جديد 4E

مونديال السياسة والصفقات..!

السلطة الرابعة – عبد الحليم سعود:

لا خلاف بأن الرياضة عموماً تحولت إلى تجارة يشوبها الكثير الكثير من الصفقات والاستثمار السياسي ، بحيث لم تعد مجرد ألعاب جماعية أو فردية تحكمها قوانين محددة وتسودها الروح الرياضية والأخلاق كما نتوهم،  كما أنها لم تعد مجرد مناسبات يجتمع فيها المتنافسون في لعبة ما للفوز بميدالية أو كأس أو درع بل بات الأمر مختلفاً جداً، وقد تكون كرة القدم ذات الشعبية الأوسع عالميا هي من أكثر الرياضات التي  تسجل اختراقات مخجلة على هذا الصعيد، فبالنظر إلى شعبيتها الجارفة بين الفقراء والأغنياء على السواء،  باتت تخضع للمساومة والابتزاز وعقد الصفقات بين أصحاب المال على حساب الشغف الجماهيري بها.

فقد قيل الكثير حول هذا الموضوع في سنوات سابقة واعترفت جهات مختلفة بحدوث صفقات ولا سيما في مونديال اسبانيا عام 1982 يوم أخرجت الجزائر بتواطؤ ألماني نمساوي وفي مونديال أميركا عام 1994 يوم تم إخراج مارادونا بذريعة تعاطي المنشطات، ولكن مع فوز “دويلة قطر” بفرصة تنظيم المونديال الحالي قيل الكثير والكثير حول الصفقة التي جرت بين قطر والفيفا، فقطر مجرد قاعدة عسكرية أميركية وقناة إعلامية فاجرة مأجورة تبث سمومها على مدار الساعة لغاية في نفس إبليس، ولا تعدو أن تكون مجرد مجموعة من حقول النفط والغاز التي تدر مليارات الدولارات يتم إنفاقها الكثير على  دعم التشدد والتطرف الديني، فيما تؤدي حكومتها دورا وظيفيا يتغير تبعا لظروف ومصالح الدول المشغلة لها، ولا أحد يستطيع أن يدعي أن لها تاريخا رياضيا حافلا يؤهلها لاحتضان هكذا حدث، فمنتخبها المشارك في البطولة معظمه من الأجانب المجنسين، أي من المدفوع عليهم ملايين الدولارات لتمثيل قطر.

لقد شاهد العالم كيف حاول حاكم هذه المشيخة خلال حفل افتتاح المونديال تبييض وجه نظامه الظلامي القاتم واحتكار الإسلام والعروبة معا، متعمدا مصادرة الذاكرة العالمية القريبة حول رعاية مشيخته للإرهاب الاسلاموي بكل أشكاله المعروفة اليوم من جماعة الإخوان المسلمين والقاعدة وداعش وصولا إلى جبهة النصرة التي عانينا منها كلها كثيرا وما نزال في سورية الحبيبة.

اعترف بأني فقدت معظم حماسي – لا علاقة للموضوع بحركة حماس طبعا – لمتابعة هذا الحدث الرياضي العالمي الذي كنت أعشقه فيما مضى، واعتقد أن وزارة الكهرباء قد ساعدتني كثيرا في هذا…وأستغرب كل الاستغراب الضجة والتعصب اللذين يضربان البعض بسبب حدث لن يقدم أو  يؤخر في مسار حياتنا كسوريين على الأقل…فماذا لو نجحت قطر بتنظيم المونديال… وماذا يعني فوز السعودية على الارجنتين…وماذا يعني أن تفوز موزامبيق على نيكارغوا أو هندوراس على بنما- يمكن هذه البلدان غير مشاركة –  فهل يعني ذلك شيئا لأطفال سورية أو فلسطين أو اليمن..؟!

وهل هناك من يعتقد بأن هذا الحدث العالمي سيتم توظيفه لمصلحة دعم القضايا العربية مثلاً كحماية الشعب الفلسطيني من جرائم الكيان الصهيوني، وهل سيحاول “أبو مازن” – الذي حضر الافتتاح هو وعائلته وأحفاده – فك الارتباط المصيري بين الدوحة وتل أبيب ، وهل هناك من يهتم لتخليص وإنقاذ الشعوب العربية من ويلات الحرب والحصار والتجويع أو من يهتم لهذا الأمر؟!

إن المونديال الحالي – بنظري – لا يعدو كونه مئات من مليارات الدولارات المهدورة عبثاً على حدث لا يقدم ولا يؤخر في تاريخ هذه الأمة التعيسة، وعندما سينتهي بعد عشرين يوماً تقريبا سيتفرغ العرب مرة أخرى لإحصاء خسائرهم وخيباتهم ومفاقمة مشكلاتهم وسيتذكرون بعد فوات الأوان بأنهم أمة ضائعة منتهكة على هامش اهتمامات العالم…!