر بناء على التجارب التي أجراها بنفسه باستخدام الغزلان ولحم الضأن وحتى الحصان، فقد وجد أن اللحم كان لا يزال صالحا للأكل حتى بعد قضاء شهور مغمورا في أحواض صغيرة وباردة مماثلة لكن بعد طهيه جيدا أولا، لقتل أي بكتيريا ضارة قد تكون قد استقرت فيه.
الدفن تحت الأرض
لم تتوفر برك المياه الطبيعية للجميع في ذلك الوقت، لذا تم استخدام وسيلة أخرى لحفظ الطعام وهي الدفن، ويعد دفن الطعام طريقة جيدة للحفاظ عليه طازجا، لأنه يحميه من أشعة الشمس والحرارة والأكسجين، وهي العوامل الثلاثة التي تزيد معدل فساد الطعام.
زبدة المستنقعات
المستنقع عبارة عن أرض رطبة من المياه العذبة، وله أرضية إسفنجية ناعمة تتكون أساسا من مادة نباتية متحللة جزئيا تسمى الخث، ويعتبر بيئة باردة منخفضة الأكسجين، كما أن نسبة حمضيته مثالية لحفظ الأطعمة القابلة للتلف، لذا فقد وفرت المستنقعات للمجتمعات الزراعية المبكرة طريقة للحفاظ على الأطعمة القابلة للتلف مثل منتجات الألبان لفترة أطول.
تم استخدام هذه الطريقة في شمال أوروبا، حيث كانت الحضارات القديمة تضع الطعام – بما في ذلك الزبدة- في المستنقع للحفاظ عليه.
وقد قام علماء الآثار بسحب عينات من مادة شمعية تشبه البارافين من الوحل المشبع بالمياه، وبعدما أجرى الباحثون تحليلات كيميائية على المادة الشمعية عرفوا أنها من منتجات الألبان فمنحوها اسم “زبدة المستنقعات”.
وتقول جيسيكا سميث الأستاذة المساعدة في كلية الآثار بجامعة دبلن – التي نشرت دراسة حول “زبدة المستنقعات” في دورية “نيتشر” (Nature) عام 2019- إنه “في غضون عامين أو 3 أعوام تتحلل الدهون الموجودة في الزبدة الطازجة إلى كتلة من الأحماض الدهنية”.
عصر الحفظ بالتجميد
ووفقا لموقع “فيرمونت ببليك”، فقد اعتقد رجل من ولاية ماساشوستس الأميركية في القرن الـ19 يدعى فريدريك تيودور أنه يمكن أن يصبح ثريا عن طريق شحن الجليد إلى الأماكن الأكثر دفئا في العالم، وبعد المحاولة والفشل عدة مرات نجح أخيرا في إقناع الناس بوجود سوق للجليد.
وقد تمكن بالفعل من شحن الجليد إلى جميع أنحاء العالم، حيث قام بالحفاظ على الثلج عن طريق عزله بالقش ونشارة الخشب وتخزينه في المستودعات حتى يحين وقت استخدامه.
كان الناس يقطعون الجليد من البحيرات باستخدام المناشير اليدوية، ثم استخدموا الآلات التي تجرها الأحصنة لقطع الجليد لكنه ظل عملا صعبا وخطيرا.
واعتاد الناس في المدن أيضا على استخدام الثلج كإحدى الضرورات اليومية، وفي النهاية تمت الاستعاضة عن الجليد الذي يتم الحصول عليه من الطبيعة بالجليد المصنوع في المصانع.
وكان يتم حفظ الطعام في صناديق الثلج، وهي عبارة عن صناديق خشبية أو معدنية مع حجرة في الأعلى، حيث يتم وضع كتلة من الثلج فيها، وبالتالي يسقط الهواء البارد من الأعلى على الطعام تحته فيبرده.
وأخيرا تم اختراع الثلاجة الكهربائية في أوائل القرن العشرين، وأصبحت مشهورة بحلول عام 1940.
