سعاد زاهر :
تلقائياً…عدت بذاكرتي إلى أيام الجامعة حين جمعتني كلية الآداب الواقعة في المزة في مبناها الضخم الشهير الذي يتوسط المنطقة ببهاء غريب.
لا أذكر متى وكيف انتبهت إلى تلك الزميلة المتمردة ” لينا ديوب” ربما لأنه بالكاد تمر محاضرة إلا وتصر على طرح أسئلتها المختلفة في دروس قسم الصحافة الذي كان للتو قد بدأ باستقبال طلابه.
حضورها لم يكن في يوم من الأيام اعتياديا كانت تسبقها موجة من الضحك لا تدري سرها، ولا سر تلك الايحاءات التي لطالما نخطئ في تفسيرها هل هي احتفاء باللحظة، هل هو إحساس أنها ستغادرنا باكرا…؟
اليوم لم نعد نخطئ في تفسير الايحاءات التي كانت تومي بها إلينا زميلتنا التي غادرتنا قبل يومين، ونحن نودع عيد الأضحى، تركتنا نبتهج قليلا، قبل أن تكتوي قلوبنا بنار اختفائها الأبدي.
لاشك أنها امتلكت في داخلها ما يوحي لها بأن تحتفي بأوقاتها حتى الثمالة، وكثيراً ما فعلت وحثت الجميع على الاقتداء بها..!
عليك الرحمة أيتها الغالية سنفتقدك كلما دخلنا إلى صحيفة الثورة العريقة، وسنهتز وستعتصر أفئدتنا ونحن نقترب من مكتبك حيث لازالت الغالية غصون سليمان تنتظرك لنقاش كلما كنت أستمع إليه فيما سبق، كنت أشعر بحماسة وأنا أغادر على عجل تاركة إياكما تنتهزان الفرصة عل الحكايا الإعلامية تكتمل يوماً، تلك الحكايا التي أصرت الراحلة على سردها حتى عندما أصبحت هي الحدث.
لينا مشت باكرا في درب الصحافة الطويل غير آبهة بالأشواك المجتمعية التي لطالما لامستها دون خوف من غرزها، وكلما اقتربت من حلمها الإعلامي تشعر أنها تحايلت عليه بروح متمردة حتى داهمها المرض الخبيث على غفلة من الجميع.
لم يخطر على بالنا أنه سيتمكن منها، فمن امتلكت هذه الروح الشائقة توقعنا أن يتركها وشأنها…يا للوجع لم يفعل.
أيتها الغالية سيفتقدك كل من عرف سر حضورك، وكل من لم تسعفه اللحظات في الاقتراب من شخصيتك التي لا تنسى…
وداعا لينا، عسى أن تجد روحك الراحة، سنشتاق إليك ونفتقد هدير ضحكتك في كل الأمكنة التي عشناها معا.
صحيفة الثورة – رؤية – 23 حزيران 2024م