حوكمة اقتصادية
كتبه الدكتور عامر خربوطلي:
ليس غريباً ولا مفاجئاً أن يتعرض الاقتصاد السوري لأسوء تدهور في تاريخه ليس لضعف الموارد وتراجع الأداء والفساد والترهل وغياب الرؤية فقط والقائمة تطول وتطول….. بل لغياب قواعد مهمة للحكم الرشيد تتمثل في غياب الشفافية والمساءلة والمشاركة والنزاهة وهي التي تمثل ما يُعرف عالمياً بأركان (الحوكمة).
فما هي الحوكمة ؟ ولماذا هي اليوم وبعد انبعاث سورية الجديدة المتجددة الحرّة يجب أن تكون في أولويات العمل الاقتصادي والإداري؟
الحوكمة كمفهوم ومصطلح بدأ انتشاره عالمياً منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي وهو يتمثل بمجموعة الإجراءات الإدارية والإشرافية والتنسيقية المعتمدة بحيث تعكس مصداقية الإدارة في رعايتها لمصالح الشركاء للوصول إلى الإدارة الرشيدة (انتهى التعريف).
اقتصاد سورية الحرّ التنافسي الجديد يحتاج إلى تطبيق أركان الحوكمة قبل أي تغييرات وإصلاحات مباشرة مطلوبة لأنها ببساطة أي الحوكمة هي التي سوف تضمن:
-الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة المادية والبشرية والفكرية.
-تحقيق التنمية المستدامة وتحسين ظروف المعيشة وتأمين الحياة الكريمة والحفاظ على الموارد.
-تسهيل الرقابة والإشراف ومنع عودة الفساد والاستغلال والهدر وضعف الكفاءة.
-تحقيق الشفافية والإفصاح في جميع البيانات والأرقام والإحصائيات وعدم تغطية أية عجوزات أو اختلالات بعبارات ومصطلحات غير دقيقة وحسابات وهمية ونتائج مظللة.
-المساهمة في تطوير الهيكلية الإدارية التي تبدو اليوم من أولويات تحقيق الكفاءة الإنتاجية والتشغيلية والبشرية.
-تحديد الفئات المستهدفة من عملية التطوير والإصلاح الشامل.
سورية الجديدة لن تنهض من جديد وبقوة إلا من خلال اعتماد الشفافية في عرض نتائج الأعمال الاقتصادية والإدارية، ولن تفتح أفاقاً جديدة إلا من خلال اعتماد مبدأ المساءلة والمحاسبة بصورة مستمرة ودقيقة ولن تنجح في رسم معالم المرحلة المقبلة إلا من خلال توسيع قاعدة المشاركة لجميع الفرقاء الفاعلين في الحياة الاقتصادية من خبراء ومختصين ومتقاعدين وشباب متحمس بعدالة وتكافؤ فرص.
وأخيراً لا تكتمل حلقة (الحوكمة) إلا من خلال تطبيق الركن الأخير والأهم والمتمثل في النزاهة والعفة والاستقامة والمسيرة المهنية/ العلمية/ الأخلاقية الحسنة.
ومن خلال هذه الأركان وتلك القواعد يتحقق (الحكم الرشيد) وهذا ما يتطلب:
-إرادة سياسية واقتصادية مدفوعة بقناعة تامة بأهمية تعزيز أداء المؤسسات ودعم الاقتصاد.
-برامج لادخال مفاهيم الحوكمة وتطبيقاتها الناجحة.
-وجود أنظمة لقياس الأداء.
-التدريب المستمر والحوافز ووضع مؤشرات معيارية.
الدعم الخارجي بجميع أشكاله سواء المنح أو المساعدات أو حتى الاستثمارات المباشرة القادمة بإذن الله لا يمكن لها أن تنجح دون إرساء قواعد الحوكمة.
العيادة الاقتصادية السورية – حديث الأربعاء الاقتصادي رقم 279
دمشق في ١٥ كانون الثاني ٢٠٢٥م