الجرائم الاقتصادية في سورية بطعمٍ آخر من عام 1963 حتى 2024 بمنظار الباحث ورجل الأعمال “عصام تيزيني” الواثق بأن القادم أفضل
تيزيني: الجرائم الاقتصادية أفقرت المجتمع وألغت الطبقة المتوسطة
د. نبيل سكر: ليس لدينا اقطاع … وتيزيني لم يكن عادلاً
م. حسان قطنا: الاقتصاد غير المتوازن مشكلة بحد ذاته
فؤاد اللحام: استخلاص الدروس لصنع المستقبل
حلاق: الاقتصاد كان يقاد بالإكراه والمحسوبيات
السلطة الرابعة – سوسن خليفة:
المهندس عصام تيزيني يعتبر أن جمعية العلوم الاقتصادية العريقة كانت المنبر الذي تصدى للقضايا الاقتصادية وخاصة من خلال ندوة الثلاثاء التي كانت المركز البحثي الوحيد للأمور الاقتصادية، حيث تجاوزت الجمعية الستين عاماً من عمرها وفي إطار الجمعية تحدث التيزيني عن الجرائم الاقتصادية في سورية بالفترة 1963 – 2024، معتمداً على عنونة كل فترة تبعاً للنهج الاقتصادي المتبع خلالها.
حيث تميزت الفترة من 1963 وحتى 1970 بوضع الخطط الخمسية وتم انجاز عدد من المشاريع الاستراتيجية مثل سد الفرات وعدد من محطات الكهرباء وسواها ، مشيراً إلى ارتكاب جريمة التأميم والمصادرات والاستملاكات.
وفي عام 1979 عندما سبب في تصنيف سوريا كدولة راعيه للإرهاب وأبعد اقتصادها تدريجيا عن الغرب المتحضر ودمجه بتحالفات مع القوى الدكتاتورية العالمية ليصبح تابعا مطلقا له.
ثم بدأ الاقتصاد العسكري في 1980 حيث أُنشأت المنشآت المنتجة، وفي عام 1989 دخلت سورية في دائرة العقوبات. وتعرضت سورية خلال الفترة من 1970 إلى 1990 ضعف اجتماعي اقتصادي بدأ بشح الموارد والسلع وتدفقها تهريباً عن طريق العسكر. وعند انهيار الاتحاد السوفيتي بدأ التنبه إلى انتهاء الاشتراكية في العالم والاستعانة بالقطاع الخاص. فأقر قانون الاستثمار رقم 10 لعام 1991 واقتصر الاستثمار على تجارة السيارات والاستثمارات الصناعية الهزيلة الريعية غير الإبداعية وتحول الاقتصاد حينها الى شكل هجين نصف اشتراكي ونصف رأسمالي بداية التسعينات حين بدأ يمنح القطاع الخاص فرصا للعمل ومن ثم تحول إلى رأسمالي اجتماعي أيضا شكلا مع بداية 2005وهكذا حتى جاءت الثورة السورية عام 2011 والتي بدأ بعدها اقتصاد المافيات والعصابات يحكم سوريا لتستمر الحال هذه حتى الثامن من كانون الأول 2024حيث سقط الدكتاتور وسقطت معه كل أشكال الاقتصاد المزعومة اللااقتصادية، وتطرق إلى فتح المصارف الخاصة والمدارس الخاصة وإلغاء الاشتراكية في 2005 ، واعتماد اقتصاد السوق الاجتماعي ورغم ايجابيته إلا أنه لم يحدد دور القطاعين العام والخاص وتطويرهما.

ويرى تيزيني أن الأفعال والمخططات المنظمة والممنهجة أو المراسيم الصادرة عن رئاسة الجمهورية هي جرائم منظمه كونها غير ظاهرة للعيان ولا يمكن حتى اكتشافها إلا بعد سنوات من التخطيط والعمل عليها.
ولعل أبرز الجرائم الاقتصادية هو تغيير البنية الاجتماعية الاقتصادية للسوريين الذي تجلى بتحويل مراكز المدن الكبرى وخاصة دمشق وحلب وحمص الى أماكن المهجر الاقتصادي الجديد فصارت هذه المدن مقصدا رئيسا لكل أبناء الريف السوري الفقير بقصد العمل وطلب الرزق وخصوصا أرياف حمص وحماه والساحل الذي عمل البائد على إفقارها فمنع عنها كل تنميه و تطوير اقتصادي ..