طرق حفظ الطعام قديماً بشرحٍ أوسع وبشكل يختلف قليلاً عما سبق
للحصول على فكرة عن تقنيات الحفظ التي ربما استخدمها القدماء، قام علماء الآثار بمسح ممارسات الأشخاص الأحياء والحديثين في المجتمعات غير الصناعية، ووجدوا العديد من الأساليب منخفضة التقنية، والتي كان من الممكن بالتأكيد أن ينجزها الناس منذ آلاف السنين. تشمل الأساليب الأكثر شيوعاً والمألوفة التجفيف والتمليح والتدخين والتخليل والتخمير والتبريد في الثلاجات الطبيعية، مثل الجداول والحفر الجوفية. على سبيل المثال، اعتاد شعب سامي، وهم السكان الأصليون في الدول الاسكندنافية، على قتل الرنة في الخريف والشتاء؛ حيث يتم تجفيف اللحم أو تدخينه، وتخمير الحليب وتحويله إلى جبن عبارة عن “كعكة صلبة ومضغوطة قد تدوم لسنوات”.
طرق تبطئ نمو الميكروبات والتجفيف هو الأنسب
تحتاج الكائنات الدقيقة إلى كمية معينة من الرطوبة لنقل العناصر الغذائية والفضلات من وإلى خلاياها. فبدون الماء، تذبل الميكروبات وتموت (أو على الأقل تدخل في حالة خمول). كما يُثبط التجفيف الأكسدة ونشاط الإنزيمات، وهما تفاعلان طبيعيان بين الهواء وجزيئات الطعام، مما يُسبب تغيرات في النكهة واللون.
نظراً لبساطة تقنياتها، يُفترض أن أساليب مثل التخمير والتجفيف استُخدمت في الماضي البعيد. تُمثل هذه الأساليب نقطة انطلاق جيدة لعلماء الآثار الباحثين عن أدلة قديمة على حفظ الطعام. علاوة على ذلك، من خلال مراقبة الممارسات المُطبقة اليوم، تمكن الباحثون من تحديد الأدوات اللازمة والبقايا الناتجة، وهي مواد أكثر احتمالاً للبقاء والظهور في مواقع التنقيب الأثري من الطعام نفسه.
التخمير القديم
في الواقع، بدلاً من العثور على قطعة طعام – مثل قطعة من لحم الغزال المجفف عمرها 14 ألف عام – اكتشف علماء الآثار، في العديد من الحالات، آثار جهود حفظ الطعام.
على سبيل المثال، في موقع سويدي يعود تاريخه إلى ما بين 8600 و9600 عام، اكتشف الباحثون حفرة على شكل ميزاب مليئة بأكثر من 9000 عظمة سمكة، كما ورد في ورقة بحثية نُشرت في مجلة العلوم الأثرية عام 2016. في أماكن أخرى من الموقع، ولكن خارج الميزاب، كانت بقايا الأسماك الأكثر شيوعاً هي الفرخ والبايك. ولكن في الحفرة، كانت غالبية العينات من الصرصور، وهي سمكة عظمية صغيرة يصعب تناولها دون نوع من المعالجة. أظهر حوالي خُمس فقرات الصرصور علامات تلف حمضي. وخلصت الورقة إلى أن الحفرة كانت تُستخدم للتخمير، ما يجعلها أقدم دليل على الطعام المخمر.
وعلى نحو مماثل، في دراسة نشرت في مجلة علم الآثار الأنثروبولوجي عام 2019، حلل علماء الآثار أكثر من 10,000 عظمة حيوانية مُستخرَجة من موقع يعود تاريخه إلى حوالي 19,000 عام في الأردن حالياً. كانت ما يقرب من 90% من العينات غزلاناً، وقد عُثر عليها بجانب نيران المخيمات وثقوب أعمدة يتراوح قطرها بين 2 و4 بوصات، والتي يُرجَّح أنها كانت تحمل عوارض دعم لهيكل بسيط. بناءً على هذه الأدلة، وطريقة تحطيم عظام الغزلان وذبحها، يقترح الباحثون أن ثقوب الأعمدة كانت تحمل رفاً كان يُستخدم لتدخين اللحوم وتجفيفها.
طبيعة الأطعمة القديمة
تم العثور على ما يقرب من 500 كعكة من الزبدة القديمة في مستنقعات أيرلندا واسكتلندا. منذ العصر البرونزي على الأقل، أي منذ حوالي 5000 عام، وحتى القرن الثامن عشر، دفن سكان هذه الأماكن نوعاً من الزبدة الحامضة الدسمة في مستنقعات الخث. ويناقش الباحثون أسباب دفن الزبدة – سواءً لتقديمها كقرابين طقسية، أو للتخزين، أو لتحسين نكهتها.
