جديد 4E

آراء متباينة حول قرار إزالة البسطات: مواطنون: خسرنا تسوقاً ميسراً ورخيصاً.. البائعون: نطالب بأماكن جديدة ومنظمة.. المحافظة: تشويه للمشهد البصري

 

رولا عيسى :

ثمة من يرى في قرار إزالة البسطات من الأسواق والشوارع والأرصفة العامة في المحافظات ومنها العاصمة دمشق، قراراً مجحفاً بحقّ البائعين وأصحاب العمل الصغار المعيلين لأسرهم في ظروف مادية قاسية تواجه محدودي الدخل والأسر الفقيرة، وثمة من يرى بأنه ضرورة جاء تنفيذها متأخراً لأن أصحاب البسطات شطحوا في توسيع بسطاتهم على حساب الأملاك العامة وبات تواجدهم بشكل كثيف يشوه المشهد البصري، وغيره من حالات الفوضى واستخدام تلك البسطات كتجارة رابحة لدى البعض كونها لا تخضع لأي رسوم.

وبين الحالتين السابقتين فقد اعتبر بعض المواطنين بأنهم خسروا إحدى وسائل التسوق الميسرة لهم ولجيوبهم حيث أكد من التقتهم الثورة وأخذت رأيهم: اعتدنا على الشراء من البسطات وهي تشكّل ملاذاً للأسرة محدودة الدخل لما توفره من حاجات بأسعار أفضل من المحلات التي تشهد البضائع والسلع فيها ارتفاعاً غير مسبوق، ناهيك عن أن تواجدها بالقرب من محطّات النقل يوفر الوقت والجهد للذهاب إلى أماكن بعيدة قد لا تتوفر وسائل نقل إليها، أضف إلى ذلك تنوع المعروض فيها بما يتواكب مع حاجاتهم.

وأما عن أصحاب البسطات الذين توقفوا عن عملهم، فقد اعتبروا أن قرار المحافظة مجحف بحقّهم خاصة في ظلّ الظروف الحالية التي يعاني فيها ربّ الأسرة لتأمين عمل إضافي لدعم أسرته ونفقاتها الكبيرة، وعلى حدّ قولهم بأنهم اعتادوا على الوقوف في الأماكن القريبة من الأسواق، ناهيك عن أن وجودهم في تلك الأماكن خلق حركة للمحال التجارية، خاصة وأن غالبية المواطنين باتوا يشترون منهم نتيجة ضيق الحال، وهذا ما يؤمن لأصحاب البسطات مصدر عيش يعينهم على صعوبة تأمين الاحتياجات اليومية.

وبالنسبة لردود أفعال المحال التجارية القريبة من تلك البسطات فقد جاءت متباينة، ففي سوق الشيخ سعد هنالك من رأى بأن الخطوة تؤثر سلبياً على عمل تلك المحال لأن تواجد البسطات على مقربة منهم خلق حركة في المكان وتنوعاً في الخيارات، وشاركهم في الرأي بعض أصحاب الفعاليات التجارية الأخرى من مطاعم الفلافل والوجبات السريعة، فيما اعتبر بعضهم بأن باعة البسطات يؤثرون على عملهم ويشكلون صعوبة في حركة المتسوقين بسبب الازدحام.

أحد الآراء المطروحة يقول: لماذا لا يتم تخصيص هؤلاء البائعين بأماكن قريبة من مواقعهم التي كانوا يبيعون فيها، وأن تكون تلك الأماكن سهلة الوصول لجهة توفير وسائل النقل، وبذلك يحفظ صاحب البسطة عمله ولا يخسر محدودي الدخل هذا المنفذ لشراء ما يحتاجونه نتيجة عدم قدرتهم على الشراء من المحال والمولات الكبيرة والتي تفوق أسعارها قدرتهم الشرائية، حيث تعتبر البسطات إحدى السبل المعتمدة في عمليات التسوق الشعبي لدى مختلف دول العالم وهنالك من يخصص أيام وأسواق معينة.

ربما ردود الأفعال والآراء تباينت حول وجود البسطات وطريقة إزالتها لكن الجميع اتفق على ضرورة ألا يخسر أصحاب البسطات عملهم ومصدر رزقهم، ولابأس من وجود آلية تحفظ دخل هؤلاء من خلال تخصيص أماكن محددة لوجود البسطات بشكل منظم قريبة من الأسواق، أو تخصيص يوم معين في الأسبوع (كسوق الجمعة وسواه مما اعتدنا على السماع به قبل سنوات) في نفس أماكن تواجدهم مع تنظيم هذا التواجد وضرورة أن يحظى هؤلاء بأسواق شعبية مخصصة لهذه الغاية.

لاشك أن خطوة إزالة البسطات لم تكن مفاجأة لجهة قرار إزالتها، فمنذ سنوات يدور الحديث حول تنظيمها بغرض تجميل المدن وإيقاف بعض المستغلين لهذه الأعمال، لكن المفاجئ هو ضياع الدخل لمئات الأسر في المحافظات التي تتكل على عمل البسطات في تأمين سبل عيش مقبولة في وقت يحتاج رب الأسرة لعمل إضافي، مع الإشارة إلى أن بعض ممن يعملون في البسطات من ذوي الإعاقة نظراً لسهولة العمل بها.

مدير الأملاك في محافظة دمشق (حسام سفيرة) أكد للثورة أن حملة إزالة البسطات غير المرخصة وغير النظامية من شوارع وأحياء دمشق تأتي انسجاماً مع مطالبات أهالي المناطق ولجان الأحياء وأعضاء مجلس المحافظة الممثلين لمناطقهم ومطالبتهم بإزالة الإشغالات العشوائية التي أصبحت عامل تشويه لشوارع دمشق ومعيقة لمرور السيارات في الشوارع والمشاة على الأرصفة.

وأشار سفيرة إلى أنه مع اتخاذ قرار إزالة البسطات من شوارع وأحياء دمشق عملت المحافظة على تحديد وتخصيص ١١ ساحة تفاعلية لأصحاب البسطات بموجب قرار للمكتب التنفيذي، حيث تمّ اعتمادها في مناطق متنوعة قريبة ضمن دمشق، وحالياً العمل جار على استقبال الطلبات لتبدأ مرحلة التخصيص بعد وضع آلية مناسبة لمنح التراخيص، بالنظر إلى أن الأعداد كبيرة، بالتوازي مع السعي لوضع آلية عادلة قدر الإمكان على أن يكون جزء منها لذوي الشهداء ومصابي الحرب بنسبة تصل الى ٦٥٪ وجزء آخر بنسبة ٣٥٪ لباقي المواطنين.

صحيفة الثورة – 8 أيار 2023م