كتبت سوسن خليفة :
أمسية مميزة أقامها المنتدى الاجتماعي خلال أيار الجاري للباحث الموسيقي عثمان الحناوي عن حياة الموسيقار محمد سلطان الذي عشق صوت فائزة أحمد الذي لا يشبه صوت آخر.
الملفت في الأمسية المعلومات الموسيقية والشخصية التي أوردها المحاضر من خلال معاصرته ومعاشرته لكبار عباقرة التلحين والغناء من خلال إدارته لأعمال شقيقته الفنانة ميادة حناوي حيث سنحت له فرصة لقاء كبار فناني الزمن الجميل، مما أغنى أرشيفه الفني الذي جمعه بجهده وماله الخاص، من خلال اقتنائه مجموعة كبيرة من أعمال التراث الفني لكبار الفنانين ، إرضاء لشغفه وحبه للفن، إلى جانب كنز من المعلومات عن خفايا لألحان وقصائد وأغاني لكبار الفنانين الذين ربطتهم بهم صداقات متينة جعلتهم يبوحون له بأسرار غير معروفة لدى الكثيرين، وقصص اكتشاف لملحنين وفنانين مشهورين.
عدا عن ذلك يمتلك السيد عثمان أسلوب سرد ممتع جذاب يمضي الوقت دون أن تشعر به وأمسيته غنية بشواهد حية من الأغاني والتسجيلات الخاصة التي استطاع الحصول عليها وبعضها نادر. ناهيك عن حسه الموسيقي الرائع وثقافته الفنية العالية في الموسيقى الشرقية والغربية، وهذا ما لمسناه من خلال حوارية جميله بينه وبين الفنان الموسيقي ايهاب مرادني، حيث شكلا ثنائية رائعة أضفت على الأمسية لمسات فنية رائعة بامتياز.
لن أخوض كثيراً في الحديث عن ملك الشياكة اللحنية الموسيقار محمد سلطان الذي أطلق
هذا اللقب عليه الموسيقار عبد الوهاب، وصاحب المائة والسبعين لحناً المقدمة لكبار الفنانين ومكتشف عمر خورشيد ومجدي الحسيني حيث أدخل سلطان الصولو إلى الموسيقى الشرقية من خلال عازف الغيتار خورشيد. وعدم خوضي باستفاضة عن الموسيقار سلطان وكروانة الشرق مطربة العائلة فائزة أحمد ليس انتقاصاً من مكانتهما الفنية وإنما هناك من سبقني في الحديث عن الأمسية وبأدق التفاصيل . ولفتني جانب آخر في الأمسية يتعلق بالغنى الفني والانساني الذي يمتلكه الباحث الحناوي والذي جعلني أتذكر الكاتب محمد بديع سربية الذي كان يكتب في مجلة الموعد الفنية سلسلة من الذكريات عن كبار الفنانين من الممثلين والفنانين العرب حيث لاقت تلك المقالات متابعة كبيرة من القراء. وهذا التاريخ الغني للباحث عثمان الحناوي من أرشيف موثق بالصوت والصورة ، إلى جانب ما يختزنه من معلومات وأحداث في ذاكرته، يستدعي العمل على تدوينه وتوثيقه ليمثل أرشيفاً فنياً غنياً مميزاً يغني مكتبة الموسيقى العربية لهذا النوع من التاريخ الفني ، فهل نشهد في الأيام القادمة سعياً وراء توثيق هذه المعلومات ووضعها في متناول المهتمين، ولعل نوعية الحضور وكثافتهم للأمسية وتجاوبهم وانسجامهم مع ما قدم خير دليل على رقي ما قدم والرغبة في الاستزادة لهذا النوع من الفن الراقي.