مهما كان السبب، فقد تم تثبيط نمو الميكروبات وتحللها في مستنقعات الأراضي الرطبة الحمضية قليلة الأكسجين. حيث صمدت كعكات الزبدة المنسية لآلاف السنين وما زالت مستمرة. بعضها ضخم للغاية، بما في ذلك قطعة عمرها 3000 عام، وزنها 77 رطلاً، اكتُشفت عام 2009، وأخرى عمرها 5000 عام، وزنها 100 رطل، اكتُشفت عام 2013.
يعتقد علماء الآثار أن زبدة المستنقع صالحة للأكل نظرياً، لكنهم ينصحون بعدم تناولها. يُقال إن طاهٍ مشهوراً تذوق لقمة قديمة، وتظاهر ستيفن كولبير بذلك في برنامج The Late Show.
قام أشخاصٌ أكثر حذراً وفضولاً بدفن عيناتٍ تجريبياً لفتراتٍ زمنيةٍ أقصر، ثم جرّبوها. في عددٍ صدر عام ١٨٩٢ من مجلة الجمعية الملكية للآثار في أيرلندا، وكشفوا أن الزبدة المغمورة لمدة ستة وثمانية أشهر “اكتسبت طعم الجبن أكثر من الزبدة… طعمٌ مكتسب”. في عام ٢٠١٢، قدّم باحث الأغذية بن ريد أجرى ريد تجربة مماثلة. بعد ثلاثة أشهر من التواجد تحت الأرض، وصف المتذوقون زبدة ريد بأنها ذات نكهة صيدية، كريهة، ولاذعة، تشبه الطحالب أو الحيوانات أو السلامي. بعد عام ونصف، رأى ريد أن طعمها “رائع حقاً”.
في العصور القديمة، واجه البشر تحدي حفظ الطعام لضمان توفره بعد موسم الحصاد. ومع ظهور الحضارات، طُوّرت أساليب مبتكرة لحفظ الطعام، لا يزال الكثير منها مستخدماً حتى اليوم.
تستكشف هذه المقالة تسع تقنيات قديمة صمدت أمام اختبار الزمن، مُسلّطةً الضوء على التاريخ الرائع للأغذية المُغلّفة وعلاقتها بالبشر القدماء.
في المراحل الأولى من الحضارة الإنسانية، كان الحصول على القوت يعني جمع الفاكهة والخضراوات، وصيد الحيوانات، أو صيد الأسماك. ولكن، بمجرد توفر الطعام، بدأ العد التنازلي للتلف أو التعفن. إدراكاً لهذا التحدي، تكيف البشر القدماء مع بيئتهم واكتشفوا طرقاً لحفظ الطعام للاستهلاك المستقبلي وللصالح العام. أدى ذلك إلى تطوير أساليب متنوعة لحفظ الطعام عبر مختلف الثقافات والمناطق، ولا يزال الكثير منها قائماً حتى يومنا هذا.
طرق قديمة في التخزين لا زالت تستخدم حتى يومنا هذا
التجفيف أو الجفاف
يُعد تجفيف الطعام من أقدم وأبسط طرق الحفظ. وإدراكاً منها لدور الرطوبة في تسهيل نمو الميكروبات، لجأت الحضارات القديمة، مثل مصر والشرق الأوسط وثقافات الشرق الأقصى، إلى تجفيف المكسرات والأسماك والفواكه واللحوم تحت أشعة الشمس. ومع مرور الوقت، استُخدمت تقنيات مثل التدخين واستخدام المجففات لحفظ الطعام.
المعالجة
أصبحت المعالجة، التي كانت تتضمن في البداية التجفيف، طريقةً شائعةً للحفظ. استخدمت الحضارات القديمة الملح وتقنيات التدخين لتجفيف الطعام. سرّع الملح عملية التجفيف من خلال التناضح، وكبح نمو البكتيريا. أما التدخين، فأضفى الفينولات والأحماض على الطعام، مما سهّل عملية الحفظ. لعبت المعالجة دوراً حيوياً في تجارة الأغذية عبر المسافات الطويلة، وأدت إلى ظهور العديد من المنتجات المحفوظة.
التبريد
أدرك البشر القدماء تأثير درجة الحرارة على نمو الميكروبات، فاستخدموا تقنيات التبريد لحفظ الطعام. وأدى تخزين الطعام في كهوف باردة أو غمره في ماء بارد إلى إبطاء تكاثر الكائنات الدقيقة والتفاعلات الإنزيمية. ومع مرور الوقت، طُوّرت الأقبية الجذرية وصناديق الثلج، وفي نهاية المطاف، أحدث التبريد ثورة في عالم حفظ الطعام.
