ميساء العلي :
تعزيز وزيادة الإنتاج الوطني هو المنظور السياساتي لمشروع الموازنة الاستثمارية للعام القادم والذي ينطلق من مبدأ الاعتماد على الذات والاستفادة المثلى من الموارد الوطنية لاسيما في مجالات الطاقة والزراعة والصناعة.
تركيز الموازنة العامة للدولة للعام القادم على إعادة النظر بمشاريع بعض الوزارات بشكل واقعي بالتوازي مع الحرص على كفاءة الإنفاق الاستثماري في المشاريع ذات الأولوية لم يكن بالشيء الجديد ففي كل مشاريع الموازنات على مدى السنوات القليلة الماضية كنا نقرأ هذا التعبير إلا أن الواقع كان عكس ذلك.
لن ندخل بحجم كتلة الاعتمادات الاستثمارية المخصصة للوزارات والجهات العامة والتي يقال إنها تزيد عن العام الماضي بنسبة ٦٣% كونها مهما كانت ستبقى دون الطموح نتيجة التضخم الكبير.
ملامح أي موازنة يجب أن ينطلق من الواقع ومن حجم الإيرادات المتوقعة.. وماهي مصادرها بالشكل الذي لا يزيد العبء الضريبي.
يعتقد البعض أن الموازنة العامة للدولة هي هدف بحد ذاته لكنها من وجهة نظر علمية أداة للتنمية والتخطيط وليست مجرد إيرادات ونفقات.
ويبدو أن هناك تغييراً في كيفية وضع الموازنة العامة بدت ملامحه بموازنة العام الماضي وذلك بالانتقال من الموازنة التقليدية أي موازنة الأبواب والبنود والأقسام إلى الموازنة الإقليمية والوظيفية والاقتصادية والتي وردت أصلاً في القانون المالي رقم ٥٤ لعام ٢٠٠٦ إلا أنها غير مطبقة للأسف، فالتوجه نحو أي مشاريع جديدة يتطلب الانتقال من موازنة البنود والفقرات إلى الموازنة الوظيفية.
اليوم أيضاً يجري الحديث عن نوع مشابه للموازنة الوظيفية وهي موازنة البرامج والأهداف والتي يجمع أغلب الماليين على أنها نظام يهدف إلى رفع كفاءة وفاعلية الإنفاق العام من خلال ربط الاعتمادات المخصصة بالنتائج المراد تحقيقها وهو ما رأيناه في أول اجتماع للجنة الاقتصادية مؤخراً من خلال التركيز على ملامح الموازنة القادمة و لاسيما بالشق الاستثماري.
لابد أن يكون إعداد الموازنة العامة للدولة للعام القادم مختلفاً بحيث يمكن للمواطن البسيط أن يتلمس أثرها على حياته من خلال زيادة الإنفاق على بعض البنود ذات الأبعاد الاجتماعية كالرواتب والأجور والصحة والتعليم، قد يقول أحدهم إن تلك البنود قد لن تجد لها مكاناً في ظل إعادة النظر بآليات الدعم، إلا أن الموازنة مهما كانت يجب أن تبقي في بنودها الجانب الاجتماعي.
صحيفة الثورة – الكنز – 8 تشرين الأول 2024م