جديد 4E

الدكتور دريد درغام : كورونا مسلسل أميركي طويل لإنعاش الرأسمالية ..!

السلطة الرابعة

كتب حاكم مصرف سورية المركزي السابق الدكتور دريد درغام في صفحته الخاصة على الفيسبوك، مقالاً مثيراً للجدل اعتبر فيه أن المهيمنين في العالم ما زالوا يعتقدون أن الرأسمالية صالحة لكل زمان ومكان، فوجدوا في الكورونا سبباً مقنعاً لتحقيق أهدافهم، حيث تغنى الغرب لعقود باستيعاب دوله للسياحة الطبية من الخارج، ومناسبة لتبرير انهيارٍ ينشدونه، ولذلك بدأت مسرحيات الغرب بإظهار العجز الطبي.

درغام يحاول عبر مقالته تفكيك بعض الرموز والألغاز لأولئك المهيمنين التي لا تخطر على بال العفاريت ولا الشياطين.

على كل حال سواء اتفقنا مع الدكتور دريد فيما ذهب إليه، أم اختلفنا، فإن مقالته ليست جديرة بالقراءة فقط، وإنما بالقراءة وبتأمّل عميق لفهم ما قد يكون – بالفعل – يدور حولنا.

الحاكم السابق للمركزي السوري نشر مقالته بعنوان:

دريد درغام

كورونا مُذْنِبٌ طبياً ولكنه بريء اقتصادياً: هو كبش فداء لإنعاش الرأسمالية

قبل سنوات حاول مفكرون التنبيه لخطورة الأزمة الرأسمالية. ولم تقتصر التحليلات على الأكاديميين المعروفين بل صدرت عن رأسماليين بنوا مجدهم بفضل الرأسمالية وتناقضاتها. ومن بين هؤلاء “راي داليو” مؤسس صندوق التحوط الأكبر في العالم “بريدج ووتر أسوشييتس” الذي أكد عام 2018 أنه خلال سنتين تقريباً سيشهد العالم انهياراً كبيراً مشابهاً للأجواء التي مهدت للحرب العالمية الثانية؛ وأكد أن الرأسمالية تتطلب التغيير وإلا سيكون العالم بخطر إذا لم تتوقف المعاناة وتفاقم الديون والتقشف الاقتصادي ومشاكل التقاعد والضمان الصحي. وبرأيه لم تساعد آلاف مليارات الدولارات التي تم ضخها في خطة إنقاذ 2008 سوى في زيادة ثروات مالكي الأسهم على حساب الشعوب.

مضى أكثر من قرن من الزمان وما يزال المهيمنون في العالم مصرون على أن الرأسمالية التي وصلنا إليها صالحة لكل زمان ومكان. وفي كل أزمة كان الهروب إلى الامام مستمراً سواء عبر إقناع العالم بخدمات لا حاجة فعلية لها أو بتمويل الاستهلاك بالمزيد من القروض والرساميل على حساب باقي الشعوب أو أجيال المستقبل. والرأسمالية منظومة لم يقتصر اختيارها على الغرب التقليدي وإنما أصبحت نهجاً متبعاً في الغرب والشرق أيضاً وأصبحت الأساس في الانتعاش الغريب الذي شهده العالم وبالأخص الصين رغم الأزمة المالية الأخيرة.

بين انهيار مرتقب للمنظومة وتبخر الثروات وانهيار البورصات وتفاقم البطالة والفقر أو الاختباء واعتبار كورونا سبباً مقنعاً؛ يبدو أن “أروقة القرار” وجدت في كورونا الحل ومسلسلاً أميركياً طويلاً ومقنعاً. تغنى الغرب لعقود باستيعاب دوله للسياحة الطبية من الخارج. يشهد العالم أمراضاً قاتلة كالمالاريا أودت بحياة أكثر من 200 ألف خلال الأشهر الأولى من 2020 بينما لم يقتل كورونا أكثر من 40 ألف إنسان خلال الأشهر نفسها. ومع ذلك وجد الغرب في توقيت ظهور كورونا مناسبة لتبرير الانهيار؛ فبدأت مسرحيات الغرب بإظهار العجز الطبي وخاصة ما شهدناه اليوم من ارتداء أطباء الغرب أكياس القمامة بحجة عدم توافر الألبسة الواقية..

سيستمر الغرب بتمثيل دور العاجز طبياً وسيستمر إعلان بعض المسؤولين عن مرضهم إثباتاً لكونهم مثل باقي الشعب يتعرضون لهذا الخطر الداهم مما يتطلب التعاطف معهم. وسيدخل العالم في غيبوبة بانتظار إنعاش جديد للرأسمالية وإصرار على منظومة الحلم الأمريكي في حلة جديدة تتطلب الاعتراف بالآتي:

1. كثر أصحاب الثروات وكثرت استثماراتهم في الأسهم والمشتقات المالية في عالم افتراضي مترنح. فجاء كورونا حجة ملائمة لتفسير تبخر الثروات والديون المرهقة.

2. لا يكفي تبخر ثروات دول وأجيال سابقة لتحقيق الانتعاش المستقبلي: لا بد من تخفيض أسعار الطاقة وتبخير ثروات دول منافسة أو مزعجة أو غير مهتمة لمستقبل الأجيال القادمة فيها. وهذا التخفيض يمثل تريليونات لتمويل الانتعاش القادم وبعدها سيتم تعويض “لوبي” الطاقة بطرق مبتكرة.

3. سيكون في تخفيض السكان وبالأخص المتقدمين في السن حل مشاكل نفقات التأمين الصحي في العالم المتقدم ومشاكل الهجرة الوافدة من العالم المتخلف. وسيكون الطريق ممهداً لمكاسب غير مسبوقة لمصانع الأدوية في العالم. وفي جميع الأحوال من لا يموت كورونا سيموت بفقر أكبر.

4. ستتفاقم المشاكل الأمنية بسبب السرقات والخطف وغيرها من مظاهر الفقر أو الإفقار وهذا سيفيد في إعادة سطوة القبضة الحديدة في مرحلة أولى كمقدمة لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه فيعود الشعور بالأمان الكاذب.

5. يتحضر العالم حسب التصريحات الأخيرة لضخ سبع تريليونات من الدولارات وهي كالعادة ستكون لصالح المطلوب تأمين الحد الأدنى لمقاومتهم خلال الفترة الانتقالية على حساب باقي الشرائح.

وكما يقول تشرشل: بالنهاية المنتصرون هم من يكتب التاريخ.