التجميد
بناءً على مفهوم التبريد، ظهر التجميد كطريقة حفظ فعالة في المناطق التي تشهد فصل الشتاء. يُوقف التجميد النشاط الميكروبي عن طريق تقليل الحركة الجزيئية وتحفيز خمول الكائنات الدقيقة. أحدث اكتشاف كلارنس بيردساي للتجميد السريع في أواخر القرن التاسع عشر ثورة في حفظ اللحوم والخضراوات، ممهداً الطريق لتقنيات التجميد الحديثة.
صناعة السكر (المربى والهلام)
استخدم السكر، المعروف بخصائصه الحافظة، في الحضارات القديمة لتخزين الطعام. في المناخات التي كان فيها التجفيف الشمسي صعباً، كان يُغلى الطعام مع العسل أو السكر، ما يسحب الرطوبة من الميكروبات ويؤدي إلى جفافها وموتها. ولا يزال تقليد صنع المربى والهلام بالسكر كمادة حافظة مستمراً حتى اليوم، وإن كان ذلك باستخدام عبوات حديثة.
التخليل
يتضمن التخليل حفظ الطعام في سائل مضاد للميكروبات، مثل المحلول الملحي أو الخل أو الزيت النباتي. كان يتم تحضير الأطعمة المخللة عن طريق تشبعها بعامل التخليل، وكثيراً ما كانت تُضاف التوابل لتنويع النكهات. وقد استُخدمت هذه الطريقة في الحفظ طويل الأمد، وأدت إلى ابتكار منتجات مخللة متنوعة.
التعليب
ظهرت تقنية التعليب في أواخر القرن الثامن عشر عندما أجرى نيكولا أبيرت، وهو حلواني فرنسي، تجارب على حفظ الطعام بوضعه في مرطبانات زجاجية محكمة الغلق وتعريضها للماء المغلي. منع الغلق المفرغ من الهواء، الذي يُنشأ أثناء عملية التعليب، دخول الهواء والكائنات الدقيقة، مما ضمن حفظ الطعام على المدى الطويل. أحدثت هذه الطريقة ثورة في عالم تخزين وتوزيع الطعام، مما أتاح حفظ مجموعة واسعة من الأطعمة، بما في ذلك الفواكة والخضراوات واللحوم والشوربات.
التخمير
التخمير طريقة حفظ تتضمن تحويل السكريات إلى أحماض عضوية بواسطة كائنات دقيقة كالبكتيريا أو الخميرة. لا تقتصر هذه العملية على إطالة مدة صلاحية الطعام فحسب، بل تُحسّن أيضاً نكهته وملمسه وقيمته الغذائية. استخدمت الحضارات القديمة، بما فيها المصريون والإغريق والصينيون، التخمير لحفظ أطعمة كالخبز والجبن ومخلل الملفوف وصلصة الصويا. واليوم، لا تزال الأطعمة المخمرة شائعة في جميع أنحاء العالم، وقد توسعت هذه العملية لتشمل أنواعاً ونكهات جديدة.
قورمة اللحم
ومن الطرق التي استُخدمت لزمن غير بعيد للاحتفاظ باللحم لعدة أشهر هي تقطيع اللحم والتفوير عليه لدقيقة أو دقيقتين ثم وضع قطع اللحم بعد تمليحها بعبوة زجاجية ( قطرميز ) ويتم غمره بزيت الزيتون أو بإلية الخروف المذوّبة، ويُغلق إغلاقاً محكماً.
بيوت الطين
ما إن تطأ قدماك الريف السوري وخاصة ريف المحافظات الشرقية والشمالية، حتى ينتابك شعور غريب، شعور الانتقال من الحاضر إلى الماضي..
هنا يمكن استعادة شريط الذاكرة، وتأمل الإبداع في بناء البيوت الطينية، تلك القلاع التي اختزنت بداخلها ذاكرة من سكنها، بيوتٌ متلاصقة ترسم للناظرين بعض معالمها بتجانس بهيج، هي لم تثقل وجه الأرض بحفرها ودق أسياخ الحديد وصب كتل الإسمنت فيها، تلك المساحات الطينية اتسعت لأصحابها وضاقت بيوت الحاضر بنا ذرعاً رغم اتساعها.
قبابٌ تتحول بيوتًا بسيطة ودافئة تنتشر غالبًا في البيئات الصحراوية أو شبه الصحراوية حيث الأمطار نعمة مشتهاة والخضار معدوم في بعض الأماكن..
