جديد 4E

منقسمون افتراضيا.. موحدون في الواقع..!

عبد الحليم سعود

هل السوريون منقسمون أم موحدون ..؟ هو سؤال يراودني على الدوام، وأعجز عن الوصول لإجابة حاسمة عليه رغم الكثير من المعطيات التي بحوزتي، فمن يتابع صفحات الفيسبوك سيكتشف حقيقة انقسامهم المؤلمة، إذ قلما تثار قضية أو موضوع، إلا وينقسمون حوله بطريقة ملفتة، وكأن الاختلاف فيما بينهم بات غاية في ذاته، صحيح أن الاختلاف وتعدد الآراء هو غنى وتنوع في كل مجتمع، لكن أن يصبح مدعاة للانقسام والتخوين والشتائم فهذا أكثر من مصيبة..!

 في الواقع ثمة قصة أخرى، فالسوريون موحدون – عين الله تحرسهم – ولو حاولنا إحصاء الأمور التي توحدهم لعجزنا عن ذلك، خذوا مثلا الموقف من التقنين الكهربائي وانقطاعات الكهرباء، فهذا الأمر وحده كاف لبرهان فشل نظرية الانقسام الافتراضية، عدا عن البطاقة الذكية والازدحام على الافران ووسائل النقل ومحطات الوقود والامتعاض من أداء وزارة الأسعار والرقابة…إلخ. 

 دعونا نعترف بأن مهرجان التقنين الفلكلوري السنوي للكهرباء الذي يستعيد حضوره في يومياتنا وليالينا بشكل مقيت، يزعجنا تارةً ويثير سخريتنا تارةً أخرى، لعدم عدالته، لكنْ هذا لا يمنع من رؤية النصف الملآن من الكأس، أو بعبارة أدق، الجانب (الإيجابي ) من انقطاع الكهرباء  ..

 وهذه عينة من الرؤية الافتراضية لهذه الظاهرة ولكم الحكم والتقدير على مدى وحدتنا كسوريين :

ــ باحث اقتصادي:

 التقنين يوفر الطاقة ويزيد من عمر الأجهزة الكهربائية في منازلنا، ويخفف العجز الكهربائي الناجم عن الاستجرار غير المشروع..!

ــ باحث اجتماعي:

 التقنين يزيد من دفء العلاقات الاجتماعية الحقيقية في الأسرة، ويقلّل من العلاقات “الافتراضية” عبر “السوشال ميديا”..!

ــ باحث تاريخي:

التقنين يعمق فهمنا لعصور الجاهلية والظلام، ويعطينا صورة عن إنسان ما قبل الكهرباء، ويجعلنا أكثر صلة بإنسان المغاور والكهوف..!

ــ مستثمر محلي:

 التقنين يوفّر فرصة ذهبية لأمثالي من مستوردي المولدات والبطاريات واللدات، ويوسّع الشريحة المخملية الديناصورية في المجتمع..!

ــ مواطن:

التقنين يسهم في تخفيف وطأة فواتير الكهرباء ويجعلها أكثر رحمة وأكثر عدلا،ً  ويرفع من قدراتي على تحمل أعبائها..!

 ــ محلل سياسي:

التقنين يحسّن من صحة المواطنين ويحافظ على سلامة قلوبهم وتفكيرهم كونه ينقذهم من رؤية التلفزيون ومن برامج التحليل السياسي التي أشارك فيها بصورة مستمرة..!

ــ وزارة الكهرباء:

التقنين برنامج وطني لرفع سوية الصمود الاستراتيجي، واختبار لمدى قدرتنا على مواجهة المشاريع والتحديات الخارجية، ومساهمة في إفشال المؤامرات الدولية، وتوطيد العلاقات الودية مع الدول الصديقة، وتعزيز اللحمة الوطنية..!