بعد أن نسفت واشنطن نظام العولمة .. إطلاق مصطلح ( السورنة ) كمحور نقاش لخير وازدهار اقتصادنا

السورنة

 

كتبه د.عامر خربوطلي :

بقرار مفاجئ وغير مسبوق أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية منظومة من التعريفات الجمركية تجاه دول العالم ممهدة لبدء تفكيك نظام (العولمة) الذي هيمن لفترة طويلة منذ مطلع تسعينات القرن الماضي على الحياة الاقتصادية العالمية عندما أدت ثورة الاتصالات والمعلومات واتفاقيات التجارة الدولية إلى تحرير القيود بين أغلب دول العالم وإلى انسياب السلع والبضائع وحتى الأفكار بدون رسوم جمركية أو برسوم منخفضة جداً مما ساهم آنذاك في انتعاش حركة التجارة الدولية بشكل مذهل بإشراف وتوجيه منظمة التجارة العالمية WTO التي حلت محل اتفاقية (الغات) المشهورة.
العالم التجاري اليوم ليس كما سبق وحركة التبادل التجاري استيراداً وتصديراً ليس كما عهدها السابق وأسعار السلع المعولمة التي كانت شبه متساوية في الأسواق المحررة والمفتوحة ليست كما هي الآن.
اليوم بدأت مرحلة جديدة من القيود التعريفية أي وضع رسوم جمركية للسلع بين الدول ورسوم مضادة كمحاولة من الدول التي تعرضت صادراتها لرسوم جمركية مرتفعة عند وصولها للأسواق الأمريكية حماية سلعها من التمييز الجمركي.
ما كان (يُعرف سابقاً بمعاملة الدولة الأكثر رعاية) عند التبادل التجاري بين الدول في طريقه للانهيار أيضاً بعد التحولات والتغيرات العالمية الجديدة.
مع تفكك العولمة أصبحت الدول تبحث عن مصالحها الاقتصادية الذاتية وتجهد لدعم صناعاتها المحلية وعادت الميزات النسبية للسلع لتعلو على الميزات التنافسية التي ولدّتها ظروف العولمة السابقة عبر انفتاح الأسواق وتحرير الرسوم.
ما يهمنا في سورية في خضم هذه التحديات الكبرى العودة لمفهوم قديم/ جديد غاب لفترة ليست بالقصيرة ويجب أن يعود اليوم ليعلن بكل صراحة أن (سورية أولاً) وإطلاق شعار (السورنة) كبديل عن (العولمة) أي أن يكون للاقتصاد السوري محركات ذاتية للنمو والتنمية وأن تكون الصناعة المحلية القابلة للاستمرار أولاً والمعتمدة على الميزات النسبية ثانياً هي الأولى بالرعاية وأن تكون الصادرات السورية متواجدة في الأسواق العالمية بقدر تواجد السلع الأجنبية في أسواقنا المحلية، أي أن تكون مصلحة سورية الاقتصادية في الطليعة في جميع برامج الإصلاح والتغيير الاقتصادي وأن يكون الميزان التجاري إيجابي ما أمكن من ناحية الصادرات وأن يكون ميزان المدفوعات إيجابي ما أمكن أيضاً من ناحية مكونات هذا الميزان وأن يكون معيار الكفاءة والقدرة التنافسية أساس العمل الاقتصادي السوري.
(السورنة) مصطلح جديد أطلقهُ في العيادة الاقتصادية السورية اليوم وأتمنى أن يكون محور نقاش اقتصادي بين أصحاب القرار وأصحاب الشأن الاقتصادي لما فيه خير وازدهار اقتصادنا الجديد المتجدد.

العيادة الاقتصادية الجديدة – حديث الأربعاء الاقتصادي رقم ٢٩١

دمشق في ٩ نيسان ٢٠٢٥م

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.