جديد 4E

مجزرة مشفى المعمداني.. جريمة حرب بحق الإنسانية تستوجب إجراءات فعلية

 

خميس بن عبيد القطيطي * :

 

جريمة مروعة تجاوزت كل الخطوط المحرمة إنسانياً ودولياً باستهداف مستشفى المعمداني وسط قطاع غزة في ليل الثلاثاء 17/18 تشرين الأول، وذلك عن سبق إصرار وترصد وقد سقط فيها ما يناهز 1000 شهيد من النساء والأطفال والشيوخ الباحثين عن مأوى لهم، لكن كان كل شيء مباحاً لدى عصابة الإجرام الصهيونية فلم يسلم منها مشفى أو مدرسة أو مأوى يحتمي فيه سكان غزة الأبرياء العزل، وهذا يحدث بدعم أمريكي أوروبي وتستر أممي للأسف الشديد أمام هول تلك الجرائم والمجازر التي لم تستثن أحداً في قطاع غزة، ويحدث ذلك أمام العالم كله الذي لم يحرك ساكناً حتى اللحظة. وهنا لم يبق مجال للصمت أمام تغول هذا العدو المجرم الغاشم الذي فاق كل صفات الإجرام في التاريخ، وهنا إذا كان النظام الرسمي العربي لا يملك الإرادة للقيام بأي فعل مكتفياً بالإدانة والبيانات والمطالبات فهناك من القوى الشعبية الحية التي يمكنها القيام بالفعل بإسناد من بقية العالم الإسلامي لنصرة الأشقاء وعدم تركهم يستفرد بهم الطاغوت الصهيوني وداعموه في حرب إبادة جماعية استخدم فيها مختلف الذخائر والقذائف وأشدها فتكاً والمحرمة دولياً، كما ننتظر اليوم من محور المقاومة وخاصة إيران وحزب الله المشاركة في الدفاع عن فلسطين والرد على هذه الجرائم الصهيونية.

فإذا كان محور المقاومة واحداً والعدو واحداً فعليكم النصر قال تعالى: “وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” الأنفال (72) فالعدو اليوم يوجه آلة حربه على غزة ويرتكب جرائم مروعة بحق أبناء فلسطين، ولا يمكن في ظل الظروف الصمت، وبعد هذه الجريمة فإن المواجهة قد تأخذ أبعاد حرب مفتوحة.

هذه الجرائم الصهيونية الانتقامية جاءت لترمم صورة الكيان الصهيوني بعد أن لقنت المقاومة الفلسطينية الباسلة كيان بني صهيون درساً كبيراً في معاني العزة والكرامة فجر السابع من تشرين الأول، عندما انطلق رجال المقاومة من غزة في معركة عظيمة من معارك العرب الكبرى وعبرت تلك الثلة الظافرة نحو قواعد بني صهيون لتسيطر عليها في ظرف وجيز، فما حققته المقاومة أذهل الكيان الصهيوني وداعميه، إلا أن حجم الجريمة التي اقترفتها آلة البطش الصهيونية الآثمة ضد المدنيين الأبرياء في قطاع غزة ما يمكن وصفه بحرب إبادة وجريمة ضد الإنسانية وبغطاء دولي ودعم أميركي أوروبي معلن يعتبر شريكاً في هذه الجريمة مما يستلزم بالمقابل الارتقاء بردود الفعل العربية والإسلامية على أكثر من خيار وعدم الاكتفاء بالاتصالات الثنائية أو الاجتماعات الاعتيادية رغم أهمية الإجماع عليها لكنها لم تغير من الواقع شيء.

