إرهاصات اقتصادية
كتبه د.عامر خربوطلي :
والإرهاص في اللغة العربية هو المقدمة التي تشير إلى قرب وقوع الشيء أو حدث جديد غير مسبوق.
ويبدو أن الاقتصاد السوري وبعد وصول أزمته إلى حدها الأقصى ولم تستطع أن تؤدِ إلى انهياره كما جرى في بلدان عديدة مرّت بظروف مشابهة فهذا يعني بالتأكيد قدرة هذا الاقتصاد العصي عن الكسر أن ينطلق من جديد وبقوة دفع غير مسبوقة.
هل هذا الكلام من أضغاث الأحلام أم أنه قابل للتحقيق ..؟ يبدو أن (الإرهاصات) ستكون المقدمة لإحداث مهمة قادمة على الصعيد الاقتصادي تمهد لها مجموعة من العوامل والإحداثيات ومنها الانفتاح العربي المقبول جداً وتأثيراته المتوقعة اقتصادياً واستثمارياً.
ورغم أن تقارير مجموعة البنك الدولي تضع سيناريوهات غير إيجابية لأداء الاقتصاد السوري لعام /2024/ وتتوقع انكماشاً في معدلات النمو بنسبة 1.5% مع ارتفاعات كبيرة في التضخم وتراجعاً في الاستهلاك الخاص وتآكل القوة الشرائية ووصول نسب الفقر إلى معدلات غير حميدة إلا أن جميع هذه التوقعات تم تبريرها أو قياسها على الأداء غير الجيد لعام /2023 / إن هذه التحليلات لم تقم بإدخال أي عامل جديد مؤثر على الاقتصاد السوري وفي مقدمته كما سبق وأشرنا إلى الانفتاح على دول الجوار وعودة حركة الترانزيت بقوة وتحسن الصادرات الزراعية والصناعية والأهم من ذلك كله توقع عودة الثروات وهي الرافعة الأساسية للاقتصاد السوري إلى حسابات الناتج المحلي والتي ستضع فارقاً واضحاً.
جملة من التشريعات الجديدة والداعمة للعمل الاقتصادي بدأت تعمل عملها ومستمرة في الصدور ويتوقع أن تكون مؤثرة في تهدئة حالات الخوف الاقتصادي والحذر وتتجه بالعمل الاقتصادي نحو الانتعاش والتعافي.
التحكم بالتضخم الجامح الذي أصاب الاقتصاد السوري أمراً ليس بالمستحيل ومعالجته ليس بالمزيد من التضخم بل المزيد من الإنتاج والناتج لتحقيق توازن أفضل بين الطلب الكلي والعرض الكلي.
هدوء اسعار الصرف ليس أمراً عابراً بل استمراراً لتأثير التحويلات الخارجية من ناحية العرض وانخفاض قيم الاستيراد للسلع غير الأساسية من ناحية الطلب وهذا ما فاجأ الكثير من المحللين الذين حلقوا بتوقعات غير مسبوقة لأسعار الصرف وهذا لم يحصل.
ما يهمنا قوله إن الإرهاصات بدأت وهي توحي بتغير اقتصادي إيجابي سيكون سريعاً ويخالف رأي المتشائمين وسيبدأ تحسن الدخل الفردي بعد أن يتجاوز معدلات النمو الاقتصادي الإيجابية وليست الانكماشية نسبة 2.7 % وهي نسبة النمو السكاني حالياً وبمجرد وصول النسبة إلى 3 % على سبيل المثال سيلمس الجميع هذا التحسن لأن هذا المعدل لن يتحقق إلا بتجاوز الاستثمار العام والخاص ما يقارب 13% من الناتج المحلي السوري وهي اليوم تقارب 6.4 % من الناتج أي بمجرد مضاعفة هذه النسبة سيتحقق النمو المنشود لأن مضاعف الاستثمار والذي يمثل أهم المحركات المعتمدة لتفسير شدة الحركة الاقتصادية وتوزع الأثر الاستثماري على جميع القطاعات هذا المضاعف سيكفل مباشرة بالوصول لنسبة النمو المنشودة في الوقت الحالي على الأقل.
العيادة الاقتصادية السورية – حديث الأربعاء الاقتصادي رقم /252/