محمد أحمد خبازي :
واهمٌ من يظنُّ أن اغتيال سماحة السيد ، بتلك الوحشية الإسرائيلية ، يمكنه أن يُطفئَ جذوةَ المقاومة ، أو يخمدَ نارها المضطرمة بين الضلوع ، وفي الوجدان الجمعي للمقاومين الذين باعوا أنفسهم لله ، ووهبوا وردة عمرهم للوطن.
ومخطئٌ من يعتقد أنه باستشهاد سيد الرجال ، تُختتَمُ صفحةُ البطولة وتنتهي بالبكاء والعويل ، ويرمي المقاومون بنادقهم ، ويغادرون خنادقهم وجبهات المواجهة ، إلى بيوتهم وأعمالهم وشؤون الحياة وشجونها ، وكأن شيئًا لم يكن !.
وساذجٌ من يفكِّرُ ولو للحظة ـ مجرد تفكير ـ أن ( إسرائيل ) بما تمتلكه من وحشية ، وقدرة بالغة على التدمير ، قادرةٌ على اجتثات نهج المقاومة والتضحية والفداء ، من صدور المؤمنين بها ، صدور الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا اللهَ عليه والوطنَ.
فكما الغيوم السوداء لا تحجب شمسًا ، والليل مهما ادلهمَّ لايمكنه أن يخنق ضوء النهار ، والبطش مهما اشتد لا يستطيع استئصال فكرة ، كذلك ( إسرائيل ) مهما ارتكبت من جرائم حرب وفظائع ، ومهما اغتالت من قادة المقاومة ورجال الحق ، ومهما عربدت وقصفت ودمرت ، فلن تستطيع قتل النهج ، وعِبَرُ التاريخ وأمثولاتُهُ أكثرُ من أن تُعدَّ أو تُحصى !.
فقيم المقاومة تتوارثها الأجيال جيلًا بعد جيل ، ودماء القادة الكبار ، والشهداء الأبرار ، والأخيار الأطهار تتبدى في وجدانها شمسًا تضيء دروب الحق ، مهما تكن وعرة وشاقة على سالكيها ، ونارًا تحرقُ ليلَ المذلة مهما يكن طويلًا ، وسيفًا يثأرُ للأحرار الذين عانقت جباهُهم نجومَ العز ، مهما تكن التضحياتُ جسيمةً والخسارات فادحة.
فاستشهاد قائد كبير كسماحة السيد ، لا يعني نهاية المعركة ، ولا الرضوخ للعدو ، ولا الاستكانة عن المقاومة ، وإنما بداية فصل جديد من الثبات والتحدي ، وإعداد العدة من القوة ، لمواجهة العدو كما تجب المواجهة ، وانتصار الحق على الباطل ، ونصر الله آتٍ لا محالة.