جديد 4E

يا “محلى” الحكومي

زياد غصن :

سلامات

توجهت قبل عدة أيام إلى فرع مصرف خاص في منطقة المزة لفتح حساب مصرفي.

قمت كالمعتاد بحجز دور وجلست على معقد انتظار جانبي، إذ بحسب الإيصال المطبوع، والذي يحمل الرقم 33،  فإنه عليّ الانتظار حوالي 53 دقيقة حتى يحين دوري.

أثناء انتظاري، وكأي صحفي ومهتم بالشأن العام، جالت في مخيلتي عشرات التساؤلات المتعلقة بالمدة الزمنية التي يجب على حاملي البطاقات الالكترونية في مختلف المناطق انتظارُها لحين فتح حسابات مصرفية كما طلبت منهم الحكومة مؤخراً.

مضت نصف الساعة الأولى، والأرقام المخصصة للراغبين بفتح حسابات مصرفية بطيئة الحركة، في حين أن باقي الخدمات أسرع بكثير لدرجة صرت احفظ وجوه المتعاملين الذين يدخلون المصرف لأرى إن كانوا سينتظرون مثلي أم لا. طبعاً جميعهم دخلوا وخرجوا وأنا ما زلت انتظر.

مع مضي ساعة كاملة دخلت إلى مكتب مسؤول في الفرع كثير التحرك بين الموظفين، وقلت له من دون أن أعرف على نفسي: مضى على انتظاري ساعة ولم يحن دوري. أي أنه مر أكثر من المدة المحددة من قبل نظامكم الالكتروني في الإيصال.

رد علي: لدينا بعض الإشكاليات في فتح الحسابات. قلت له: إذا لماذا تستقبلون الزبائن وتجعلهم ينتظرون.

استدرك المسؤول ما قاله: لا… ليس لدينا إشكاليات، لكن هناك أولويات.

أجبته: لكن يفترض أن يكون هناك تنظيم في تقديم الخدمات، وألا تهدروا وقت الناس.

رد محاولاً  إنهاء النقاش معه:  بإمكانك رؤية المدير في الغرفة المجاورة أو عليك الانتظار.

قلت له: سوف انتظر لأعلم الوقت الذي سوف أحصل فيه على خدمتي، وعدت إلى معقدي.

وما هي سوى دقائق قليلة حتى تحرك دور فتح حسابات قليلاً، ثم عاد ليتوقف …

لكن مع مرور ساعة ونصف الساعة بالضبط، وجدت أنه لا فائدة من الانتظار، فربما تمر ساعة أخرى وأنا انتظر…حملت الإيصال وخرجت من المصرف وفي جعبتي كم هائل من الأسئلة… هذه بعضها:

– إذا كان المواطن في قلب العاصمة غير قادر على فتح حساب في مصرف خاص لأكثر من ساعة ونصف الساعة، فما بالكم بمواطن يقطن في ريف الحسكة أو ريف حلب أو ريف اللاذقية أو حمص؟

– وما فائدة التعاميم التي يصدرها المصرف المركزي حالياً لتسريع وتسهيل إجراءات فتح المواطنين للحسابات، إذا كانت المصارف لا تتقيد بها، بدليل أنها تضع خدمة فتح الحسابات في أدنى سلم أولويات الخدمات التي تقدمها؟

– وإذا كانت المصارف العامة تعاني ضغطاً في المراجعين ومحدودية في الإمكانيات وضعف في إنتاجية العامل… فما الذي يجعل المصارف الخاصة تعاود إنتاج الصورة السلبية عن واقع الخدمات المصرفية في بلدنا؟

لا تصدقوا أن الخاص أفضل من العام… ولا تصدقوا كل تعميم أو قرار يصدر…. ولا تصدقوا كل إعلان أو تصريح يقال… صدقوا ما تعيشونه فقط.

هامش:

خلال ساعة ونصف الساعة من الانتظار لم تكن هناك فرصة للحصول على “شربة مي” في مصرف تجاوزت أرباحه السنوية حوالي 1187 مليار ليرة في العام الماضي.

دمتم بخير

#الصفحة_الأخيرة #شام_إف_إم