محمد أحمد خبازي :
بلى يحق لنا نحن الإعلاميين ، أن نعوِّل كثيرًا على وزير الإعلام الجديد ، في جعل إعلامنا إعلاماً للمواطن والوطن ، بتحريره من قيوده التقليدية وعقليته القديمة، وبتطوير وسائله وأدواته ، بما يواكب نظيرها المتطور عربيًا وعالميًّا، وبتحسين بيئة العاملين فيه وحياتهم المعيشية.
فهو ابن هذا الإعلام الذي طالما دعا لتطويره وتحسين ظروف المشتغلين فيه ، بل هو ابن مكة الأدرى بشعابها ، بل بكل تفصيل من تفاصيلها، وهو صاحب القلم الحر الجريء، الذي كان منحازًا للمواطن والوطن في كل كتاباته التي كان ينشرها في « الميادين نت » و « الأخبار اللبنانية » و« شام FM » وفي ورشات العمل والندوات وغيرها، مستندًا في ذلك إلى دراية واسعة بمعطيات الواقع، ولغة الأرقام، وقدرة بالغة على الاستقصاء، والتفكير المختلف عن السائد، والتحليل المنطقي، والنقد العلمي البنَّاء .
وهو الذي كان يدعو في كل حرف يكتبه، الحكومة السابقة للتفكير من خارج الصندوق، واجتراح حلول إنقاذية لمشكلاتنا الاقتصادية التي زادت سياسات الحكومات منذ العام 2011 طينَها بِلَّةً، واستنزفت مقدرات البلاد، وأحنت بثقلها ظهر العباد، وإلى ضرورة الإفادة من الكفاءات الوطنية والخبرات المحلية، في مفاصل الدولة، وحل المعضلات الكبرى التي لم تستطع الحكومة حلها !.
قد يقول قائل : ربما لن يستطيع وزير الإعلام الجديد ترجمة أفكاره ورؤاه إلى واقع ، فما كان يقوله كصحفي ، لن يستطيعه كوزير، فالمنصب يحتم عليه التحليق والتغريد ضمن السرب الحكومي لا خارجه، والتفكير في صندوق الحكومة لا بعده أو فوقه، والانصياع لسياساتها لا لطموحاته ورغباته المشروعة بالتغيير والتطوير.
ونحن نقول : لا نظن ذلك ، ونأمل إلَّا يحدث، وإلَّا يُسكتَ المنصبُ صوتَ القلم ، وإلا تطفئ المسؤوليةُ ومتاعبها جمرةَ الفكر المتقد والإبداع المتوهج ، وإلَّا تُضعفَ إغراءاتُ الموقع شغفَ التغيير والتطوير.
وباعتقادنا، الرجل ليس من هذا النوع الذي يستكين للواقع البائس أو يرضخ للظروف المُحبطة، أو يؤخذ بالمغريات الزائفة، فذات يوم وعندما كان مديرًا عامًا لمؤسسة إعلامية كبرى، ولمَّا شعر أنها ليست مكانه الطبيعي، قدم استقالته غير هيٌاب، ومن دون أي تردد أو ندم ، وبقناعة تامة.