واعتبر تيزيني أن سورية كانت خارج التاريخ والزمن ولم يعد هناك إلا الحوت، إذ تم القضاء على الطبقة المتوسطة ، ولم يكن لدينا أي صناعة باستثناء النسيجية والباقي تجميع مصنوعات الخارج. وللمفارقة في عام 1991 تم السماح باستيراد البيك آب والسرافيس . بينما كنا نستعمل الترام منذ 1908 وتم طمر سكته.
وكان الأستاذ محمد حلاق نائب رئيس مجلس الإدارة في جمعية العلوم الاقتصادية قد توقع في بداية حديث تيزيني بأن يتضمن نقاطاً جوهرية سيما وأن تيزيني صناعي ومستثمر وله باع طويل في المجال الاقتصادي من خلال انخراطه في العمل الميداني. وعقب الحلاق قائلاً : بالفترة السابقة كان يقاد الاقتصاد بالعصا والاكراه والمحسوبيات. وبعد الثورة علينا أن نتكاتف ونتعاون لتلافي الثغرات.
المداخلات:
فؤاد اللحام أمين سر جمعية العلوم الاقتصادية أبدى ملاحظة مفادها أننا نتحدث عن جرائم الماضي ، يجب أن نستخلص الدروس حتى نصنع المستقبل حالياً. هناك وفود وطروحات ومشاريع لتطوير سورية ، ونحن بحاجة إلى رؤية اقتصادية لما نحتاجه ونحدد الأولويات.
د. نبيل سكر: وجه حديثه لتيزيني قائلاً : لم تكن منصفاً ولم تشر إلى الايجابيات وهذا غير عادل. على سبيل المثال قانون الاستثمار رقم 10 جيد ، وأيضاً هناك إصلاحات فتحت المجال للمصارف الخاصة. لافتاً أنه في عام 1957 تم ارتكاب جريمة الاصلاح الزراعي ، ونحن ليس لدينا اقطاع.
أ. حسان قطنا أشار إلى أن الزراعة حاجة انسانية والاقتصاد غير المتوازن هو بحد ذاته مشكلة. إضافة إلى أن الاصلاح الزراعي جزأ الحيازة مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الانتاج وانتقال هذا إلى الصناعة.
د. محمود المفتي: يجب أن نميز بين القطاعين العام والخاص عندما نتحدث عن الصناعة.
محمد الخطيب: الموضوع غني ومؤلم بآن واحد والمفروض أن نكون أفضل ، وإذا أردنا تشجيع المستثمرين علينا أن نؤمن بنية نقل واتصالات جيدة.
المحامي حسين سلهب: لا يكفي أن نعرف الجرائم الاقتصادية وإنما أن نعرف النموذج الناجح اقتصادياً حتى نطبقه.
جمال شعيب: كنا مع المنافسة وتم حصر الاستيراد ببعض الحيتان وكنت ضد مبدأ التسعير.
باسل كويفي: هناك جرائم تشريعية اقتصادية مثل محكمة الأمن الاقتصادي وممارسات خاطئة.
علي الأحمد وافق على ما طرحه د. سكر لأنه ليس لدينا اقطاع. وطالب بضرورة وجود أرقام وليس فقط توجهات.
ابتسام مغربي : توزع المصانع في الغوطة خطأ فادح. والتوزع الديمغرافي بتمركز الجميع في دمشق أثر علينا وعلى المحافظات.
عصام تيزيني في معرض رده قال هناك جرائم يندى لها الجبين لا تعد ولا تحصى وتحتاج إلى جلسات. أنا أعطي أمثلة. مشيراً إلى أن سورية بالفترة السابقة كانت خارج التاريخ والزمن. لا نخشى من النقد فهناك ملاحظات كثيرة، إضافة إلى ممارسات خاطئة مؤكداً على دور المجتمع المدني في الفترة القادمة كونه الحامل للعقد الاجتماعي. وختم حديثه بالقول : أثق بأن القادم أفضل.