المفاجأة العسكرية الفلسطينية التي حدثت صباح السابع من تشرين الأول 2023م تمثل تحولاً نوعياً استراتيجياً في تاريخ الصراع وهزيمة مذلة تعرض لها الكيان الصهيوني أفقد هذا المحتل صوابه موجهاً قاذفاته وأسلحته وذخائره المحرمة دولياً على قطاع غزة مهلكاً الحرث والنسل ومدمراً القطاع متعمداً استهداف المنشآت المدنية من مبان ومدارس ومشاف ودور عبادة ومؤسسات الأونروا لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ومناطق مدنية مكتظة، ولم يسلم من ذلك القصف حتى النازحون بهدف الإمعان في زيادة حجم الضحايا من السكان المدنيين وخاصة الأطفال والنساء والعجزة في جريمة حرب منكرة ضد الإنسانية جاوز فيها الظالمون المدى، وهي محاولة انتقامية لاسترداد هيبة جيشه الذي تعرض لهزيمة نكراء وأجهزته الفاشلة وكيانه الذي ظهر أوهن من بيت العنكبوت عندما التقى الجمعان.

ما ينبغي الإشارة إليه أن هذه الثلة المجاهدة المرابطة من المؤمنين الصادقين الذين التزموا أوامر الله في نصرة الحق واستعادة الحقوق بالنضال والجهاد المقدس قد أعدوا العدة، فهم بين إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة وصدق فيهم قول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأتِيَ أَمْرُ اللهِ، قِيلَ: أَيْنَ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟! قَالَ: بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فهنيئاً لكم أيها الثائرون، شعب نصفه شهداء ونصفه مقاومون، نعم لقد حق الجهاد وحق الفداء ولا شك أن هذه الامة التي عرف رجالها كيف يموتون من أجل الحرية والأرض والكرامة هي أمة جديرة بالحياة وجديرة بتحقيق مشروعها العظيم الذي تناضل في سبيله.

وفقاً لمقاييس الحروب والمواجهات، فإن المقاومة حققت اليوم انتصاراً عظيماً وتحولاً نوعياً لافتاً في إطار الصراع مع العدو الصهيوني وقد نفذت المقاومة أهم مبدأ من مبادئ القتال فوالله لن تهزم هذه الفئة التي تلتزم أخلاق الحرب.

الرد الصهيوني الوحشي الذي يحاول من خلاله ترميم صورته هي جريمة إبادة أمام مرأى وسمع وبصر العالم بدعم من القوى الغربية وبيانات مساندة أميركية أوروبية مشتركة باستمرار جريمة الإبادة الجماعية بحق شعب أعزل في قطاع غزة، حيث تقطع الماء والكهرباء وتمنع الوقود وتقصف المؤسسات المدنية وللأسف العالم يتفرج على تلك الجريمة، هنا يستوجب على الأمة العربية والإسلامية أن تضطلع بدورها وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية في مواجهة الكارثة التي تحدث في قطاع غزة لإغاثة الملهوفين والأبرياء المحاصرين من المدنيين وخاصة الأطفال والنساء والعجزة فقد بلغت الجريمة ما لا يمكن تحمل تداعياته، وعليه ينبغي على جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي عقد اجتماع مشترك لمنع استمرار الجريمة الصهيونية على قطاع غزة، ويجب الارتقاء بلغة الخطاب السياسي إلى الفعل نتيجة للإمعان في جرائم الاحتلال ضد المدنيين في قطاع غزة والحصار المفروض على أكثر من مليوني نسمة، وبالتالي لا يمكن الوقوف أمام إرادة الشعوب العربية والإسلامية في مناصرة أشقائهم ومساندتهم والدفاع عنهم بكل ما يمكن من آليات ومنها فتح باب التطوع للقتال طالما لم توقف “إسرائيل” جريمتها الوحشية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل فلم يبق أي عذر للأمة العربية والإسلامية، وخاصة بعد جريمة الحرب التي طالت مستشفى المعمداني في قطاع غزة الذي سقط فيها ما يناهز 1000 شهيد وآلاف المصابين فلم يبق مجال للصمت في ظل هذه الجرائم الصهيونية. أخي جاوز الظالمون المدى فحق الجهاد وحق الفدا لإغاثة أهلنا في فلسطين، وهذا ينطلق من الواجب الإنساني والأخلاقي الذي يحتم على الأمة القيام به في ظل هذه الظروف.

*كاتب من سلطنة عُمان – صحيفة الثورة – 18 تشرين الأول 2023م