جديد 4E

إهمال وسواد

 

مازن جلال خير بك :

مجدداً، وقبل أن يندمل الجرح وقبل أن يختفي أي من سواد الأحداث الماضية، عاود السواد الظهور ممتداً ومتوسعاً من ريف اللاذقية البعيد إلى الجبال المحيطة بالقرداحة، ومن هناك إلى الشمال في ريف الحفة وقبلها بقليل في ريف المزيرعة.

الكثيرون ممن سمعوا الأخبار أو يقرؤون هذه السطور، لا يعرفون جغرافيا المنطقة ولا يعرفون أن المسألة تعني عشرات من الكيلومترات بين البؤرة النارية والأخرى، ولا يعرفون أيضاً أن هذه هي المناطق الخضراء الوحيدة المتبقية في محافظة اللاذقية، ولا يعرفون كذلك أن هذه هي المصايف الوحيدة المتبقية لمن يأتون من الداخل إن حالفهم الحظ مادياً، ليقضوا بضعة أيام بين ربوع اللاذقية التي كانت جبالها خضراء.

إن كان بعض الحرائق مفتعل، فماذا عن البعض الآخر؟ وما الذي جمع ريف اللاذقية بمدينة اللاذقية بالقرب من دوار الأزهري إلى ريف المزيرعة إلى الحفة إلى ريف القرداحة، وكل منها لا يقترب من الآخر حتى بخط النظر، فريف الحفة المشتعل لا علاقة له بريف القرداحة الغربي الذي يجتمع مع ريف الحفة بخط نظر.. فما بالك بريفها الجنوبي وليس من صلة بينهما.. فكيف نكون غافلين إن كنا غافلين لهذه الدرجة..!! وهل يُعقل عدم جدوى كل ما هو معني بهذا الأمر من مركزية وإقليمية فرعية في مواجهة مشعل الحرائق؟!

لا نفعل شيئاً على الإطلاق وإنما فقط نقدم الواقع الأسود المزري المرير بحيادية مستفزة نُحسد عليها، ورغم كل ما أُطلق من خطط خلال السنوات الماضية، لا يزال الواقع متفحماً ولا تزال الأرياف مُتفحمة دون أي فسيلة أو شتلة زُرعت.. اللهم في منطقتين بعيدتين عن الأماكن الأكثر تضرراً من الحريق، فما هي هذه القصة؟!

لا أحد يعرف، والمسألة أننا متفرجون، فالحريق يندلع ونعاني الأمرّين كمجتمع محلي ورجال الشرطة الأبطال ورجال الجيش الأشاوس يعملون على إطفائه، ولا نفعل أكثر من ذلك للوقاية.

وزارة الإدارة المحلية ولاسيما في عهد الوزراء السابقين وهم من تتبع لهم منظومة الدفاع المدني والإطفاء، وهم كذلك رؤساء لجنة تتبع المشاريع الخدمية والتنموية في اللاذقية، وهم أيضاً رؤساء اللجنة العليا لكل ما له صلة بهذه الأمور، ما الذي فعلوه للحد من هذا الواقع هل أمّنوا المروحيات اللازمة؟ أم أمّنوا سيارات الإطفاء؟ أم أمّنوا خطوط النار؟ أم طالبوا بالسدات المائية حتى يمكن إطفاء هذه الحرائق؟ لا شيء من ذلك على الإطلاق قد تمّ.

اليوم نفول إن المستهجن والغريب ان يكون الإهمال قد امتد إلى ثروة عامة هي ملك للجميع، وبقليل من الإهمال نجح مفتعلو الحرائق ومن حاول تدميرها!

صحيفة الثورة – الكنز – 2 تشرين الثاني 2014م