جديد 4E

في الأفق .. صراع آخر على سورية صامت هذه المرة..فائزون بالتزكية وآخرون على قائمة الانتظار

 

ناظم عيد :


لعلنا لن نتأخّر لننشغل جميعاً بمتابعة فصول صراع – صامت هذه المرة – على سوريا، وهو صراع اقتصادي بالعموم، سيتصدّر “الكباش الاستثماري” واجهته، بما أن الكعكة السورية اليوم عالية الدسم ومن الطبيعي أن يسيل لها لعاب الجميع..وقد تبنت مؤسسات دولية رقم 1000 مليار دولار كتكلفة أولية مباشرة لإعادة إعمار سوريا، وهو رقم أولي بما أنه من الصعب نسبياً بلورة رقم دقيق.
وتبدو بعض الملامح الأولية في الصراع محسومة على الأرجح، لجهة خروج لاعبين كانوا أساسيين يتحضرون لحيازة الحصة الكبرى من الكعكة، وهما الإيراني أولاً والروسي ثانياً وقد يكون الإماراتي الذي سيكون مطرح تساؤلات كثيرة ليس من الدقة حسمها الآن بشكل مبكر.
إلا أن المؤكد وفق المعطيات الراهنة وهي مرشحة للاستدامة إلى حد ما، أن التركي سيكون صاحب الحظوظ الأوفر بالمطلق، لاعتبارات سياسية أولاً ثم جغرافية ثانياً، فالأتراك يجيدون التعامل مع الشأن الاقتصادي السوري، وبالتأكيد لم ينسوا بعد مهاراتهم العالية في التعاطي مع السوق والاقتصاد السوري، خلال حقبة ” العسل ” التي أرستها الحكومتان، و اتفاقية المنطقة الحرة المشتركة، التي كانت حقبة نعيم وازدهار للاقتصاد والشركات التركية، ثم للمستهلك السوري، لكن ليس الاقتصاد السوري.
ومن المرجح أن يكون القطري ثاني أكبر أصحاب النصيب في الاستثمار داخل سورية، ولدى قطر فورات أموال هائلة، تحظى بتصنيفات متقدمة تبنتها مؤسسات تصنيف عالمية كبرى، خصوصاً في القطاع المالي وخدماته، لكن علينا ألا ننسى حضور رأس المال التركي في قطر لا سيما في القطاعات الإنتاجية..بالتالي علينا أن نتوقع حضور شركات مشتركة تركية – قطرية للاستثمار في سورية، على المستوى الإنتاجي.
أما الترقب القادم فسيكون مركزاً نحو رأس المال السعودي، وهو الأكبر في المنطقة على الإطلاق، و سيبحث بالتأكيد عن حصة وافية من مجمل الاستثمارات القادمة إلى سورية، و نتوقع أن ذلك سيكون مطرح تنافس و “صراع” على خلفيات تتصل بالعلاقة الباردة نسبياً بين السعودي و القطري، وبالتالي السعودي والتركي، ونذكر أن شرخاً حصل في مجلس التعاون الخليجي تمثل في تعليق عضوية قطر في المجلس، ثم عادت لاحقاً عبر تسويات حسم الخلافات.
في مثل هذا المشهد الضبابي نسبياً يمسي من المهم البحث عن حظوظ المستثمر السوري، وهل سينكفئ رأس المال السوري ويترك ميدان الاستثمار الحقيقي الإنتاجي، ويتحول إلى العمل التجاري على خطي التجارة التركية السورية، والصينية السورية، كما حصل في حقبة ماقبل الحرب، أي قبل العام 2010 ؟
هذه مخاوف مشروعة يجب أن تأخذها الإدارة الاقتصادية الجديدة بالحسبان، و تبلور روائز وضوابط ثم محفزات لرأس المال السوري، وصيغ تفضيلية تعزز من قدرته على حيازة حصة جيدة من حقوق الاستثمار والحصص السوقية على مستوى تداول السلع والخدمات.
ويجب أن تركز “سورية الجديدة” على استقطاب الأموال السورية المهاجرة التي غادرت لأسباب مختلفة قبل الحرب وبعدها.

الخبير السوري