في مرحلة هي الأهم والأخطر هل يمكن للهندرة الاقتصادية تطوير وتصحيح مسار الاقتصاد السوري لتجاوز تداعيات الأزمة ..؟
الهندرة الاقتصادية
كتبه د.عامر خربوطلي
(الهندرة) أساساً مصطلح جديد معرَّب ويدمج بين الهندسة والإدارة أي (هندسة إدارية) وهو علم جديد ونشأ مطلع تسعينات القرن الماضي ويتطور بسرعة هائلة ويتضمن مجموعة كبيرة من العمليات والإجراءات تحت مسمى (إعادة هندسة العمليات) بهدف وحيد يتمثل في إعادة بناء المؤسسات أو الشركات أو الهيئات لتصبح أكثر رشاقة وأقل أعباء وأعلى مردودية وأفضل كفاءة تشغيلية.
إذاً الهندرة هي نوع من إعادة التفكير الجذري الذي يهدف إلى إعادة تصميم العمليات الإدارية من أجل إحداث تحسينات رئيسية في الأداء.
ومن أهداف الهندرة على سبيل المثال (زيادة الكفاءة وتحسين جودة العمليات التنظيمية وتقليل التكلفة وزمن الإنتاج والتسليم وتحسين تجربة العملاء ورضاهم وأخيراً زيادة التنافسية والقدرة على التكيف مع التحديات الجديدة).
والأهم في هذا المجال التركيز على عناصر الهندرة أو الهندسة الإدارية لتحقيق الأهداف المطلوبة منها لتحويل مسار الشركات والمؤسسات إلى النجاح والتفوق ومن أهم هذه العناصر:
– أن يكون التغيير أساسي وليس فرعي أو جزئي.
– أن يكون التغيير جذري وله معنى وقيمة وليس سطحياً أو هامشياً.
– أن تكون النتائج جوهرية وكبيرة.
– أن يكون التغيير في العمليات من خلال التحليل وإعادة بناء العمليات الإدارية.
– أن يعتمد التغيير على تقنية المعلومات.
– أن يعتمد التغيير على التفكير الاستقرائي وليس الاستنتاجي من خلال البحث عن فرص التطوير والتغيير قبل بروز المشاكل.
أما أهداف الهندرة فتتمثل في (تحقيق جذري في الأداء- التركيز على العملاء- السرعة- الجودة- تخفيض التكلفة).
ومن التطبيقات المعروفة للهندرة على سبيل المثال إحداث فرق عملياتية متكاملة بدل الإدارات الوظيفية المتخصصة والوظائف المركبة المرنة بدلاً من الوظائف البسيطة النمطية واعتماد النتائج أساساً لمعايير الأداء بدلاً من اعتماد العمليات أساساً لها والمسؤولية القيادية بدلاً من المسوؤلية الرقابية والبيع قبل الإنتاج ومحاسبة التكاليف حسب النشاط بدلاً من محاسبة التكاليف الإجمالية والهيكل التنظيمي المصفوفي بدلاً من الرأسي والقائمة تطول وتطول….
في الهندرة انتهت حقبة عوامل الإنتاج التقليدية (الأرض- رأس المال- التنظيم- العمل) ولم تعد تشكل سوى 20% من عوامل الإنتاج على حساب مفاهيم جديدة مثل (المعلوماتية- التنافسية- إدارة الوقت..) وهي تشكل اليوم 80% من عوامل الإنتاج.
ما يهمنا في موضوع الهندرة هو انعكاسها الاقتصادي سواء على المستوى الجزئي أي المشروعات أو الكلي على مستوى التوازنات الاقتصادية الكلية فهل هناك هندرة اقتصادية أي إعادة دمج هندسة العمليات الاقتصادية؟ لم يتحدث أحد قبل عن هذا المصطلح ويمكن اعتباره مصطلحاً جديداً يمكن إدخاله في عمليات تطوير وتصحيح مسار الاقتصاد السوري في مرحلة هي الأهم والأخطر أولاً لتجاوز تداعيات الأزمة وثانياً للانطلاق لعالم جديد مختلف من السياسات والتطبيقات والعمليات الاقتصادية.
فالهندرة الاقتصادية السورية تتطلب:
– تغيراً أساسياً في المفاهيم والمصطلحات والتسميات لتناسب مرحلة التطوير والتصحيح الجديدة.
– تغيراً جذرياً في السياسات الاقتصادية باتجاه خلق قيم مضافة في جميع القطاعات وأية سياسة لا تحقق ذلك لا جدوى منها.
– أن تكون النتائج الاقتصادية جوهرية وكبيرة عبر مقياس معدل العائد على الاستثمار ومعدلات المردود لجميع المشروعات العامة والخاصة.
– اعتماد تقانة المعلومات والتحول الرقمي تخفيضاً للتكلفة والوقت والجهد.
– اعتماد التفكر الاستقرائي بدل الاستنتاجي عبر البحث عن فرص التطوير والتحسين الاقتصادي قبل بروز المشاكل وتفاقمها وصعوبة حلّها.
– إعادة بناء المنظومات الإدارية الحكومية عبر إلغاء الإجراءات غير الضرورية والتعليمات المعيقة أحياناً للأداء الفعّال وتعديل أنظمة العمل باتجاه تحقيق مصفوفة بناء القدرات وخلق الحوافز.
– إعادة النظر بجميع السياسات الاقتصادية والمالية والضريبية والجمركية والتجارية لتخدم أهداف تنموية كبرى في مقدمتها تحسين مستوى الدخل والخدمات.
إنها الهندرة الاقتصادية السورية.
العيادة الاقتصادية السورية – حديث الأربعاء الاقتصادي رقم ( 269 )
دمشق في 6 تشرين الثاني 2024م