جديد 4E

كيف نسير بين اقتصادنا الضعيف وقوانا المنهكة .. وبين علم رفاهية المجتمع .. على سراط مستقيم ..؟

 

الحماية الاجتماعية والاقتصاد

كتبه د.عامر خربوطلي :

من المؤكد أن سورية وبعد الظروف الاستثنائية الصعبة التي مرّت بها وانهكت اقتصادها وأضعفت مجتمعها لمستويات غير مسبوقة بحاجة إلى بناء منظومة متكاملة من شبكات الحماية الاجتماعية للحد ما أمكن من الفقر والضعف والبطالة ومراعاة حالات العجز والشيخوخة والمرضى وفقدان المعيل والإعاقة والقائمة تطول.

ورغم أهمية ما هو موجود على أرض الواقع إلا أنه أصبح أقل بكثير من الاحتياجات المجتمعية وبالتالي هناك حاجة لوضع استراتيجية كاملة تضم مجموعة من الأهداف والسياسات والبرامج لتحقيق حد مقبول من شبكة الحماية والأمان الاجتماعي.

وحسب ما هو معروف عالمياً فإن أنواع الحماية الاجتماعية تتركز على التدخلات التآلية ( سوق العمل – التأمين الاجتماعي- المساعدة الاجتماعية).

وفيما يتعلق بتدخلات سوق العمل ضمن الحالة السورية فإن ذلك يتطلب وضع سياسات لتمكين الفقراء من الحصول على العمل الملائم وسياسات للتأمين ضد البطالة ودعم الدخل وهذا ما يمكن توفيره من خلال ما يلي :

– تفعيل مرصد سوق العمل لتقديم خدمات التوظيف والتشغيل عبر التشبيك مع أصحاب الأعمال المهتمين.

– دعم انتشار مراكز تمكين الشباب من خلال إعادة تدريب العاطلين عن العمل لرفد سوق العمل بالعمالة المدربة والمؤهلة.

– توليد فرص العمل المباشرة وغير المباشرة عبر تشجيع ودعم المشروعات متناهية الصغر والصغيرة من ناحية التمويل والمعلومات والاستشارات وتسهيل إجراءات بدء ممارسة الأعمال.

– معالجة القطاع غير الرسمي والذي لا يمنح العامل أية حقوق مضمونة من الناحية الاجتماعية.

– إنشاء صندوق للعاطلين عن العمل على غرار ما هو موجود عالمياً.

أما ما يتعلق بتدخلات التأمين الاجتماعي فيمكن أن يتم ذلك عبر وصول برامج التأمين الصحي لأكبر شريحة من ضعيفي الدخل عبر صندوق خاص يتم إحداثه من قبل اتحاد شركات التأمين مثلاً.

بالإضافة إلى تشغيل أموال مؤسسة التـأمينات الاجتماعية لدعم رواتب الموظفين والعمال المتقاعدين وبخاصة من ذوي الدخل المنخفض وجعله يتناسب ما أمكن مع متطلبات المعيشة في ظل ارتفاع الأسعار.

أما بالنسبة للمساعدة الاجتماعية والموجهة عادةً للمسنين والمعوقين والأرامل والأيتام عبر تحويلات نقدية وعينية بالتنسيق مع المجتمع الأهلي المتمثل بالجمعيات الخيرية.

وأخيراً يمكن اقتراح تقديم إعانات نقدية مباشرة بدل الدعم السلعي الحالي مع إنشاء منظومة تفضيلية لضعيفي الدخل في مجال دعم شراء أو استئجار المساكن وتسديد نفقاتهم الصحية والتعليم والنقل.

وكي لا يكون كلامنا في الحماية الاجتماعية منفصلاً عن الاقتصاد الذي هو علم رفاهية المجتمع أصلاً فإن تفعيل شبكات الحماية الاجتماعية وتنظيمها وتطويرها للوصول للشرائح المستهدفة يعتبر أداةً فعالة لتعزيز النمو الاقتصادي لأنه باختصار يؤدي إلى رفع معدلات الطلب على السلع والخدمات وبالتالي على الاستهلاك الذي يعتبر المحرض الأساس لزيادة معدلات الاستثمار لمواجهة تحسن معيشة الأفراد نسبياً وتقديم المنتجات والخدمات المناسبة لهم مما يؤدي لاحقاً إلى تزايد الأنشطة والعمالة والتوظيف وبالتالي زيادة النمو الاقتصادي والناتج المحلي.

إن مقولة (النمو المحابي للفقراء) يجب أن تكون في صلب أي جهد تنموي يهدف لتحسين معدلات الدخل الفردي فحالة الاستقطاب الداخلية بين طبقات المجتمع حالة سلبية تؤدي لعدم النمو أولاً وإلى الركود ثانياً وإلى ارتفاع الأسعار ثالثاً .

أما الانعكاسات الاجتماعية فحدث ولا حرج…..

العيادة الاقتصادية السورية – حديث الأربعاء الاقتصادي رقم /239/

دمشق في 27 آذار 2024م