ومنذ أمد بعيد اجتذبت قرى “خلايا النحل” التي استقت هذا الاسم من الشكل المخروطي المميز فوق بيوتها اهتمام الغرباء لكن الكثير منها أصبح مهجورا
من حيث التصميم الهندسي فالقبب الطينية دائرية على خلاف الأبنية الحديثة مربعة الشكل، ومن حيث المتانة فالمادة المستخدمة في البناء تحتوي على التبن و الماء والتراب، وهذه الخلطة قوية ومتينة جداً ونسبة تماسك التربة مع التبن تساوي ثلاثة أضعاف نسبة تماسك الإسمنت مع الرمل، أما من حيث الديمومة فعمر البيت الإسمنتي لا يتجاوز السبعين عاماً، بينما البيت الطيني يتجاوز عمره الــ 500 عام في المعدل، إضافة لدرجة حرارته المعادلة صيفاً وشتاء.
وقيل إن هذه القبب الطينية استخدمت في الألف الثالث ق.م من قبل الفلاحين والرعاة المستقرين لتخزين وحفظ المؤن.
.
انتشرت المنازل الطينية المقبّبة في منطقة واسعة من سوريا خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. ويمكن تتبّع تلك المباني بدءًا من شرق حمص حتى جنوب حلب، حيث تنتشر على ضفاف بحيرة الجبّول. كما توجد في مناطق أخرى، كالضفاف الشرقية لنهر الفرات، وتمتدّ شمالًا حتى منطقة حرّان ..
ونجدها أيضًا على حوافّ البادية السورية، كما هو الحال في قرية الشيخ هلال، الواقعة شرقي مدينة السَّلَمية، حيث يعيش المزارعون والبدْوُ المستقرّون الذين يعتمدون على الزراعة البعلية و بعض البيوت الطينية المقببّة ما يزال قائماً ومأهولاً بأصحابه، يُفضلون العيش به سكناً ومخازن للمؤونة.
أخيراً
صحيح أن الالتفات إلى هذه الطرائق القديمة في حفظ الطعام قد يكون شيّقاً، وبعضنا ربما قال : رزق الله على أيام زمان مُتنبهاً إلى أن الحاجة أم الاختراع.. ولكن أي اختراعات هذه التي صارت تجذبنا بعد أن قطعت الاختراعات الحديثة أشواطاً وأشواط في أساليب حفظ الطعام وتبريده، المرتبطة بالتيار الكهربائي ؟ .. إنها التفاتة بائسة تعكس حقيقة النقص الحاصل بتوفير الكهرباء، والفجوة الكبيرة المستمرة على السوريين في تأمين هذه الخدمة منذ سنوات، حتى أقلعوا عن استخدام الكثير من الأدوات الكهربائية، وانخفضت قدرتهم على استخدام البرادات وأجهزة التبريد المختلفة إزاء النقص الحاصل، فصارت البرادات عاجزة عن التبريد في كثير من الأحيان ما أدى إلى إتلاف وفساد كميات كبيرة من المواد والأطعمة المحفوظة في المنازل والمطاعم والأسواق، فالتفتنا إلى تلك الطرائق القديمة أملاً بالعثور على طريقة معقولة وممكنة التطبيق في هذه الأيام، ولكن يبدو أن الأمر عبثياً، فليس من السهل العودة إلى مثل هذا الماضي بعذاباته وأساليبه البدائية بعد أن ذقنا رفاهية الحضارة وحلاوتها، فمن أين سنأتي بالبرك المائية والمستنقعات ..؟ وكيف سنُعيدُ بناء منازلنا ونجعل لها أرض ديار نحفر فيها بئراً نُنزِلُ فيه الكبك ؟؟ فحتى الكبك لم يعد من السهل استخدامه بأبعاده المختلفة، يمكننا فقط أن نُعلقه على الشجرة .. هذا إن كان هناك شجرة .
على كل حال لن نفقد الأمل بالمساعي الطيبة لاستعادة التيار الكهربائي فثمة جهود حثيثة يجري الحديث عنها إن كان لجهة إطلاق مشاريع توليد كهربائية جديدة، أم العمل على إجراء صيانات فنية وتقنية لمحطات التوليد القائمة، وهذا كله يبعث الأمل في نفوسنا بأن القادم أجمل .
( السلطة الرابعة – وكالات – ويكيبيديا – مواقع – مدونة وطن )