السلطة الرابعة – عبد الحليم سعود:
يقول أسلافنا الاقدمون إن البرد هو سبب كل علة.. وقد اقتنعت بهذه المقولة الفضفاضة على عموميتها بعد أن انقطعت من الغاز والمازوت – الكهرباء لمعلوماتكم مقطوعة معظم الوقت – وأصبح البرد ساكنا طفيليا عديم الرحمة في منزلي ..ورحت من تحت البطانيات ومعطف “غوغل” أحصي للصيف فضائله الكثيرة واستعجل حلوله بيننا على أمل ان يخلصنا من هموم البرد ومتاعبه ومن ربقة انتظار رسالة الخمسين ليتر التي قد لا تأتي، فالبرد هو الذي افلسني منذ بداية الشتاء على شراء الالبسة والاحذية المقاومة للبرد وعلى كل انواع الشوربات والحساء والكشك والمشروبات التي تشعرنا بالدفء.. وأنا الصابر على ارتفاع اسعار الفواتير المختلفة ولا سيما باقات سيريتل التي بالكاد يكفي راتب موظف فئة اولى – بعد الزيادة الأخيرة طبعا – لشراء باقة شهرية.. والبرد هو الذي جعلني من الرواد الدائمين على زيارة الاطباء والصيدليات بالأسعار الكاوية – بانتظار ان توقع مؤسستنا العقد مع مؤسسة التأمين- والبرد من جعلني مدمنا على شراء الاعشاب البرية المتهمة بمعالجة نزلات البرد الشديدة وحالات الكريب المعندة.. والبرد من يضطرني على متابعة النشرات الجوية المسائية والصباحية التي قد لا تتطابق توقعاتها مع الواقع أحياناً.. بعد ان تلزمني بتنفيذ تعليمات ادارة المرور حول تفقد المكابح وماسحات الزجاج والحالة الفنية للسيارة وتخفيف السرعة عند المنعطفات.. وأخشى ما أخشاه ان يتم اتهام البرد بعرقلة استكمال نفق المواساة حيث يحتاج المار من هناك إلى “كتالوك” أو دليل لمعرفة اتجاهات السير اليومية…!
وكل الخشية من أن يتم اتهام البرد بالوقوف خلف الفساد المستشري حاليا في معظم المؤسسات وحالة اللامبالاة واليأس التي تهيمن هذه الأيام على معظم العاملين في الدولة…وعندها لن تفيدنا وصفات الاصلاح الجاهزة ولا عقاقير الشعارات المنشطة…ولا الظهورات المتكررة لأطباء التحليل السياسي على قنواتنا الفضائية..!
على سيرة الصيف – عجل الله بقدومه – أقول ألف ضربة شمس ولا يقولوا “أبو عمر” مات من البرد يا خديجة..!